تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:35 ص]ـ

خطأ المتبنى، ثم دعا الناس إلى هذا المتبنى، فهو الكذب والدّجل بعينه، فقد جاء في الحديث (البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في الصدر) هذا كله مع الافتراض أنّ هذا المتبنى عليه شبهة دليل أو دليل، فكيف بمتبنى يخالف ما جاء في مصادر الشرع أو خالف الراجح منها؟!!، فهو بلا شك أيضاً حرام ومعصية تؤدي بصاحبها إلى النار والعياذ بالله من ذلك.

أمّا كون المتبنى بهذا المفهوم يعطل الاجتهاد في الأُمة وهو فرض، ويُعطل الارتقاء والتجديد: فذلك أنك ممنوع من الإتيان بأي رأي أو حكم غير المتبنى ولو كان أصح دليلا وأقوى حجّة، فأنت محصور في المتبنى ممنوع من الإبداع والإنشاء الجديد، فأضحت الأُمة بهذه الأحزاب والجماعات أشبه بمجموعة مؤسسات تحكمها قوانين الأحزاب الإدارية ومتبنياتها، فقُضي بذلك على القيادات الإنسانية والشخصية في الأُمة وهذا ما أرداها وجعلها في الحضيض وفي مؤخرة الركب لِقُرابة قرن من الزمن رغم كثرة أحزابها وجماعاتها، فحينما كانت تقود الأُمة قيادات شخصية إنسانية، كابن تيمية وابن عبد السلام وغيرهما وهم فقهاء، وكموسى بن النّصير وعقبة بن نافع وصلاح الدين وهم قادة جيوش، كانت الأُمة في أوج عزتها وكانت أبعد من الخطأ والفُرقة التي وقعت فيها حينما جُعلت القيادة فيها قيادة فكرية أو معنوية متمثلة في المتبنى أو في قوانين الجماعات والأحزاب.

وأمّا كون المتبنى بهذا المفهوم يجعل الأتباع إمّعات: فلأنه يمنع من الاعتراض عليه ولو كان خطأ يقيناً، ويُلزمك بتنفيذه وهو كذلك بذريعة

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:36 ص]ـ

طاعة الأمير، عِلماً أنه ورد عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما في سنن الترمذي (لا تكونوا إمّعة تقولوا إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنّوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تُحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا) وورد عنه كما في صحيح البخاري ومسلم (لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف) وهذا يعني أنّ طاعتك للحزب وأميره هي طاعة عمياء، لا طاعة واعية وفق الشرع ووفق الراجح منه.

وأمّا كون هذا المتبنى يمنع من طاعة الله: فلأنه يدعوك لأنْ تتنازل عن رأيك الذي توصلت إليه- سواء بقناعتك إن كنت مجتهداً، أو بطمأنينة نفسك إليه ولو كان من مجتهد غيرك، وربما اتصل عملك به أيضاً- إلى رأي الحزب المتبنى ولو خالف القناعة والطمأنينة، ولو كان خطأً، فالمتبنى يطلب من أتباع الحزب أو الجماعة أن يتنازلوا عن حكم الله الذي كان في حقهم باجتهادهم أو تقليداً، إلى الرأي المتبنى ولو كان الواحد منهم مثل أبي بكر الصديق أو مثل الشافعي، وهذا محض زلل وخطأ وبدعة من أعظم البدع، لأنه لا دليل عليه البتة.

فإنْ قيل بأنّ الصحابة -رضي الله عنهم- تنازل كل منهم عن رأيه لرأي صاحبه في كثير من الأحيان، مما يدل على جواز ذلك.

الجواب عليه:

إننا لو تتبعنا ذلك لما وجدنا حالة واحدة تنازل فيها رجل منهم لصاحبه وهو يعلم أنه مخطئ أبداً، ولو كان الخليفة، وإنما كان ذلك منهم بالإجماع

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:37 ص]ـ

نزولاً عند الدليل الأقوى وعند الرأي الراجح وجوباً، وإلا كان ذلك طعناً في نزاهتهم وعدالتهم.

امّا كون هذا المتبنى يدعو إلى العصبية وإلى الفرقة: فلأنّ فيه تعصباً للرأي المتبنى مما يجعله سبباً للتباغض والتدابر ولو كان صحيحاً، وهو أشبه بالتعصب المذهبي المقيت الذي كان في عصور التدهور والانحطاط وإغلاق باب الاجتهاد، فكيف بالمتبنى إذا كان ضعيفاً أو مرجوحاً فيكون تعصباً وتمذهباً بالباطل، وفيه أيضاً تضييق على المسلمين بأن يقبلوا به دون سواه، بل وإلى نبذ ما عداه، وهذا أيضاً يخالف أبسط الأدلة التي تجيز الاختلاف في الفروع من غير شحناء ولا بغضاء ولا تنازع ولا تدابر، وفيه تعارض وتضارب لمفهوم (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خَطأٌ يحتمل الصواب).

هذه هي أهم الأسباب في عدم وجود متبنى للأحكام عند أنصار العمل الإسلامي الموحد، ولكن ربما يكون لنا فكر غير أننا لا نُلزم أصحابنا باتّباعه لا بعهد ولا بقسم، بل يلتزمون به على اعتبار شرعيته بقوة دليله وطمأنينة نفوسهم وقناعتهم له، هذا إن كان من المسائل الظنية الخلافية، قال عليه الصلاة والسلام (البر ما اطمأنت إليه النفس)، أمّا إن كان من المسائل القطعية أو المتفق عليها فلا حاجة أيضاً لا لقسم ولا لعهد للالتزام به، بل يلتزمون به على اعتبار أنه الحق وما عداهُ فهو باطل.

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:37 ص]ـ

ثم التبني في الفروع بمفهومه السائد عند الجماعات والأحزاب، يُضيّق عليهم معاشهم ودينهم كما قلنا قبل قليل، فليُترك أتباع الحزب أو الجماعة يعبدون الله عز وجل على النحو الذي يرونه مجزِءاً ومقبولاً عند الله وفق الأدلة المعتبرة ووفق المذاهب الصحيحة ما داموا مُقتنعين بأساسيات الحزب أو الجماعة، وهذا ما نحن عليه.

ثم لا يشترط فيمن يريد أن يكون من أنصار العمل الإسلامي الموحد أنْ يتكتل معنا، بل يكفيه أن يقتنع بما نُصدره من بيانات وبما نقوم به من أعمال فيقوم هو بنفس العمل أو بالدعوة إليه، لأنّ دعوتنا ليست حزبية، بل إنّ كل عمل يُعمل لمصلحة الأُمة والإسلام فنحن من أنصاره ولو لم نكن أصحابه، فلا نظن أنّ مسلماً عاقلاً يُنكر أو يَكره توحيد جهود المسلمين وتجميعهم على عمل ثبتت شرعيته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير