هذه النتيجة تم التوصل اليها بناء على افكار ثلاث مترابطة جرى التوافق حولها: الفكرة الاولى: ان الخطر الذي يتهدد أمريكا لا ينبع فقط من جماعات متطرفة او افراد يتبنون افكارا متطرفة معادية لأمريكا، وانما من الإسلام نفسه بالفهم السائد له في العالم الاسلامي وكما يجرى تعليمه في المدارس وكما يكرسه رجال الدين. احدى الباحثات التي شاركت في اعداد الاستراتيجية قالت اننا عندما نتحدث عن الاسلام “نحن نتحدث هنا عن ايديولوجية فاشية «بكل ما يترتب على ذلك.
الفكرة الثانية: انه بالتالي فان ما يحدث بالنسبة إلى الاسلام نفسه كدين هو قضية امنية أمريكية. اي مسألة تتعلق بصلب الامن الأمريكي.
الفكرة الثالثة: يترتب على هذا ان أمريكا لا يمكن ان تقف على الحياد او مكتوفة الايدي في الصراع على مستقبل الإسلام في العالم الاسلامي بين “المتطرفين” و“المعتدلين”. اي انها يجب ان تتدخل بقوة في هذا الصراع. بناء على كل هذا، تم التوافق حول ان الهدف الاساسي لهذه الاستراتيجية ليس فقط السعي الى الى تغيير المجتمعات الاسلامية والتأثير فيها وانما بالاساس تغيير الإسلام نفسه كي يظهر “اسلام معتدل «او “اسلام حديث” او ايا كانت التسمية.
في اثناء النقاش حول الاستراتيجية اثير هذا التساؤل: هل لدى أمريكا السلطة او الحق كي تتدخل مباشرة في الجدل الدائر في العالم الاسلامي حول الإسلام نفسه كدين؟ الاجابة التي تم التوافق حولها هي: نعم، ولكن بشروط ثلاثة:
اولا: ان يتم هذا بهدوء وبدون ضجيج اعلامي وسياسي.
ثانيا: ان يتم تنفيذ الاستراتيجية من خلال “اطراف ثالثة”، بمعنى ان تقوم أمريكا بتمويل ودعم منظمات ومؤسسات وجماعات محددة في الدول الاسلامية يعتبرونها “معتدلة” بحيث تتولى هي الترويج للأفكار الأمريكية وتنفذ ما تريده أمريكا.
ثالثا: ان يتم في المرحلة الاولى التركيز على تنفيذ الاستراتيجية في دول اسلامية خارج العالم العربي.
...
التوجهات العامة والتمويل
ما هي التوجهات العملية العامة في تطبيق الاستراتيجية الأمريكية؟ .. اي ما هي مجالات تطبيقها بالضبط في العالم الاسلامي والجهات التي تستهدفها؟ من واقع القراءة التفصيلية لما نشر عن الاستراتيجية في النظرية وفي التطبيق العملي، يمكن القول انها تستهدف اربعة مجالات كبرى هي:
1 - المنظمات والجماعات الاسلامية في الدول الاسلامية.
2 - الدعاة ورجال الدين المسلمون.
3 - المدارس الاسلامية.
4 - الاعلام، المكتوب والمرئي والمسموع.
اما عن تمويل الانشطة والبرامج الأمريكية المختلفة في كل هذه المجالات، فمن الملاحظ ان الدور الاساسي هنا تم اسناده الى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كي تصبح هي الممول الاول لهذه الانشطة والبرامج تحت ستار مساعدات التنمية التي تقدمها للدول الاسلامية. ولهذا، في خلال السنوات الثلاث الماضية، تمت مضاعفة الاموال المخصصة للوكالة لتقدمها كمساعدات ثلاث مرات لتصل الى اكثر من 21 مليار دولار. اكثر من نصف هذا المبلغ، اي اكثر من 10 مليارات دولار، تم تخصيصها لانفاقها في الدول الاسلامية المستهدفة، وبالتدريج تم تخصيص هذه الاموال كي يتم انفاقها على البرامج والانشطة التي تتضمنها هذه الاستراتيجية الأمريكية.
واذا اضفنا الى ذلك الاموال التي تنفقها لهذه الاغراض الجهات الأمريكية الاخرى، كأجهزة المخابرات ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع وغيرها، لأمكننا القول ببساطة انه على الاقل تم تخصيص 15 مليار دولار لتمويل تنفيذ “استراتيجية اختراق العالم الاسلامي”.
ولكن، اي برامج وانشطة بالضبط يجري تنفيذها؟ سأقدم فيما يلي عرضا موجزا لهذه البرامج في المجالات الاربعة التي اشرت اليها.
...
اختراق المنظمات الإسلامية
تعطي الاستراتيجية الأمريكية اهمية كبيرة لاختراق المنظمات والجماعات الاسلامية والتأثير على مواقفها وتوجهاتها. الاساليب المتبعة والبرامج التي يتم تنفيذها في هذا الخصوص كثيرة، لكن بحسب المعلومات المتوافرة، فان التركيز الأمريكي هنا يمضي في ثلاثة اتجاهات اساسا:
¥