[قصص للعبرة ... المشتاقون إلى الجنة]
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[04 - 01 - 2007, 05:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قصص للعبرة، حبذا المشاركة من الجميع لتعم الفائدة والأجر
المشتاقون إلى الجنة
الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا
ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها شغلا
وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللا
وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولا.
الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا
وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل
والحمد لله الذي رضى من عباده باليسير من العمل
وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل
وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة
وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق خلقه عبثاً، ولم يتركهم سدى
بل خلقهم لأمر عظيم وخطب جسيم
عرض على السموات والأرض والجبال فأبين وأشفقن منه إشفاقاً ووجلا
وحمله الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً
والعجب كل العجب من غفلة من لحظاته معدودة عليه
وكل نفس من أنفاسه إذا ذهب لم يرجع إليه
وإنما يتبين سفه المفرط يوم الحسرة والندامة
إذا حشر المتقون إلى الرحمن وفدا وسيق المجرمون إلى جهنم ورداً
فالأولون في روضات الجنة يتقلبون وعلى أسرتها يجلسون وعلى بطائنها يتكئون
وأولئك في أودية جهنم يصطلون، جزاء بما كانوا يعملون
ومن هنا اشتاقت نفوس الصالحين إلى الجنة
حتى قدموا في سبيل الوصول إليها كلَّ ما يملكون
هجروا لذيذ النوم والرقاد، وبكوا في لأسحار، وصاموا النهار، وجاهدوا الكفار،
فلله كم من صالح وصالحة اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا إليها
من حسن أعمالهم، وطيب أخبارهم، ولذة مناجاتهم،
وكان لكل واحد منهم، ولكل واحدة منهن مع الله جل جلاله أخبار وأسرار، لا يعرفها غيره أبداً، جعلوها بين أيديهم عُدداً
لا يطلبون جزاءهم إلا منه، فطريقهم إليه، ومعولهم عليه، ومآلهم يكون بين يديه
فلا إله إلا الله .. كم بكت عيون في الدنيا خوفاً من الحرمان من النظر إلى وجه الله الكريم
فهو سبحانه أعظم من سجدت الوجوه لعظمته، وبكت العيون حياءً من مراقبته، وتقطعت الأكباد شوقاً إلى لقائه ورؤيته
فالمشتاقون إلى الجنة لهم مع ربهم تعالى أخبار وأسرار
فإليكم شيئاً من أخبارهم، وطرفاً من أسرارهم ..
أول هذه الأخبار
ما أورده ابنُ الجوزي في صفة الصفوة وابنُ النحاس في مشارع الأشواق عن رجل من الصالحين اسمه أبو قدامة الشامي ..
وكان رجلاً قد حبب إليه الجهاد والغزو في سبيل الله، فلا يسمع بغزوة في سبيل الله ولا بقتال بين المسلمين والكفار إلا وسارع وقاتل مع المسلمين فيه، فجلس مرة في الحرم المدني فسأله سائل فقال:
يا أبا قدامة أنت رجل قد حبب إليك الجهاد والغزو في سبيل الله فحدثنا بأعجب ما رأيت من أمر الجهاد والغزو
فقال أبو قدامة: إني محدثكم عن ذلك:
خرجت مرة مع أصحاب لي لقتال الصليبيين على بعض الثغور (والثغور هي مراكز عسكرية تجعل على حدود البلاد الإسلامية لصد الكفار عنها) فمررت في طريقي بمدينة الرقة (مدينةٍ في العراق على نهر الفرات) واشتريت منها جملاً أحمل عليه سلاحي، ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم على الجهاد والإنفاق في سبيل الله، فلما جن علي الليل اكتريت منزلاً أبيت فيه، فلما ذهب بعض الليل فإذا بالباب يطرق عليّ، فلنا فتحت الباب فإذا بامرأة متحصنة قد تلفعت بجلبابها،
فقلت: ما تريدين؟
قالت: أنت أبو قدامة؟
قلت: نعم،
قالت: أنت الذي جمعت المال اليوم للثغور؟
قلت: نعم، فدفعت إلي رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية،
فنظرت إلى الرقعة فإذا فيها: إنك دعوتنا إلى الجهاد ولا قدرة لي على ذلك فقطعت أحسن ما فيَّ وهما ضفيرتاي وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك لعل الله يرى شعري قيد فرسك في سبيله فيغفر لي،
قال أبو قدامة: فعجبت والله من حرصها وبذلها، وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة.
فلما أصبحنا خرجت أنا وأصحابي من الرقة، فلما بلغنا حصن مسلمة بن عبد الملك فإذا بفارس يصيح وراءنا وينادي يقول: يا أبا قدامة يا أبا قدامة، قف عليَّ يرحمك الله،
¥