كانت في مكتبة والدي رحمه الله التي لم تكن تزيد عن خزانة واحدة مخطوطات، ورثها والدي عن جدي الملا أحمد رحمه الله، وذكر لي والدي رحمه الله عن والدته (جدتي) رحمها الله أن جدي ترك مكتبة كبيرة فيها مخطوطات وكتب مطبوعة كثيرة، وكان والدي طفلا صغيرا عندما توفي جدي رحمه الله، فقام خال ابي بتوزيع هذه الكتب على طلبة العلم ممن كان يعرفهم، فلم تبق من هذه المخطوطات إلا اليسير .. عندي الآن منها ثلاثة مجلدات في الفقه الشافعي، ومخطوطة في البلاغة أظنها تلخيص المفتاح، ومخطوطة شعر تضم الأرتقيات لصفي الدين الحلي، ومخطوطة تضم نوادر نصير الدين الرومي الذي عرف بجحا.
أما مجلدات الفقه فاثنان منها يؤلفان كتاب الأنوار لأعمال الأبرار ليوسف الأردبيلي، والمجلد الثالث لا أعرف عنوانه ولا مؤلفه.
وقد وجدت ضمن مجلد من كتاب الأنوار رسالة خطية موجهة إلى حدي رحمه الله من أحد علماء داغستان يرجع تاريخها لأكثر من مائة عام 1319 هـ على ما أتذكر. كما وجدت قطعة من أستار الكعبة المشرفة كان جدي قد رجع بها من حجته، وأظن أنه حج مع زميله وشيخه الشيخ محمد سعيد أبي الوفا الحامدي، الذي كان من وجوه الشخصيات في أواخر الخلافة العثمانية، وقد حج مع وفد كبير قرأت عنه في كتاب عن مناقبه، ويبدو أن شيئا من أستار الكعبة المشرفة القديمة وزعت على أعضاء الوفد، وكان جدي قد أوصى أن توضع على عينيه عند وفاته، فلا أدري أوضع شيء منها وبقيت هذه القطعة الصغيرة أم نسيت فوضعت بين أوراق هذا المجلد.
هذه المخطوطات هي عندي الآن في مكة المكرمة، وبقي شيء يسير في القامشلي.
حاولت مرات كثيرة أن أقرأ هذه المخطوطات في صغري، ولكن لم أكن قادرا على فهمها وبخاصة كتب الفقه. كما طالعت في المكتبة كتابا أو كتابين في الطب لم أعد أتذكر اسمهما، ولكن أتذكر أنهما كانا عن إعداد الأدوية وعن التدابير الصحية العامة للأطفال والكبار. وأذكر أن والدي رحمه الله كان يستعمل الحجامة كثيرا، حتى والدتي مد الله في عمرها تجيد عمل الحجامة، أما أنا فلم أعمل الحجامة إلى الآن:)
انشغل والدي كثيرا بتأمين لوازم إعاشة أسرتين فما كنت أراه يطالع في الكتب التي عنده إلا نادرا، وكانت مطالعاته في كتب التفسير وكتاب التفسير الذي كان عندنا كان تفسير الخازن، وقد اطلعت عليه وأنا صغير، ووجدت فيه حكايات لم يستسغها عقلي الصغير فانصرفت عنه، ولم أناقش والدي في أمر هذه الحكايات التي عرفت بعد أن كبرت أنها من الإسرائليات، كما كان رحمه الله يطالع في كتاب الأنوار الذي أشرت إليه، وكتاب مطبوع اسمه مغني المحتاج.
ما زلت أذكر بوضوح أول يوم في المرحلة الإعدادية (المتوسطة) يوم القرعة للغة الأجنبية التي سندرسها.
الفرنسية أو الانكليزية ..
كان الزحام شديدا على صندوق القرعة، ينادى باسمك فتذهب وتمد يدك في الصندوق وتأخذ ورقة، وأنت وحظك ..
كنت خائفا جدا .. لم أكن أحب الفرنسية، فلما نادوني تقدمت في الزحام وقلبي يخفق بشدة، وأنا أدعو أن لا تكون من نصيبي الفرنسية .. مددت يدي وأدخلتها في الصندوق وترددت في أخذ الورقة ولكن المعلم صاح بي: عجل خلصنا، فارتجفت وأخذت ورقة وأعطيته إياها بيد مرتجفة، ففتحها بغلظة، وقال: خلاص روح، انكليزي. فكدت أطير من فوق رؤوس التلاميذ فرحا.
وللحديث صلة إن شاء الله.
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[02 - 10 - 2009, 01:56 م]ـ
إيهِ شيخنا الفاضل، فما أجمل وقتًا نقضيه معك.
إنا لإبداعك لمنتظرون،،
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[07 - 10 - 2009, 07:08 ص]ـ
شكراأخي الفاضل ابن بريدة ..
كانت مدرسة العروبة أكبر مدرسة في القامشلي، وفي السنة التي انتقلت فيها للمرحلة الإعدادية كانت هذه المدرسة تضم طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، فقضيت السنة الإعدادية الأولى في هذه المدرسة.
تغير النظام علينا عما كان معهودا لنا في المرحلة الابتدائية، فقد صار لكل مادة أستاذ خاص، بخلاف المرحلة الابتدائية حيث كان مدرس واحد يدرس كل المواد ما عدا مادة التربية الرياضية ..
أنا الآن لا أتذكر أساتذة المواد كلها، ولكن أتذكر بعضهم بصورة واضحة جدا ..
¥