ـ[كرم مبارك]ــــــــ[24 - 12 - 2006, 09:39 ص]ـ
قصدي يا أخي عبدالرحمن أن في النفس شيء من أمر الإنكار
وذلك من الطرفين
من المانعين ومن المجيزين
هذه المسألة يا اخي إحدى المسائل الخلافية، وأئمة السلف مختلفون في دفع القيمة في زكاة الفطر.
وترجيح هذا أو ذاك محل اجتهاد فلا يضلل المخالف أو يبدع أو ينكر عليه.
والأصل في الاختلاف في مثل هذه المسألة أنه لا يفسد المودة بين المتنازعين ولا يوغر في صدورهم، فكل منهما محسن ولا تثريب على من انتهى إلى ما سمع.
وقد كان كثير من الأئمة يقولون في حديثهم عن المسائل الخلافية: " قولنا صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب ".
ولعلي أنقل لك للفائدة ما اختصره أحد العلماء عن هذه المسألة قال:
إخراج القيمة في زكاة الفطر اختلف فيها العلماء على قولين:
الأول: المنع من ذلك. قال به الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد، وقال به الظاهرية أيضاً، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين " فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من بر، أو صاعاً من شعير، (وفي رواية أو صاعاً من أقط)، على الصغير والكبير من المسلمين. ووجه استدلالهم من الحديث: لو كانت القيمة يجوز إخراجها في زكاة الفطر لذكرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وأيضاً نص في الحديث الآخر " أغنوهم في هذا اليوم"، وقالوا: غنى الفقراء في هذا اليوم يوم العيد يكون فيما يأكلون حتى لا يضطروا لسؤال الناس الطعام يوم العيد.
والقول الثاني: يجوز إخراج القيمة (نقوداً أو غيرها) في زكاة الفطر، قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه، وقال به من التابعين سفيان الثوري، والحسن البصري، والخليفة عمر ابن عبد العزيز، وروي عن بعض الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان، حيث قال: " إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر "، وقال الحسن البصري: " لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر "، وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة: أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم، وذكر ابن المنذر في كتابه (الأوسط): إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير.
ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة، فإخراج أحد الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد، وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم، ولعل حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " أغنوهم في هذا اليوم"، يؤيد هذا القول؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه .. ، ولعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث، هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر،حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم. والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[24 - 12 - 2006, 06:27 م]ـ
شكر الله لك أخي الربيع الأول. ما أوردته أنت هو الكلام الذي لا يختلف فيه ذو عقل ودين. إنما مشكلتنا في هذه البلاد هي عدم وجود أئمة متفقهين في الدين لأن أكثر "الأئمة" في هذه البلاد غير دارسين. ففي مدينة مثل مدينة أنتورب التي أسكن فيها لا يوجد إلا إمام واحد يحمل شهادة جامعية في علوم الدين بالإضافة إلى دراسات شرعية إضافية في الشام والحجاز. أما الباقي فيحفظون القرآن الكريم عن ظهر قلب فقط ولا يعرفون من العلوم النقلية شيئا يذكر. والموجع في ذلك كله هم أن هؤلاء يتكسبون بحفظ القرآن الكريم في مناسبات الزواج والصدقة والعقيقة والوفاة الخ. نعم، يجب على المسلمين الاعتناء بحفظة القرآن ويجب عليهم أن يعطوا الأئمة لا أن يستأجروهم، ولكن ليس هكذا.
شكرا لك.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[24 - 12 - 2006, 07:31 م]ـ
كان الله في عونكم دكتور
وأسأل الله أن ييسر أمركم
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[31 - 12 - 2006, 12:24 ص]ـ
نهضت هذا اليوم مبكراً من النوم، ثم ذهبت ـ برفقة أبنائي ـ إلى المسجد لتأدية صلاة العيد. لم أطلع على الأخبار لأني أحرص على عدم فعل ذلك أيام الأعياد الفضيلة تجنباً للهم والغم ـ من كثرة مزاحمتهما لقلبي أيام الأعياد ...
كنت سعيداً فجرَ هذا العيد، على غير عادة مني في العيد، ربما لأن ابني الصغير قرأ عليَّ الفاتحة وسورة الناس بدون خطأ، فألبسته أمه جلباباً أبيض وطاقية بيضاء ـ جلبتهما له جدته من الحج العام الماضي ـ وحملتُه معي إلى المسجد، وذهبتُ به وهو يعاود القراءة عليَّ بصوت عذب ندي بلغ مني مبلغاً طربت معه حتى الوجد ...
وفي المسجد، أحسستُ أن في صوت الخطيب شيئاً ما. كان صوته حزيناً، وكانت خطبته غاضبة. وكان من دعائه آخر الخطبة: "اللهم عليك بيهود العرب قبل يهود بني إسرائيل" ... ففهمت أن بلاء شديداً كان في هذا العيد. وما لبث الشعور بالسعادة أن استحال هماً وغماً، شأن سائر أعيادي.
إنه الزمن العربي الحزين.
أعاده الله على المسلمين وقد زال الهم والغم عنهم، وامتلأت بالسكينة والسعادة قلوبهم.
عبدالرحمن.
¥