(وقال الإمام أحمدُ رحمه الله: ولكنَّه صاحبُ نيةٍ ومثلُه يُرفع)
[2] الصدقُ:
وهو الذي إن كان معكَ كان لك به وعدٌ من اللهِ، واللهُ لا يخلفُ الميعادَ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: < إن تصدق الله يصدقك>
فإن صدقت مع الله في أن ترفعَ الجهلَ عن نفسِكَ كان لك من الله ذلك.
وإن صدقتَ في أن تأخذَ من كلِّ علمٍ أحسنَه وتنفعَ أهلَ بلدِك كان لك من اللهِ ذلك.
وإن صدقتَ في أن تنفعَ السامعين والأجيالَ القادمةَ من المسلمين كان لك من اللهِ ذلك.
واعلم أنَّ الصدقَ لا يعجزكَ -مع التوفيق- وأنَّ تحقيقَ قصدِك لن يعجزَ اللهَ، واللهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
[3] الصبرُ:
الذي إن كان معكَ كان الله معكَ، ومالذي يعسُرُ عليكَ إن كان مالكُ الملكِ هو أعلى مؤيديكَ؟ قال تعالى: ((إنَّ الله مع الصابرين))
فاصبر يا طالبَ العلمِ فإنَّ الطريقَ موحشةٌ، واعلم أنَّك في سفرٍ وأنَّ السفر قطعةٌ من العذابِ، فليكن لسانُ حالكَ اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ، واعلم أنك تريد القمة، فيقتضي هذا منك الصعود، والصعود شديد، (والله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من يريد)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأنك تريد من الجنة أعلاها فنصيبك من المكاره أبلاها، وهذا يقتضي أن لا تعبر إليها إلا على جسر من الصبر.
(لا تحسبَ المجدَ تمراً أنت آكِلُهُ لن تبلغَ المجد حتى تلعقَ الصَّبِرَا)
[4] اليقينُ:
وهو ثاني ركنين إن تحققا فيكَ جعلكَ الربُّ إماماً تدعو إلى الهدىقال الله تعالى: ((وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا لمَّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)).
فعليك باليقينِ، فإنك كلما ازددتَ يقيناً بآياتِ اللهِ وبتحققِ وعودِ اللهِ لم تزدد على الصراطِ المستقيمِ إلا رسوخاً ولا على طلبِ العلمِ إلا جلداً، فإذا جاءت البلايا التي وَجَبَ انهيالها على الصابرينَ الموقنينَ ثبتَّ ثبوتَ الجبالِ الراسياتِِ، ثمَّ علوتَ علوَّ النجومِ الساطعاتِ.
[5] التوكلُ:
وهو ساعدك الضاربُ، وسيفك المحاربُقال تعالى: ((ومن يتوكل على الله فهو حسْبُه))
فإذا توكلتَ كفاكَ الله ما أهمكَ فلا تعتذر بالعجزِ وعدم القدرةِ، فإنما هو اللهُ، قال تعالى: ((وما رميتَ إذ رميتَ ولكنَّ الله رمى)) فإذا توكلتَ على اللهِ في طلبِ أيِّ علمٍ وسلكتَ السبيلَ الصحيحةَ إليه من التلقِّي والتدرُّجِ فاقرأ ما شئتَ واحفظ ما شئتَ ولا تقل حفظي ضعيفٌ و فهمي بطيءٌ، فإنَّ الله قد كفاكَ فلا تكوننَّ من الممترين و (المعونةُ على قدْرِ المئونةِ).
[6] التقوى:
التي تكفَّل اللهُ لمن تحلَّى بها أن يعلِّمَهُفقال عز وجلَّ: ((واتقوا الله ويعلمكم الله))
فاتق اللهَ فيما تعلم يعلمك اللهُ ما لا تعلم.
واعلم أنَّ من واقَعَ الذنوبَ، وأُشرِب قلبُه الفتنَ، فإن قلبَه لا يزال يسْوَّدُ حتى ينطفئَ نورُه.
وقد ثبتَ عند العلماءِ أنَّ الذنوبَ تنسي العلمَ، (قال الإمام الشافعيُّ رحمه الله:
شكوتُ إلى وكيعٍ سوءَ حفظي
وأخبرني بأن العلمَ نورٌ
فأرشدني إلى تركِ المعاصي
ونورُ الله لا يُهدى لعاصي)
[7] الاستغفارُ:
وهو مضادٌ للذنوبِ، فإذا كانت الذنوبُ تطفئُ نورَ الربِّ من القلبِ، فإنَّ الاستغفارَ يجلو القلبَ، ويعيدُ إليه نورَهُ، قال الله تعالى: ((إنَّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إنَّ الله كان غفوراً رحيماً)) وقد كان بعضُ العلماءِ إذا استعصى عليه الفهمُ يُكثِرُ من الاستغفارِ حتى يَفتح الله له ما استَغلقَ، فيزدادُ قوةً في الفهمِ.
[8] تدبُّر القرآنِ:
ينبوعُ الفهمِ، وهو من أعظمِ أسبابِ نزولِ القرآنِقال تعالى: ((كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ ليدَّبروا آياتِه)).
واعلم أنَّ كثرةَ التدبرِ للقرآنِ ينتجُ عنها قوةٌ في الفهمِ، وحدةٌ في الذكاءِ، والفهمُ بالمِرانِ، ولا يزالُ القلبُ يتبحرُ في هذا القرآنِ ويغوصُ في معانيهِ حتى يكونَ فهَّامةً.
فهذا من أقوى أسبابِ تقويةِ الفهمِ، إن كنتَ تريدُ قوةَ الفهمِ.
[9] حفظُ القرآنِ:
الذي شهد الله جل جلاله بالعلم لمن كانت آياتُهُ بيِّناتٍ في صدرهفقال: ((بل هو آياتٌ بيناتٌ في صدورِ الذين أوتوا العلم))
والذي ليس في جوفه شيءٌ من القرآنِ كالبيتِ الخربِ، ومن أين لبيتٍ خربٍ علم!!
¥