هذا دليل من أدلتهم، ولهم أدلة أخرى، يستدلون بحديث ولوغ الكلب، "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه"، ما قال ينتظر وينظر هل تغير أو ما تغير، قال: "فليرقه" "إذا ولغ في الإناء فليرقه" دلَّ هذا على أن النجاسة أثرت في الماء القليل ولو لم تغيره.
فهمنا المسألة؟ إذاً يا إخوة، خلاصة الباب هذا، خلاصة المسألة الأخيرة هذه ما هي؟ إذا وقعت النجاسة في الماء فإنه تنتج عندنا أربعة صور. ما هي؟
1) إما أن يكون الماء كثير متغير.
2) كثير غير متغير.
3) قليل متغير.
4) قليل غير متغير.
واضح هذا التقسيم؟ لأنه إما كثير أو قليل، ثم كل قسم متغير أو غير متغير. نمر عليها بسرعة:
الصورة الأولى: كثير متغير. ما حكمه؟ نجس بالإجماع.
الصورة الثانية: كثير غير متغير. ما حكمه؟ طهور بالإجماع.
الصورة الثالثة: قليل متغير. ما حكمه؟ هذا نجس بالإجماع.
الصورة الرابعة: قليل غير متغير. ما حكمه؟ هذا الذي فيه الخلاف، والمذهب أنه أيضاً نجس، لحديث القلتين.
ثم انتقل المصنف عليه رحمة الله إلى الماء الجاري، قال: {والجاري كالراكد} والمعنى أن الماء الجاري حكمه كحكم الراكد، هو كالراكد في الحكم، ما هو الحكم؟ الحكم من حيث كونه قليل أو كثير، فإن كان هذا الجاري قليل ووقعت فيه النجاسة، فإنه ينجس، ينجس بمجرد وقوع النجاسة، فإن تغير من باب أولى، وإن كان هذا الجاري في مجموعه كثير، هذا الماء الجاري كثير في مجموعه، ننظر لكل الماء، جميع هذا الماء الذي يجري، إذا نظرنا في مجموعه أنه كثير؛ يعني بلغ القلتين، فنقول هل هذا الماء ينجس بوقوع النجاسة أو بالتغير بالنجاسة؟ الجواب بالتغير بالنجاسة، إذا كان الماء الجاري بلغ القلتين وزاد على ذلك ووقعت فيه النجاسة ولم تغيره، فهذا الماء ما حكمه؟ طهور، وإن غيرته فحكمه نجس.
أرجو أن تضبطوا هذا الباب.
قال المصنف: {والكثير قلتان}، بدأ يبين مقدار القليل والكثير، قال: {والكثير قلتان وهما مائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل بالدمشقي واليسير ما دونهما}؛ ما دون القلتين، نقيس القلتين اليوم بمقاييس اليوم، يقولون هي ذراع وربع طولاً في ذراع وربع عرضاً في ذراع وربع ارتفاعاً، والذراع والربع مقداره بالسنتي تقريباً 67سم، وباللتر أيضاً التحديد هذا تقريبي، قرابة 300 لتر تقريباً.
انتقل المصنف إلى طهارة الآنية، قال: {الآنية} والآنية جمع إناء، والمقصود به الوعاء الذي يوضع فيه الماء، لأنه ظرف للماء الذي يتطهر به. قال المصنف، يبين الآن ما حكم الآنية التي تستعمل في الطهارة، قال: {كل إناء طاهر يباح اتخاذه واستعماله} إذاً نشترط في الطهارة في الآنية التي تستعمل في الطهارة، كم شرط؟ سنشترط شروطاً معينة.
الأمر الأول: أن يكون هذا الإناء طاهر، لا يكون نجسا
الأمر الثاني: أن يكون مباحاً، فلا يكون مغصوبا.
الأمر الثالث: أن يكون هذا الإناء ليس ذهباً ولا فضة ولا مضببا بذهب وفضة، ليس ذهباً خالصاً ولا فضة خالصة ولا إناء فيه شيء من الذهب أو فيه شيء من الفضة، يعني خالص من الذهب ومن الفضة.
وتستثنى من هذا صورة. سنأتي عليها إن شاء الله
قال: {كل إناء طاهر يباح اتخاذه واستعماله} ما الفرق بين الاتخاذ والاستعمال؟ الاتخاذ؛ يعني الاقتناء، أن يجعله عنده في البيت، يملكه. هذا هو الاتخاذ.
والاستعمال، يعني أن يستعمله في طهارة أو يستعمله في أكل أو شرب أو نحو ذلك. الآن الكلام عن الطهارة فقط، قال: {كل إناء طاهر يباح اتخاذه} أن يقتنيه الإنسان. {واستعماله إلا أن يكون ذهباً} فلا يجوز استعماله، ولا يجوز اتخاذه، {أو فضة}؛ فلا يجوز كذلك اقتناؤه ولا يجوز استعماله، لحديث حذيفة (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها، فإنا لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) والحديث الآخر (إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) قال: {إلا أن يكون ذهباً أو فضة أو مضببا بأحدهما} مضببا بأحدها، مضبب يعني فيه ضبه، ما هي الضبة؟ الضبة يعني فيه جزء من ذهب أو فيه جزء من فضة، الضبة تستعمل عادة أو قديماً تستعمل في لحام، كاللحام؛ سد كسر في الإناء مثلاً، فيسدونه ويلحمونه بهذا الذهب أو الفضة. يقول: {أو مضببا بأحدهما}، إذاً لو كان الإناء ليس من ذهب ولا من فضة لكن فيه شيء من ذهب أو شيء من فضة، قال المصنف لا يجوز.
لكن لماذا لا يجوز؟
¥