تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

* ثم إن رد الطعون والشبه التي أثارها هذا الكتاب على الإسلام وشرائعه، جانب آخر، يُؤكد به بطلان ذلك الكتاب وتهافته، وقد سبقت الإشارة إلى أن تلك الشبه قد أثارها المستشرقون قديما وأجاب على أكثرها الدارسون والباحثون.

* يُزعم في هذا الكتاب أنه وحي من الله تعالى، نزل على نبي يقال له: الصفي ـ كما تقدم ـ غير أن لا شيء يعرف عن هذا النبي، لا عن سيرته ولا دعوته ولا جهاده، فلا يعرف من هو؟ ولا إلى من ينتمي؟ ولا أين ظهر؟ ولا متى كان ظهوره؟ كل ما هنالك أن هذا الوحي نزل في سبعة أيام كما جاء في الكتاب نفسه: " واصطفيناه وشرحنا صدره للإيمان وجعلنا له عينا تبصر وأذنا تسمع وقلبا يعقل، ولسانا ينطق، وأوحينا إليه بالفرقان الحق، فخطه في سبعة أيام وسبع ليال جليدا" (الشهيد:2،ص:360 - 361) ومبالغة في الإيهام والتلبيس على الناس يقتل هذا " الصفي " على يد أعدائه المسلمين كما جاء في الكتاب "لقد طوعت لكم أنفسكم قتل صفينا شاهدين على أنفسكم بالكفر، أفتقتلون نفسا زكية، وتطمعون برحمتنا وأنتم المجرمون، لا جرم أنكم في الدنيا والآخرة أنتم الأخسرون، وختمتم بدمه آية تكوى بها جباهكم وتشهد عليكم بأنكم كفرة مجرمون، وأنه الصفي الأمين، وأن الفرقان الحق هو كلمتنا وهو الحق اليقين، ولو كره الكافرون " (الشهيد: 7، ص: 363)، وهنا يحق لنا أن نتساءل عن هذا النبي، الذي خرج وبعث، فلم يسمع به أحد، ثم قتل ولم يدر به بشر، هذا كله في هذا الوقت الذي تقارب فيه العالم، وتطورت فيه وسائل الاتصال وتقنيات التواصل بين البشر، فلو وقعت أدنى الحوادث وأقلها؛ لتسامع بها العالم، وتنادى بها البشر.

-حقيقة- هذا الكتاب ومن زعم أنه جاء به مثل الزنيم، لا يعرف له أصل ولا منبت، كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.

* وأمر آخر يدل على تناقض من وضع هذا الكتاب مع اعتقاد النصارى، ووجه ذلك: أنا نعلم أن النصارى بملتهم المحرفة لا يؤمنون بنبي يأتي بعد عيسى عليه السلام، وإنما يؤمنون بعودته مرة أخرى، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يزعمون في هذا الكتاب الداعي إلى ملتهم؛ أنه وحي الله النازل على نبي يقال له: "الصفي".

ومما يثير السخرية أن ذات الكتاب يقرر ـ في معرض تكذيبهم لنبوة محمد –صلى الله عليه وسلم- أنه لا نبي بعد عيسى عليه السلام، جاء في الكتاب" وما بشرنا بنى إسرائيل برسول يأتى من بعد كلمتنا وما عساه أن يقول بعد أن قلنا كلمة الحق وأنزلنا سنة الكمال وبشرنا الناس كافة بدين الحق ولن يجدوا له نَسْخا ولا تبديلا إلى يوم يُبْعَثون " (الأنبياء:16) فكيف يدعي واضعو هذا الكتاب بأنه وحي من الله لنبي يقال له الصفي.

* وفي الوقت الذي يقرر هذا الكتاب أن القرآن الكريم، إنما هو وحي الشياطين ورجسهم، نجده وبشكل فاضح ومخز، يحاكي القرآن الكريم، في ترتيبه، وأسلوبه، وطريقة تأليفه، بل ويقتبس من ألفاظه، وجمله، وتراكيبه ـ وفي الأمثلة التي سقناها من هذا الكتاب ما يدل على هذا ـ بل يصح أن يقال: إن هذا الكتاب تلفيق وتحوير لآيات القرآن الكريم، إذ رأيناه كثيرا ما يقتطع بعض الآيات من القرآن والمعاني فيسوقها يقرر بها باطله، ويحرف فيها ويغير، يدرك هذا من قرأ القرآن الكريم بدون أدنى مشقة، وإذا؛ فكيف يجوز لوحي الله ـ الذي زعموا ـ أن يحاكي مقلدا وحي الشياطين، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.

وإن السبب الحقيقي وراء هذه المحاكاة لأسلوب القرآن الكريم شعورهم الباطني بمدى التميز والإعجاز في القرآن الكريم نظما ومعنى.

* غير أن ما يثير السخرية حقا أن تلك المحاولة لمحاكاة القرآن الكريم ومشابهته، جاءت ركيكة على نحو مخجل، في نظم الكلام وألفاظه، وأساليبه ومعانيه، مع الأخطاء في اللغة والاشتقاق، مما يدل على أن من ألف هذا الكتاب، ليس له معرفة بأساليب العرب وبيانهم، يشعر بذلك أدنى من له تذوق للسان العربي، فضلا عن الضعف المخزي في بلاغة النظم، وبديع البيان، فسبحان من خذل أعداء الله تعالى مع ما عندهم من وسائل القوة وأسبابها، ومع ما نعرفه من تمكن نصارى العرب في اللغة، وصدق الله القائل: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير