تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:32 ص]ـ

أمّا كونه بدعة: فلأنّ التبني بالمفهوم السائد عند الأحزاب والجماعات ليس عليه دليل ولم يقل به أحد لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من تابعيهم ولا سائر أئمة المسلمين من بعدهم، أي ليس له مثال سابق في الشرع، وقد جاء في الحديث الصحيح (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

فالأصل في معنى التبنّي لغة كما في لسان العرب: من تبناه: اتخذه إبناً، وامّا معناه عند الأحزاب والجماعات: فمصطلح مُستَحدَث، وواقعه عندهم: أن يختار الحزب أو الجماعة رأياً شرعياً أو عقلياً يأمر أتباعه بالتقيد به وتنفيذه والدعوة إليه ولو خالف آرائهم ولو لم يكونوا على قناعة به، ولو كان خطأً، ويأخذون منهم عَهداً أو قَسَماً على ذلك، فإنْ خالف التابع ذلك أو دعا إلى غيره ولو كان صحيحاً شرعاً، طُرد من الحزب أو الجماعة أو جمّدوا عضويته فيهما أو أهملوه.

أمّا الاستدلال على مشروعية التبني هذا عند قائله قياساً عل تبني الخليفة للأحكام، وطاعته من باب طاعة الأمير، فهو قياس مع الفارق ولا يصح، وذلك للآتي:

• فإنه وإنِ اتُفق في كون مسؤول الحزب أو الجماعة أنه أمير قياساً على الخليفة، إلا أنهما افترقا في كون الخليفة يبايع مبايعة، كما ولا يشترط في أمير الحزب ما يشترط في الخليفة في كثير من الشروط، كأن لا يكون قرشياً وأن يكون فقيها وغير ذلك.

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:33 ص]ـ

• وإنه وإنِ اتُفق في كون أمير الحزب أو الجماعة يرعى الشؤون كما يرعاها الخليفة، إلا أنهما افترقا في كون رعاية الشؤون من قبل الخليفة رعاية عملية تطبيقية من حدود وعقوبات وغير ذلك بخلاف أمير الحزب، ومن هنا جاء أن للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية، لأنه وحده يرفع الخلاف.

• وإنه وإنِ اتَفق أمير الحزب مع الخليفة في وجوب الطاعة، إلا أنهما افترقا في أنّ الخروج على الخليفة معصية تستوجب القتل في الدنيا، وليس هذا لأُمراء الأحزاب والجماعات.

• وإنه وإنِ اتُفق أنّ مسؤول الحزب أمير، إلا أنه أمير خاصّة، والخليفة أمير عامّة، وما يشترط في هذا لا يشترط للأخر فافترقا.

• وإنه وإنِ اتُفق أنّ مسؤول الجماعة أو الحزب أمير، فهذا يعني تعدد الأمراء بتعدد الجماعات والأحزاب، بخلاف عدم جواز تعدد الخليفة في الوقت الواحد.

• وإنه وإنِ اتُفق أنّ مسؤول الحزب أمير قياساً على الخليفة، فإنّ تبني الخليفة بعيد كل البعد عن تبني أمير الحزب وذلك للاتي:

اولا: لا توجد طاعة لأحد بعد طاعة الله ورسوله أوجب من طاعة الخليفة، ومع ذلك فإنه لا يُلزم الناس أنْ يتبنوا ما يتبناه أو أنْ يدعوا ويدرسوا ما يتبناه في مدارسهم الفقهية والفكرية، اللهم إلا طاعته في تنفيذ ما يتبناه فقط، فإذا كان وجوب تبني ما يتبناه الخليفة وهو من هو في الطاعة ليس عليه دليل ولم

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:33 ص]ـ

يفعله أحد من أصحاب النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- فكيف يجب تبني ما يتبناه الحزب أو الجماعة، وماهو دليله؟!!.

ثانيا: إنّ ما يتبناه الخليفة يقع ضمن دائرة رأي الإمام يرفع الخلاف من بين المسلمين لا ليزيده كما تقدم ذكره، بخلاف الأحزاب فكل حزب يتبنّى خلاف ما يتبناه الآخر، فازداد بذلك الاختلاف والنزاع.

ثالثا: إنّ الخليفة لا يتبنى في العقائد لئلا يُحرج الأُمّة وتقع بذلك الفتنة، فكيف إذا كان التبني خطأ أو كان عن غير مشورة من أهل العلم من المسلمين، كما حصل مع المأمون حينما حاول أن يتبنى في موضوع خلق القرآن وإلزام الناس أن يقولوا بقوله، فوقعت عند ذلك الفتنة، بينما الأحزاب والجماعات فهم يتبنّون في العقائد ويُلزمون أتباعهم به سواء كان خطأ أو صواباً، كما في القضاء والقدر، والهدى والضلال، وعذاب القبر، وغير ذلك.

رابعا: يكون تبني الخليفة للأحكام في الغالب عن مشورة من المسلمين، بينما كل حزب يتبنى ما يراه مناسباً له فقط ووفق مصلحته هو، ولا يستشير أحداً من المسلمين، فأصبح كل منهم يُغرّد في سربه.

فمع هذه الفوارق يسقط استدلالهم على حجية التبني قياساً على ما يتبناه الخليفة، فيصبح التبني بهذا المفهوم بدعة القرن العشرين يجب نبذها وإنكارها كائناً من كان قائلها.

وامّا كون هذا التبني لدى الجماعات الإسلامية وأحزابها حراماً: فهو آتٍ من حيث أنه لا يجوز لأحد أن يُلزم أحداً اتّباعه، أو أن يحمله على رأيه

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:35 ص]ـ

رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقد انقطعت النّبوات، غير ما أوردناه في حق الخليفة على سبيل الطاعة في التنفيذ فقط، فالفرض والواجب هو اتّباع الوحي المعصوم، فما لم يكن معصوماً فيُؤخذ منه ويُرد عليه، وهذه مسألة مُجمع عليها عند أهل الحق من أُمة الإسلام منذ العصور الأُولى الممدوحة سوى الشيعة، ولا عبرة بخلافهم، قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تُقدموا بين يدي الله ورسوله) وقال (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) وقال (واتبعوني هذا صراط مستقيم) وقال (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم).

ثم إذا كان قول الصحابي ليس بحجة وهو من هو إذا كان عن اجتهاد منه، فكيف يكون متبنى الجماعات والاحزاب والمشايخ حجة لا تجوز مخالفته وكأنه مصدر تشريعي جديد وهو عن من دون الصحابة؟!!، وليس هذا بأحسن حال من الشيعة حينما أوجبوا على الناس اتّباع مشايخهم بحجة أنهم معصومون عن الخطأ.

ومن شدة إنكار أئمة المسلمين لهذه المسألة أن أمروا بقتل مُدّعيها، ففي الإنصاف للمرداوي عن ابن تيمية قوله: (من أوجب تقليد إمام بعينه، استتيب فإنْ تاب وإلا قُتل) ثم قال: (وإنْ قال ينبغي، كان جاهلا).

وأمّا كون هذا التبني يدعو إلى الكذب: فإنّ من يلتزم بمتبنى الجماعة أو الحزب بقسم أو بعهد أو بغير ذلك ولو خالف قناعته، أوْ لو كان على يقين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير