تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خامساً: يُقرأ في أبحاثِ المسائل و القضايا المُفردة، عند الاحتياج إلى ذلك، فبعض قضايا الفنون أفردتْ بتأليف خاصٍ، يرجع إلى ذلك التأليف أحد شخصين: متخصص بالفنِّ، فهو محتاج إلى تفاصيل مواضيعه. ومحتاج إليها في ظرفٍ طرأ، فتُقدَّر بقدرها. أما جمع تلك التآليف المُفردة للمُفردات فليس من المُستحسن لمن قصد تأصيل نفسه، و إنما يُستحسن في مستقبل العمر، حين يكون الطالب جاوز مرحلة التأصيل و بدأ في مرحلة التكميل.

سادسا: من جميل الحال أن يقرأ الطالب في أصول أوقاته، و أصول الأوقات ما كانت الهمة مجتمعة، و القلب مستريحا، و البال فارغٌ، و النفس منشرحة، و العقل متهيئ لاستقبال المعارف، و مرجع ذلك إلى أحوال الإنسان نفسه، و لا ينظر إلى تجارب الآخرين، فالتجاربُ في الأحوال الشخصية تبقى في الأعيان و لا تتجاوزهم إلى سائر الناس. لأنها ليست تجارب حياة عامة. و التجاربُ الشخصية التي تُعتبر هي ما مسَّ الحياة العامة لا الحياة الخاصة. فعليه أن يهتم بتعاليم الرجال لا بمعلوماتهم، فالتعاليم خبرة. فيفرغ الطالب لنفسه و علمه في تلك الأوقات، يقضي وقته قارئا، فيكون مُدركا في الوقت القصير الكثير من العلوم، ففي ساعات الصفاء تكون التأملات في الأعماقِ، و في الأعماقِ الدُرر.

سابعا: اصطحاب قلم العلم، تقييداً لنفيس، و تعليقاً لحَسَنٍ طارئٍ على الخاطر، في تفاعلٍ مع الكتاب، و تناغمٍ و انسجامٍ مع المعارف و العلوم. أما أن يكون مجرَّداً من قلم العلم، فإنَّه ليس إلا ماراً بعينه على حروفٍ مسطورة، و لن يخرج بشيء، إلا أنه أعمل عينه قراءة، و عقله من القراءة في براءة. و هذا ليس لائقاً بعاقل، فكيف بمن يرنو إلى أن يكون من أهل المعارف و العلوم.

ثامناً: قيادة الوقت سر النبوغ، فيجعل الطالب زمنا يُنهي فيه متن الفنِّ، و لا يجعل ذلك لقانون: كيفما اتفق. بل يرسم خطة مسيرته من البداية و حتى النهاية، و لو جدَّ لأمكنه أن يُنهي متنَيْ كلِّ فنٍّ في رُبع سنة، فيكون محصوله العلمي في السنة أربعة فنون، أوليسَ فعلَ قومٌ سابقون أكثر من ذلك؟ فما الذي يجعله غير ممكنٍ له؟!

تاسعا: أفقُ المعارف. لا يُستحسن بالطالب أن يبقى حبيس ظلِّ الفنون المتعارفة، بل ينتقل إلى علوم و فنون أُخر، فالاعتكاف على المُكرر مضيعة وقت، و العلم تحصيل للعلم، و التحصيل المحمود لما لم يكن موجوداً قبل، أما تحصيل الموجود فليس شيئاً مُلفتا للنظر. فليكن الطالب محيطاً بعلوم أُخر، و ليكن شمولياً، فالطالب تابع للمطلوب، و المطلوب هنا شامل فليكن الطالب مثله. لا مجال للاعتذار بضيق الوقت، فلا يعتذر بضيق الوقت همام و لا ساعٍ لكمال، و إنما يعتذر بضيق الوقت من فرَّط في الوقت، و لجأ إلى الكسل، و أدم الرُّقاد. و إذا أتقن الطالب قيادة وقته أدرك في القليل الكثير.

عاشرا: ليشتغل الطالب بعدُ في توظيف أصول العلوم، و مقاصد المعارف في حياته، مبتعدا عن الجزئيات و الشكليات التي تؤثر ضررا على أصول العلم، فما كُل ما يُتعلَّم يُعمل به، و ما كل ما يُعلَم يُعلَّم، و إنما أصول العلم هي التي تكون في أرض العمل، ليشتغل الناس نظراً إلى المعمولِ و هو جوهراً، و لا يشتغلون إلى ما هو جزئيٌ أو شكليٌ. فمن الجزئيات فروع القضايا التي لا تجلب ذما بالجهل بها و لا بترك العمل بها، كذلك ما يثير تساؤلاتٍ و إشكالات، لأن الطالب حيثُ كان وقته نفيساً عند الطلب فهو أنفس عن العمل. و هنا ليكن ملازما العطاء، و بذل العلم، بأي صورة كانت، فليقف على المقاصد.

التأليف في توظيف العلوم حَسَنٌ، و يكون سيئا حين يكون مكروراً، وسوءه في تكراره لا في مضمونه، وجوهر التأليف أن يكون خادما للعمل بالعلم، لا أن يكون ناقلا للعلم فقط، ففي تآليف نقل العلم غُنية، و التآليف للاحتياج و ليست للابتهاج. و لا يحقرنَّ نفسه عند التأليف، ففي كلِّ إنسان تميُّزه، و إن ألَّفَ فلن يكون شبيها حدَّ المطابقة لتأليف غيره.

ـ[الحارثي ابوسهل]ــــــــ[29 - 06 - 10, 09:18 م]ـ

تنبيهات رائعة ومهمة جعلها الله في موازين حسناتك

ـ[أبو هند محمد الجزائرى]ــــــــ[29 - 06 - 10, 10:29 م]ـ

بارك الله فيك انها نصائح غالية مخرجها نحسبه من متمرس في هذا الشان والله حسيبه نفع الله بك

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[29 - 06 - 10, 11:28 م]ـ

بارك الله فيك

ـ[مصطفي محمود محمد]ــــــــ[29 - 06 - 10, 11:37 م]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[أبو يحيى محمد الحنبلى]ــــــــ[30 - 06 - 10, 02:21 ص]ـ

جزاك الله خيرا يا أستاذنا

أجدت وأفدت ان شاء الله

فى انتظار هداياك الثمينة

فلا تحرمنا من دررك

ـ[أحمد آل حسن]ــــــــ[30 - 06 - 10, 05:50 ص]ـ

جزاك الله خيرًا.

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[30 - 06 - 10, 03:12 م]ـ

تنبيهات رائعة ومهمة جعلها الله في موازين حسناتك

الحارثي. و إياك. و بُورك بك.

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[30 - 06 - 10, 03:13 م]ـ

بارك الله فيك انها نصائح غالية مخرجها نحسبه من متمرس في هذا الشان والله حسيبه نفع الله بك

أبا هند. ليست من متمرس، و إنما طارقُ الباب يرجو فتحه. بورك بك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير