تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[19 - 01 - 2007, 12:41 م]ـ

المشتاقون إلى الجنة لهم مع ربهم تعالى أخبار وأسرار

كلما زاد ربهم في بلائهم وامتحانهم، ازدادوا صبراً واحتساباً

فهو سبحانه أكبر المنعمين، ولا يقبل أن يعامله عباده بالمجان بل يعظم لهم الأجور

وما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها ..

استمع إلى هذا الخبر العجيب

روى البخاري عن عطاء بن أبي رباح

الأمة السوداء:

جاءت إليه صلى الله عليه وسلم تلتمس منه أن يغير مجرى حياتها فقد تعذبت فيها أشد العذاب .. لا أحد يتزوجها .. ولا يجلس معها .. الناس يخافون منها .. والأطفال يضحكون منها .. تصرع بين الناس في أسواقهم .. وفي بيوتهم .. وفي مجالسهم .. حتى استوحشوا من مخالطتها .. ملت من هذه الحياة فجاءت إلى الرحيم الشفيق .. ثم صرخت من حرّ ما تجد:

إني أصرع .. فادع الله تعالى أن يشفيني ..

فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من كلامه ..

نظرت المرأة وتأملت في حالها ومرضها .. ورددت كلامه صلى الله عليه وسلم في عقلها ..

فإذا هو يخيرها بين المتعة في دنيا فانية يمرض ساكنها، ويجوع طاعمها، ويبأس مسرورها، وبين دار ليس فيها ما يشينها، ولا يزول عزها وتمكينها،

دار قد أشرقت حِلاها، وعزت علاها،

دار جلَّ من بناها، وطاب للأبرار سكناها، وتبلغ النفوس فيها مناها

فقالت الأمة المريضة يا رسول الله: بل أصبر .. أصبر يا رسول الله ..

وصبرت حتى ماتت .. وليتعب جسدها .. ولتحزن نفسها .. ما دام أن الجنة جزاؤها ..

الله أكبر .. زال نصبهم، وارتفع تعبهم، وحصل مقصودهم، ورضي معبودهم .. ما أتم نعيمهم، وأعز تكريمهم، يتقون في الدنيا .. ليفوزوا يوم القيامة ..

] إن للمتقين مفازا * حدائق وأعنابا * وكواعب أترابا * وكأسا دهاقا * لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا * جزاء من ربك عطاء حسابا" [

في الجنة:

أعد الله لهم القصور والأرائك، وأخدمهم الغلمان والملائك، وأباحهم الجنان والممالك، وسلم عليهم الرب العظيم المالك] سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار [

قال الله] والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم

صبروا ------ على الأمراض والأسقام، وعلى الأدواء والأورام،

صبروا ------ على الفقر واللأواء، والضيق والبلاء ..

صبروا ------ على حفظ الفروج، وغض الأبصار، ومناجاة ربهم في الأسحار ..

] صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار * جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار" [

أولئك الصابرون الذين اشتاقوا إلى الجنات، واستبشروا فتحملوا مرضهم، وكتموا أنينهم، وسكبوا في المحراب دموعهم، فما مضى إلا قليل حتى فرحوا بجنات النعيم

وإذا رأى أهل العافية يوم القيامة ما يؤتيه الله تعالى من الأجور لأهل البلاء ودوا لو أن جلودهم قرضت بالمقاريض ..

["جناتِ عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير * وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور * الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل استمع إلى هذا الامتحان الصعب الذي أثبت فيه المحبون أنهم إلى ربهم مشتاقون، وفي رضاه راغبون، ولسان حالهم:

فليتك تحلوا والحياة مريرة. .

الأنصار في العقبة:

عن جابر. قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم، عكاظ و مجنة، و في المواسم يقول: من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي و له الجنة فلا يجد أحداً يؤويه و لا ينصره، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر ـ كذا قال فيه ـ فيأتيه قومه و ذوو رحمه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك، و يمضي بين رحالهم و هم يشيرون إليه بالأصابع ..

فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه في الموسم فواعدناه شعب العقبة ..

فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟

قال: تبايعونني على السمع و الطاعة في النشاط و الكسل، و النفقة في العسر و اليسر، و على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و أن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، و على أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم و أزواجكم و أبناءكم

فقال العباس بن عبادة الأنصاري: يا معشر الخزرج، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟

قالوا: نعم!

قال: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال، و قتل الأشراف، فخذوه، فهو و الله خير الدنيا و الآخرة.

وقام أسعد بن زرارة فقال: رويداً يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مناوأة للعرب كافة و قتل خياركم و تعضكم السيوف. فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه. فبيبنوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله.

قالوا: يا رسول الله إن بيننا و بين الرجال حبالاً وإنا قاطعوها، وإنا نأخذك على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا؟

قال: الجنة

قالوا: ابسط يدك،

فبسط يده فبايعوه "

فعلوا كل ذلك طمعاً في مغفرة الله تعالى، وخوفاً من شر يوم الحسرة والندامة

[فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا * ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا * ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا * قوارير من فضة قدروها تقديرا * ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا * عينا فيها تسمى سلسبيلا * ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا * وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا * عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا * إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير