تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لهذا من الطبيعي ان يمثل هذا المجال موضع اهتمام اساسي في استراتيجية اختراق العالم الاسلامي التي يجري تنفيذها. السؤال الاساسي الذي طرحوه هنا، ما الذي يمكن ان نفعله بالنسبة إلى المدارس الاسلامية؟

قبل كل شيء هناك كما نعلم الحملة الأمريكية والضغوط التي يمارسونها من اجل تغيير مناهج الدراسة في المدارس. وهو الموضوع الذي طالما تحدثنا فيه ولا نجد حاجة للتوسع فيه هنا. لكن غير هذا، هناك اساليب وطرق مختلفة وبرامج متنوعة في اطار الاستراتيجية الأمريكية يجري تنفيذها فعلا.

لعل اهم هذه البرامج والاساليب هو ان يتولى الأمريكيون بأنفسهم انشاء مدارس اسلامية بالمواصفات الأمريكية. اي تدرس البرامج التي تريدها أمريكا. وفي هذا الاطار مثلا قاموا في اوغندا بانشاء ثلاث مدارس ابتدائية. ومن اغرب الاساليب التي يتبعونها في هذا المجال ما يفعلونه في منطقة القرن الافريقي لتحدي ومنافسة المدارس الاسلامية. في هذه المنطقة تقوم اجهزة المخابرات الأمريكية بجمع معلومات عن خطط الاسلاميين لانشاء مدارس اسلامية. وبناء على هذه المعلومات يقومون باستباق هذه الخطط ويقومون هم بأنفسهم بانشاء مدارس عامة في هذه المناطق بالذات التي يعتزم الاسلاميون اقامة مدارس فيها.

وفي دول اخرى وخصوصا باكستان حيث توجد حساسية شديدة من اي تمويل أمريكي قام الأمريكيون من خلال مؤسسات خاصة وبالتعاون مع وزارة التعليم باقامة ما اسموه “مدارس اسلامية نموذجية”. وهم يأملون ان يتمكنوا من ان يمتد هذا البرنامج ليشمل الف مدرسة.

...

والإعلام طبعا

من اهم مجالات تطبيق الاستراتيجية الأمريكية ما يتعلق بالطبع بمجال الاعلام الذي يعتبرونه من اخطر المجالات في الحرب على الإسلام والمسلمين. والبرامج التي يتم تنفيذها في هذا المجال هي اكثر من ان تحصى. لكن يمكن ان نشير باختصار شديد الى بعضها.

منها مثلا ان اجهزة المخابرات الأمريكية قامت بانشاء العديد من المواقع الاسلامية المزيفة على شبكة الانترنت. مزيفة بمعنى انها مواقع تحررها المخابرات وتقول فيها كل ما تريد لكنها تبدو في الظاهر لمن لا يعلم مواقع اسلامية مستقلة. وفي نفس هذا الاطار ايضا قاموا بانشاء عشرات المواقع على الانترنت يكتب فيها كتاب عرب من الموالين مباشرة لأمريكا، وتتضمن طعنا مباشرا صريحا في الإسلام وتروج لكل المواقف والسياسات الأمريكية. واقول هذا بالمناسبة من واقع معرفتي بهذه المواقع ومن يكتبون فيها وماذا تطرح.

وغير هذا يقومون بتنفيذ عشرات البرامج الاخرى .. ترجمة كتب بعينها ونشرها .. دفع اموال لكتاب بعينهم .. تمويل انتاج برامج اذاعية وتليفزيونية .. تمويل مراكز ابحاث ودور نشر وصحف .. الخ ... الخ ... الخ.

وفي اندونيسيا مثلا، التي يعطونها اهتماما كبيرا باعتبار انها اكبر بلد اسلامي، قاموا بتمويل انتاج برنامج حواري عن “الإسلام والتسامح” تبثه الاذاعات في 40 مدينة. وقاموا ايضا بتمويل كتابة مقال اسبوعي يتم ارساله الى 100 صحيفة.

وقد اعطوا اهتماما كبيرا لما اسموه “دبلوماسية العرائس”. وفي هذا المجال خططوا لانتاج نسخة عربية من البرنامج الأمريكي الشهير “شارع السمسم” وتم انتاج النسخة العربية بالفعل تحت اسم “عالم سمسم”. وانفقت وكالة التنمية الأمريكية مبلغ 8.4 ملايين دولار لانتاج حلقات البرنامج. الفكرة الجوهرية هنا في تخطيطهم ان هذا البرنامج يدعو للتسامح والتعايش ويخفف من نوازع الكراهية لأمريكا. وليست هذه سوى نماذج محدودة جدا للاختراق الأمريكي لمجال الاعلام في العالم الاسلامي.

...

يهمني ان انهي هذه المقالات التي حاولت ان اشرح فيها بعضا من جوانب الحرب الأمريكية على الإسلام والمسلمين بملاحظتين:

الملاحظة الأولى: نلاحظ انه منذ نحو عامين حدث تحول في الخطاب الرسمي الأمريكي فيما يتعلق بهذه الحرب. الرئيس الأمريكي بوش واركان ادارته وخصوصا وزيرة الخارجية رايس اصبحوا يحرصون على وضع الحرب على العالم الاسلامي في اطار ديني صليبي مباشر. اصبحوا يضعون الحرب في اطار ما اسماه بوش الحرب على “الفاشية الاسلامية”، واصبح كل الخطاب الرسمي الأمريكي يقوم على المقارنة بين الإسلام وبين الايديولوجيتَين النازية والفاشية. وكما رأينا مما اوضحناه في هذه المقالات، لم يكن هذا التحول في الخطاب الرسمي لادارة بوش عبثا ولا هو مجرد تعبيرات انشائية. هو في اطار استراتيجية رسمية تستهدف الإسلام مباشرة وتقوم على اعتبار الصراع في جوهره صراعا دينيا.

الملاحظة الثانية: ان كل الذي ذكرته في هذه المقالات وما حاولت ان ابينه من أبعاد للحرب الأمريكية على الإسلام والمسلمين ليست كل ابعاد القضية وليست كل جوانب هذه الحرب. حقيقة الأمر ان كل ما ذكرناه ليس سوى جوانب محدودة اردنا بها ان ننبه فقط الى خطورة الهجمة على الإسلام والمسلمين، اهمية ان نعرف ما الذي يفكرون فيه ويخططون له ويقومون بتنفيذه بالفعل في اطار هذه الهجمة. ويبقى بعد ذلك ان متابعة ورصد ابعاد هذه الحرب وتطوراتها هي مهمة دائمة لكل الوطنيين الشرفاء في الامة من جميع الاتجاهات والانتماءات. فهذه حرب سوف تطول وعلينا ان نواجهها بكل ما نملك من امكانيات.

السيد زهره

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير