تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا، فيقول: لا، إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأُمة) رواه الحارث بن أبي أُسامة في مسنده وأبو نعيم في أخبار المهدي، قال ابن القيم في المنار المنيف: هذا إسناد جيد.

أيها المسلمون: هذه جملة من الأحاديث في خبر المهدي اخترناها لكم في هذه العجالة وهي كما ترون أحاديث صحيحة الإسناد من أصل خمسين حديثاً أو يزيدون عن عدد من الصحابة بلغوا مبلغ التواتر، بل المتواتر يثبت بأقل من ذلك عند أئمة هذا الشأن، وقد وردت أحاديث المهدي عن قرابة عشرين صحابياً ولا يسع المقام لذكرها هنا، غير أنه قد نشأت ناشئة في هذا العصر من مشايخ وأبناء تكتلات يقولون بأن خلافة النبوة ليست للمهدي الذي بُشّر به في آخر الزمان افتراءً منهم على الله ورسوله، فهؤلاء الناشئة ليسوا من أهل العلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بحقيقة المهدي رضي الله عنه، وجل اعتمادهم فيه هو مقالة أحزابهم ومشايخهم دون الاستضاءة بنور العلم، وإنّ المرء ليعجب من إصرار هؤلاء الناشئة على رفض فكرة كون خلافة النبوة الثانية لا تكون إلا للمهدي، ولا ندري أمن جهل هو أم من عصبية لأحزابهم ومشايخهم؟!! وربما من الجهتين معاً، عِلماً أنهم لا ولم ولن يستطيعوا أن يثبتوا خلاف ذلك، وكل ما قالوه فيه هو كلام في كلام، على نحو: (هل يعني ذلك أن نقعد في البيوت ولا نعمل) وعلى نحو: (هل نضع أيدينا على خدنا ولا نعمل) والجواب على هذا التنطع وهذا الإرجاف: أولاً: إن من يسمع هذا الكلام منهم يظن أنهم قد أقاموا الدين، ويظن أن فكرة كون خلافة النبوة هي للمهدي تمنع إقامة الدين أو تهدمه!!، علماً أنهم لم يقدموا شيئاً لا للأُمة ولا لفكرة الخلافة سوى الخطب والمواعظ والتحليلات، فعلام هذه الضجة وهذا الإنكار؟!، أضف إليه أن الكثير من الحركات الجهادية في الأُمة لا تعمل لإقامة الخلافة، فهل يقال إنهم قاعدون في بيوتهم ولا يعملون؟!!، أم يقال ذلك لمن يدعي العمل للخلافة ولا يقدم شيئاً لأُمة الإسلام؟!! ثم قد وردت نصوص صحيحة تأمر بالقعود في البيوت في عصر الفتن كما جاء في الصحيح من حديث حذيفة بن اليمان المطول جاء فيه (فما تأمرني إن أدركني ذلك قال: فالزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك) فهل يقال بأن هذا الحديث يدعو إلى الإحباط والتثبيط والهزيمة؟!!!، ثم قد رواه أحمد في المسند بلفظ مثير للاهتمام قال: (ثم تكون دعاة الضلالة فإن رأيت يومئذ خليفة الله في الأرض فالزمه وإن نهك جسمك وأخذ مالك وإن لم تره فاضرب في الأرض ولو أن تموت وأنت عاض بجذل شجرة) ومعلوم أنه لم تطلق لفظة خليفة الله في الأرض على أحد من خلفاء المسلمين إلا على المهدي خليفة آخر الزمان كما علمت أنفاً، فيفهم منه أنه لا يمكن أن يكون خليفة بعد عصر الفتن ودعاة الضلالة إلا خليفة الله المهدي. ثانياً: إننا لم نقل إلا أن خلافة النبوة الثانية لا تكون إلا للمهدي، على اعتبار أنه خليفة آخر الزمان كما جاءت به الأخبار الصحيحة آنفاً وهذا موافق لكون خلافة النبوة الثانية هي آخر خلافة ولا يكون بعدها إلا عيسى بن مريم عليه السلام، وموافق لكونها على منهاج النبوة أن يكون قائدها من قريش كما كانت خلافة النبوة الأُولى وكما في الحديث المتواتر (الأئمة من قريش) وموافق أيضاً لاتصاف أصحاب خلافة النبوة الأُولى بالمهدوية كما جاء في الحديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) ولم ننف وجود خلافة على غير منهاج النبوة، علماً أن هذه أيضاً لا يمكن إثباتها إلا بخبر صحيح متواتر لأنها من الغيبيات ولا تثبت بالآحاد أو بالاستنتاج، بل بالقطع ولم يثبت لها شيء من ذلك، وأما استدلالهم بحديث أُم سلمة رضي الله عنها الذي رواه أبو داوود وأحمد وغيرهما (يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام) فإن هذا الحديث فوق كونه خبر آحاد لا يصلح دليلاً على الغيبيات فإنه حديث مضطرب الإسناد مداره على قتادة وهو مدلس من الطبقة الثالثة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير