وصدرت الأوامر في سنة 1924م بإقفال المدارس الإسلامية وفُرض التعليم الرسمي الحكومي، وجرى الإعداد للانقلاب اللغوي الذي أعلنه أتاتورك عندما زار اسطنبول أول مرة بعد الانقلاب.
وأقر البرلمان استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية في 3/ 11/1928م.
وهكذا بدأ الفصل بين الأتراك وتراثهم وعلومهم ودينهم. وعلى رغم أعواد المشانق، استمر التعليم الشعبي سراً في البيوت. واستطاع الشعب الحفاظ على هويته وصار تداول الكتب العربية والعثمانية محفوفاً بالخطر لأنه الطريق إلى المشانق.
استبدلت كليات الشريعة بكليات الالهيات فخلطت الدين بالفلسفة، واستبدلت وزارة الأوقاف بدائرة الشؤون الدينية، وأقرت تعديلات قانونية لصالح التغريب سنة 1926،
وحلت عطلة يوم الأحد الأسبوعية محل يوم الجمعة سنة 1935،
وتم تعديل الدستور التركي تدريجياً في سنوات 1924م، و1928م، و1934م، و1937م.
فالمادة الثانية من دستور سنة 1924م تقر: ان الإسلام دين الدولة الرسمي. وعدلت سنة 1937م فصارت: ان الدولة التركية دولة جمهورية وقومية ودَولية وعلمانية واصلاحية.
ونشطت السفارات والقناصل الاجنبية في المجال التعليمي، وساهمت بذلك الجمعيات التي كانت سرية في العهد العثماني، فكثرت المدارس الخاصة. وحاول المسلمون الاستفادة من التعليم الخاص في عهد أتاتورك وتقدموا بعروض افتتاح المدارس، وسمحت الجمهورية التركية بانشاء مدارس خاصة بالمسلمين أسوة بغيرهم. لكنها لم تسمح بفتح المدارس المقفلة، فجمع الشعب التركي التبرعات وأسس سنة 1924 م، 26 مدرسة ضمت 302 من المعلمين و1442 من الطلبة. أقدم أتاتورك على غلق تلك المدارس ولم يبق منها سنة 1927 سوى مدرستين ضمتا 41 معلماً و287 طالباً
وخفض عدد طلاب كلية الدين في اسطنبول من 287 طالباً سنة 1926 الى عشرة طلاب سنة 1927.
ثم اغلقت المدرستان سنة 1932 وأغلقت كلية الدين سنة 1933. وبفصل الدين عن الدولة أصبح التعليم الديني مدعاة للاعتقال والاعدام، إلى أن مات أتاتورك في 01/ 11/1938م في قصر دولما باغجة في اسطنبول ونُقلت جثته إلى أنقرة.
بموت أتاتورك طوت تركيا صفحة الديكتاتورية الطاغية، وفتحت صفحة الديموقراطية الهزيلة التي مثلها الرئيس الثاني الجنرال عصمت اينونو الذي عجز عن السيطرة على المؤسسة العسكرية التي استقلت في أيامه وادعت احتكار حراسة الاتاتوركية، وأباحت لنفسها خرق القوانين والدستور بدعوى المحافظة على النظام العلماني.
حظر حزب الشعب الجمهوري الحاكم كل أنواع النشاط الإسلامي ورفض السماح في مناقشة مسألة التعليم الإسلامي في نهاية سنة 1946م.
وأقر الجنرال عصمت اينونو عقوبات صارمة قضت بزيادة العقوبات على مَن يؤذن باللغة العربية أو يرتدي الأزياء الإسلامية، فعدلت المادة 526 من قانون العقوبات، وعدلت المادة 667 سنة 1949م، لتضيف عقوبة النفي والغرامة إلى عقوبة السجن.
وفي 23/ 1/1949م أقرت الحكومة التركية منع التعليم الديني واعتبرته» من الخرافات التي سكّرت هذا الشعب لقرون، والحكومة ترفض الرجوع إلى الوراء تحت ستار الدين «.
واعتباراً من بداية أيلول (سبتمبر) 1947م، سُمح للمدارس الخاصة، بداعي مكافحة الأفكار الشيوعية، بتدريس مواد دينية تقرها قوانين حكومية خاصة.
ثم وافقت الحكومة على تدريس مواد إسلامية مقننة في المدارس السنوية.
وابتداء من كانون الثاني (يناير) 1949م، أقر اعطاء دروس خاصة للأئمة والخطباء والوعاظ، ونفذ القرار في 15/ 1/1949م في مدينتي اسطنبول وانقرة،
وتأسست كلية الالهيات في جامعة أنقرة بموجب القانون الرقم 5424 في 9/ 6/1949م.
ونظمت كلية الالهيات بشكل لا يشبه المدارس الدينية الإسلامية، بل كانت تدرس الفلسفة والكلام والمنطق وتاريخ الأديان وشيئاً من الفقه والحديث واللغات الأوروبية والفارسية والعربية. وأوكل التدريس للعلمانيين، كما كلف العلمانيون بتدريس المواد الإسلامية في المدارس ومنع المتدينون من تدريسها.
عودة الأذان باللغة العربية بعد منعه بسبع عشرة سنة
بوصول الحزب الديموقراطي الى الحكم وتشكيل حكومة برئاسة عدنان مندريس سنة 1950م؛ تنفس الناس الصعداء. ففي تلك السنة أدى فريضة الحج حوالى عشرة آلاف تركي،
وأصدرت الحكومة القانون 5665 بتاريخ 16/ 6/1950 الذي سمح ان يؤذن باللغة العربية،
¥