تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[جمع المادة المعجمية]

ـ[الثبيتي]ــــــــ[24 - 01 - 2007, 07:25 م]ـ

:::

يمكن حصر مصادر جمع المادة المعجمية لدى القدماء في مصدرين:

أحدهما: السماع والمشافهة عن العرب، وممن اعتمد هذا المصدر الخليل ابن أحمد –رحمه الله- في كتاب (العين) حيث نصّ الليث في مقدمته - كما أسلفنا- أنّ الخليل كان يملي عليه ما يحفظ وما شكّ فيه يقول له سل عنه، والخليل من أوائل العلماء الذين عاصروا جمع اللغة، وسمع عن الأعراب خاصة في الحجاز ونجد وتهامة، يضاف إلى هذا ما نجده في أثناء كتاب (العين) من روايات عن بعض من عاصر الخليل أو جاء بعده، وروى عن العرب: كالأصمعي وأبي عبيدة وسيبويه ويونس وأبي زيد وغيرهم من الأعراب الذين كان يعوّل عليهم في رواية اللغة كأبي الدقيش وعرام وزائدة وأبي ليلى.

وممن اعتمد السماع والمشافهة من المعجميين القدماء الأزهريّ في (التهذيب) فقد ذكر في مقدمته أنّ من دواعي تأليفه ((تقييد نكت حفظها ووعاها عن العرب الذين شاهدهم وأقام بين ظهرانيهم سُنيّات))).

ويقول في موضع آخر: ((ولم أُوْدِعْ كتابي هذا من كلام العرب إلا ماصحّ لي سماعاً منهم، أو رواية عن ثقة أو حكاية عن خطّ ذي معرفة ثاقبة اقترنت إليها معرفتي)) ().

وممن اعتمد السماع والمشافهة الجوهريّ في (الصحاح)؛ إذ ألزم نفسه ما صحّ عنده رواية ودراية ومشافهة للعرب في البادية وخاصة في الحجاز وربيعة ومضر إذ يقول: ((فإني قد أودعت هذا الكتاب ما صحّ عندي من هذه اللغة بعد تحصيلها بالعراق رواية وإتقانها دراية ومشافهتي بها العرب العاربة في ديارهم بالبادية. ولم آل في ذلك نصحاً ولا ادخرت وسعاً)) ().

الآخر: الرواية النقليّة ويعدّ هذا الأسلوب من الرواية مما يميّز المعاجم اللغويّة بصفة عامة حيث نلحظ أن اللاحق يروي عن السابق، وقد أشار ابن دريد إلى هذه التبعيّة؛ إذ يقول في مقدمة كتابه (جمهرة اللغة) عن الخليل وكتاب (العين): ((وكل مَنْ بعده له تَبَعٌ أقرّ بذلك أم جحد ولكنه رحمه الله ألّف كتاباً مشكلاً لثقوب فهمه وذكاء فطنته وحدّة أذهان أهل عصره)) ().

ولعل هذا ما دفع أحد خصوم ابن دريد إلى إنكار كتاب (الجمهرة) بحجة أنّه كتاب (العين)؛ إلا أنه قد غيّره. ()

وأول من اعتمد الرواية عن السابقين اعتماداً كلياً- فيما نعلم - القالي (356هـ) في كتابه (البارع في اللغة) وإنّ من الطرائف التي ذكرها محققه هو أن كتاب (البارع) ما هو إلا كتاب (العين) للخليل بن أحمد؛ لشدة التشابه بينهما. ()

وهكذا ظلّ أصحاب معاجم الألفاظ يعتمدون في جمع مادتهم المعجميّة على الرّواية النقليّة عن السابقين حتى رأينا ذلك واضحاً جلياً عند المتأخرين منهم خاصة كصاحب (المقاييس) وصاحب (اللسان) وصاحب (التّاج) فقد ذكر الأول أنّه اعتمد في جمع مادته المعجمية على خمسة كتب هي: كتاب العين للخليل، وإصلاح المنطق لابن السّكيّت، والجمهرة لابن در يد، وغريب الحديث، ومصنّف الحديث لأبى عبيد، حيث يقول في مقدمته:

((فهذه الكتب معتمدنا فيما استنبطناه من مقاييس اللغة وما بعد هذه الكتب فمحمول عليها وراجع إليها)) ().

ويفصح ابن منظور في (اللسان) عَنْ أنّه نقل معجمه عن سابقيه كتهذيب اللغة للأزهري، والمحكم لابن سيده، والصحاح للجوهري، والحواشي لابن بريّ، والنهاية لابن الأثير. وفي ذلك يقول:

((وقد نقلت من كلّ أصل مضمونه ولم أبدل منه شيئاً بل أديت الأمانة وما تصرفت فيها بكلام غيرما فيها فليعتدّ من ينقل عن كتابي هذا أنّه إنمّا ينقل عن هذه الأصول الخمسة)) ().

ويذكر الزَّبيديّ صاحب (التاج) أنّه جمع مادته المعجميّة مما يقرب من مائة وعشرين كتاباً من بينها المعاجم السابقة: كالجمهرة والتهذيب والمحكم والصحاح والمجمل ولسان العرب والتكملة وأساس البلاغة وغيرها موضحاً في مقدمته أنّ عمله اقتصر في كتابه (تاج العروس) على جمع ما تفرّق في هذه الكتب، إذ يقول:

((وجمعت منها في هذا الشرح ما تفرّق وقرنت بين ما غرّب منها وبين ما شرّق وأنا مع ذلك لا أَدعي فيه دعوى فأقول شافهت أو سمعت أو شَدَدْت أو رحلت وليس لي في هذا الشرح فضيلةٌ سوى أنني جمعت فيه ما تفرق في تلك الكتب)) ().

وخلاصة القول أنّ الأخذ والاعتماد على السابقين في جمع المادة المعجمية أدى إلى وفرة المجموع وتضخمه واعتبار اللغة العربية وحدة واحدة مع اختلاف القبائل ألفاظا، وتراكيبَ ولهجةً، إذ لم تكن تلك الوفرة وذلك المجموع في درجة واحدة من الصحة فتطرق الخلل إليه أحياناً من وجوه أهمها:

1 - تعدد الأقوال في الوحدة المعجمية الواحدة.

2 - فُشُوُّ ظاهرة التصحيف والتحريف نتيجة اعتماد المتأخرين على النقل عن السابقين.

3 - الخلط بين مستوى الفصحى واللهجات العربية وقد كان لذلك الأثرالأكبر في بروز ظواهرلغوية كظاهرة: المشترك والترادف والأضداد، أو تعدد صيغ الجمع الواحد، أو تعدد المصادر ونحوها.

4 - وجود ثغرات في جمع المادة المعجميّة أدت إلى ضياع كثير من الثروة اللغويّة التي كان حقها أن تأخذ مكانها في المعجم اللغويّ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير