تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخاصة من تراكيب الكلام وهو الفقه ولايكفي فيه معرفة الدلالات الوضعية على الإطلاق بل لابد من معرفة أمور أخرى تتوقف عليها تلك الدلالات الخاصة وبها تستفاد الأحكام بحسب ما أصل أهل الشرع وجهابذة العلم من ذلك وجعلوه قوانين لهذه الاستفادة مثل أن اللغة لاتثبت قياسا والمشترك لايراد معنياه معا والواو لاتقتضي الترتيب والعام إذا أخرجت أفراد الخاص منه هل يبقى حجة فيما عداها والأمر للوجوب أو الندب وللفور أو التراخي والنهي يقتضي الفساد أو الصحة والمطلق هل يحمل على المقيد والنص على العلة كاف في التعدد أم لا وأمثال هذه فكانت كلها من قواعد هذا الفن ولكونها من مباحث الدلالة كانت لغوية (3) ثم اعلم بأن أولى ماصرفت الهمم إلى تمهيده, وأحرى ماعنيت بتسديد قواعده وتشييده, العلم الذي هو قوام الدين, والمرقي إلى درجات المتقين. وكان علم أصول الفقه جواده الذي لا يلحق, وحبله المتين الذي هو أقوى وأوثق, فإنه قاعدة الشرع, وأصل يرد إليه كل فرع. (4) فهوعلم جليل القدر, بالغ الأهمية, غزير الفائدة, فائدته: التمكن من حصول قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أسس سليمة. (5) وإن هذا العلم هو عماد فسطاط الاجتهاد, وأساسه الذي تقوم عليه أركان بنائه, (6) والناس في حضيض عن ذلك, إلا من تغلغل بأصول الفقه, وكرع من مناهله الصافية, وادرع ملابسه الضافية, وسبح في بحره, وربح من مكنون دره. (7) فإن من لم يعرف أصول معاني الفقه لم ينج من مواقع التقليد. (8) وحينئذ تعلم أنه لا يمكن للطالب أن يصير متفقها مالم تكن له دراية بالأصول, ولو قرأ الفقه سنينا

وأعواما, ومن ادعى غير ذلك كان كلامه إما جهلا وإما مكابرة. (9) فإنه لابد في استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه قانوني يفيد العلم بكيفية هذا الاستنباط وهذا هو أصول الفقه (10) فإن قيل بأن دراسة علوم اللغة تغني عن دراسة أصول الفقه لأن استمداده منها وهل أصول الفقه إلا نبذ جمعت من علوم متفرقة؟ نبذة من النحو كالكلام على معاني الحروف التي يحتاج إليها, والكلام في الاستثناء, وعود الضمير للبعض, وعطف الخاص على العام ونحوه, ونبذة من اللغة, كالكلام في موضوع الأمر والنهي, وصيغ العموم, والمجمل, والمبين, والمطلق, والمقيد, ونبذة من علم الحديث كالكلام في الأخبار, فالعارف بهذه العلوم لايحتاج إلى أصول الفقه في شئ من ذلك, وغير العارف بها لايغنيه أصول الفقه في الإحاطة بها, فلم يبق من أصول الفقه إلا الكلام في الإجماع, والقياس, والتعارض, والاجتهاد, ففائدة أصول الفقه حينئذ قليلة. فالجواب منع ذلك, فإن الأصوليين دققوا النظر في فهم أشياء من كلام العرب لم تصل إليها النحاة ولا اللغويون, فإن كلام العرب متسع, والنظر فيه متشعب, فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصولي باستقراء زائد على استقراء اللغوي. مثاله دلالة صيغة افعل على الوجوب, ولاتفعل على التحريم, وكون كل

وأخواتها للعموم, ونحوه مما نص هذا السؤال على كونه من اللغة لوفتشت لم تجد فيها شيئا من ذلك غالبا وكذلك في كتب النحاة في الاستثناء من أن الإخراج قبل الحكم أو بعده, وغير ذلك من الدقائق التي تعرض لها الأصوليون وأخذوها من كلام العرب باستقراء خاص, وأدلة خاصة لاتقتضيها صناعة النحو. (11) فصار أصول الفقه هو عماد الاستنباط وأساسه وقريب من هذا العلم علم القواعد الفقهية فهو أيضا عظيم النفع فإن الشريعة المحمدية زاد الله تعالى منارها شرفا وعلوا اشتملت على أصول وفروع وأصولها قسمان أحدها المسمى بأصول الفقه وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح ونحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة وخبر الواحد وصفات المجتهدين والقسم الآخر قواعد كلية فقهية جليلة كثيرة العدد عظيمة المدد مشتملة على أسرار الشرع وحكمه لكل قاعدة من الفروع في الشريعة مالايحصى ولم يذكر منه شئ في أصول الفقه وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقي تفصيله لم يتحصل وهذه القواعد مهمة في الفقه عظيمة النفع بقدر الإحاطة بها يعلو قدر الفقيه ويشرف ويظهر رونق الفقه ويعرف وتتضح مناهج الفتوى وتكشف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير