أتذكر الأستاذ محمود مدرس اللغة الإنكليزية التي كانت جديدة علينا، كان قصيرا كبير البطن أصلع الرأس مرفوع الأنف صغير العينين، أسمر البشرة قليلا مصفرها، في أواخر الأربعينيات من عمره، دائم الجد لا أذكر أنه ضحك أو ابتسم، كان فلسطينيا من الذين نزحوا عام النكبة الأولى.
كان مخلصا في عمله فاستفدت منه كثيرا، وتعلمت الانكليزية بصورة لا بأس بها في هذه السنة، ولكني اكتشفت بعد أن كبرت أن كثيرا من الألفاظ التي تعلمنا أداءها منه لم يكن الأداء صحيحا كما يؤديه أهل اللغة الأصليون .. ولكن كان له فضل كبير في ترسيخ قواعد هذه اللغة في ذهني.
وأتذكر مدرس الموسيقى، وهذه المادة أيضا كانت جديدة علينا، ففي الابتدائية كانت عندنا مادة النشيد، أما الآن فعندنا مادة الموسيقى التي تعلمنا كيف نلحن الأناشيد ..
كان اسمه أحمد، وكان شابا وسيما كثيف الشعر، مهتما كثيرا بأناقة لباسه، يدخل قاعة الدرس ومعه عوده دائما.
علمنا السلم الموسيقي طالعا ونازلا، وعلمنا تلحين بعض الأناشيد على السلم الموسيقي، وغنيناها سوية معه على ألحان العود.
وأتذكر أستاذ اللغة العربية التي كانت تشمل القواعد والنصوص والإنشاء أو التعبير ..
إنه الأستاذ عاطف ديب .. كان في الثلاثينات من عمره أقرب إلى البدانة، فقد كان بنطاله في الغالب ينزل إلى أسفل بطنه، مائلا للسمرة، حليق اللحية والشارب .. كان من أهل الساحل السوري، لذلك كانت لهجته غريبة علينا، وكانت سببا في تبادل الابتسامات بين الطلاب، أو الضحك، وكان هذا يؤدي أحيانا إلى استثارة غضبه فيستعمل الضرب ..
رضي عني الأستاذ عاطف لما رأى تجاوبي معه في الإعراب بخاصة، وبعد أن أجرى لنا أول اختبار ووقف على درجاتي .. وعرف اسمي ولم ينسه حتى بعد أن صار موجها تربويا للغة العربية في مديرية التربية بمدينة الحسكة، وبعد أن صرت في الجامعة، فقد تفاجأت بوجوده في المديرية في أثناء مراجعتها للحصول على ساعات شاغرة لأقوم بتدريسها في بعض المدارس الإعدادية، فعرفني، وأوصى بإسناد ساعات اللغة العربية لي في إعدادية تل حميس الواقعة على بعد 30 كيلا جنوب القامشلي، وزار هو بنفسه هذه الإعدادية التي سيأتي ذكره فيما بعد، وحضر لي درسا في قواعد اللغة العربية وأعجب كثيرا بطريقة تدريسي.
ومن تبقى من الأساتذة في هذا العام تغلفهم في الذاكرة عتمة تشبه عتمة ما بعد الغروب وهو الوقت الذي كنا ننصرف فيه من المدرسة، حيث كان دوامنا يبدا بعد الظهر وينتهي بعد المغرب، فلا نصل البيت إلا على مشارف العشاء حيث تكثف العتمة.
وللحديث صلة إن شاء الله.
ـ[بل الصدى]ــــــــ[07 - 10 - 2009, 02:27 م]ـ
متابعون!!
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 10 - 2009, 02:07 ص]ـ
متابعون!!
شكرا أستاذة بل الصدى، فلولا مرورك لخلت المغنى مهجورا ..
ـ[بل الصدى]ــــــــ[16 - 10 - 2009, 07:14 م]ـ
v v v
ـ[عسولة]ــــــــ[31 - 10 - 2009, 05:47 ص]ـ
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)
شرفني دخولي على سيرتك الذاتية يادكتور بهاء, أدام الله عزك فلما عرفت سيرتك حكمت على حياتك بأنها أتعبتك, فبصراحة حزنت عليك حزناً جامداً لم أحزن على أي أحد مثل حزني على حياتك, فاكثر شيء أحزنني:
عندما كنت في الثانوية و أخبرك الآذن بالرسوب وبكيت وتألمت وعندما حست والدتك حفظها الله فيك وانجرحت من بكاءك و والدك رحمه الله لما تأثر من رسوبك لكن الحمد لله في نفس اللحظة سعدت عندما ألح عليك صديقك الذي لم يعرف نتيجته فأصر وألح عليك على أن تذهب معه إلى المدرسة ليعرف نتيجته, فعندما وجدت آذان غير الآذان السابق, فلما سأله صديقك عن اسمه ومدرسته فأنت لمحت اسمك أول واحد فصرت مبسوط, فسألته عن نتيجتك وأعطيته اسمك, وقلت له: أنا اسمي: بهاء الدين, فلما طلب منك الحلوانية بشرة النجاح فأنت من شدة الفرح جريت للبيت وأحضرت له الحلوانية, فأعطاك النتيجة بأنك من الأوائل, فالحمدلله انفرج عنك الهم وأنا حسيت بشعورك ففرحت لك.
و أيضاً في مرحلة طفولتك انحرمت من متعة الطفولة واللعب وغيره.
والذي أحزنني أكثر وأكثر ل ما اتهمك البدراوي بقلة الأدب والجهل وعدم تقدير العلماء عندما أخطأت في تأليف الكتاب ولم يعتذر لك بعد ماعدلت وتراجعت, وأيضاً الذي أجرحني ثقتك في أستاذ مشارك الذي أرسل لك تقريراً كاد أن يخرجك من الملة وكدت أن تفصل ويُلغى تعاقدك من الكلية, واتهمك بسرقة المعلومات وأنك متعالم ولم تقدر العلماء وأن ولا أحد من أفراد الأمة الاسلامية يتمسك بنحوك, وغيره من الأساتذه الذين اتهموك بدون أدلة, فأحزنني بأنك قاطعت كتب النحو.
فجزى الله الدكتور/ تركي العتيبي الذي شجعك وأنهى المشكلة خير الجزاء, فأنت تؤلف وتبحث وفي الآخر تُتَّهم بسرقة المعلومات ومتعالم وبدون أدلة؟ فهذا شيء يغيظ القلب.
وإنشاء الله مأجور على صبرك وإنشاء الله حقك لن يضيع عند الله أبداً.
فأسأل الله بأن يعوضك على كل مافات, وأن يسهل عليك البروفيسور.
ودمت بألف خير, فأنا لن أنساك بإذن الله في ظهر الغيب من الدعاء.
وتذكر دائماً قوله تعالى: (وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة * قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)
وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.