حكاية سحَّارة (14)
ـ[معاوية]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 07:49 ص]ـ
..
قراءة من كتاب خرافي
لعبد الله بن محمد الغذامي ....
14 - حكاية سحَّارة
ــ 1 ــ
اكتشف سمير حقيقة ما يحدث في المدرسة، وأحس بخطورة هذا الاكتشاف، وقد ذكر لي سمير ـ في مكالمته الهاتفية معي ـ أن هذا الاكتشاف قد أصابه بالرعب واليأس معًا فقد ظهر له الأستاذ الناظر في صورة معاكسة لك المثل والقيم التي يتوخاها فتى في سن سمير من ذوي الشأن ورموز المجتمع. فقد اتضح أن الأستاذ حسون يحمل في طيات نفسه نوايا شريرة ضد (السدرة)، هذه الشجرة الكريمة المباركة التي تظلّل المدرسة وتباركها وتحوطها بالخضرة والنماء وتختزن للمدرسة ومرتاديها نغمات الحياة والأمل متمثلاً بصوت أسراب العصافير والطيور التي تتخذ من الشجرة مأوى لها وتطلق تغاريدها في أرجاء المدرسة وكأنها بذلك تعلن للجميع عن آمال الحياة والفرح، بعد أن ساد الحزن والضيق في هذه المدرسة المنكوبة بناظرها.
ـ[معاوية]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 09:47 م]ـ
لقد اتضح لسمير أن شجرة الحياة هذه مهددة بالموت، وأن الذي يسعى ويخطط لاغتيالها هو الرجل الذي كان يفترض أنه ناظرها وحاميها.
عقدة الأستاذ حسون ومشكلته هي الشجرة، لأنها الكائن الوحيد الذي ظل يتكلم وينمو ويزدهر بالخضرة والطيور والحياة. ولما يزل لسان الشجرة هو اللسان الوحيد الناطق في هذه المدرسة.
ولذا راح حسون يقطع الماء عن الشجرة، ويطلق قطعان الخراف الجائعة لتأكل ورقاتها الخضراء. وراح يضغط على المعلم مسعود لكي يخون عهده مع هذه الشجرة المباركة، وراح يدفع به لكي يعتدي عليها ويغريه بكل الوسائل ليفعل فعلته، وإذا لم ينفع الإغراء فإنه لن يتردد في استعمال وسائل إرهابية تجبر مسعود على الغدر والخيانة. وبذا يتمكن الناظر من القضاء على مسعود والشجرة معًا.
ـ[معاوية]ــــــــ[24 - 10 - 2006, 01:22 م]ـ
ــ 2 ــ
اتضحت المشكلة لسمير، وبقي عليه أن يبحث عن حلول تخرج معلمه مسعود من سجنه، وقد خلا له الجو بعد خروج الناظر من المدرسة، وحلول الظلام الذي كلل المبنى بغطائه الكثيف. لم يكن سمير يخشى شيئاً الآن سوى أن يكتشف والده غيابه وتأخره عن البيت وقد يفتضح أمره لو أن والده اتصل بناظر المدرسة للسؤال عنه، أو لو فكر أحد رجال الشرطة في البحث عنه في المدرسة.
أخافه هذا الهاجس، ولكنه قرر إسكات هواجسه هذه بالعمل الجاد لإنقاذ معلمه ـ أولاً ـ وليكن بعد ذلك ما يكون.
راح سمير إلى غرفة المختبر الصوتي حيث تم احتجاز المعلم مسعود وطرق باب الغرفة عدة طرقات ولكن لا أحد يجيب، وراح ينظر من خلال النافذة الجانبية وعلى الرغم من الظلام الحالك فإنه استطاع أن يلمح خيال المعلم مسعود وسط الغرفة، ووصل إليه صوت أنفاسه الخافتة، فطرق عليه زجاج النافذة ولكنه لم يظهر أي حركة وكأنه قد فقد قدرته على السمع والملاحظة. هذا الرجل الذي كان من أدق الناس ملاحظة ومن أشدهم إحساساً صار لا يحس ولا يلاحظ.
ازداد خوف سمير من الظلام والوحشة ومن حالة المعلم وجفاف الحياة فيه، ومن هاجس اكتشاف أمره وإحباط خطته.
وهذا دفعه إلى كسر زجاج النافذة والدخول إلى المختبر حيث راح يهز معلمه ويضرب على صدره طالبًا منه التكلم أو في الأقل التحرك والإشارة. ولكن مسعود لا يبدي أي تجارب مع محاولات سمير.
ـ[مشمش]ــــــــ[28 - 10 - 2006, 04:02 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكمل أكمل
وماذا بعد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[معاوية]ــــــــ[28 - 10 - 2006, 01:02 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا يا مشمش
نطَّ سمير مسرعًا وسط الظلام نحو غرفة الإدارة حيث هناك برادة ماء مغلق عليها داخل الغرفة، وكسر النافذة ودخل إلى الغرفة حيث احتسى بين يديه قطرات من الماء راح يجري بها نحو المعلم ليرشه بما تبقى من القطرات، وكرر ذلك مرات سبعًا، وفي كل مرة يصب قطرات الماء على وجه مسعود وعلى لسانه وعلى أذنيه وصدره. ومع كل قطرة ماء كان مسعود يستيقظ شيئًا فشيئًا حتى عادت إليه أنفاسه وفتح عينيه وتحرك لسانه، ثم صحا من غيبوبته، ونهض منزعجًا ومرتبكًا ومحتارًا. وحاول أن يسأل سمير عما جرى. ولكن سمير بادره طالبًا منه الخروج فورًا من الغرفة، وذهب الاثنان معًا وتعاونا على حمل برادة الماء حيث دفقا ماءها كله في حوض الشجرة، وما إن فعلا ذلك حتى أنارت حيطان المبنى وتفتحت كل الأبواب المغلقة وتنفس المكان كله بأنفاس الحياة والبشاشة والفرحة.
ـ[مشمش]ــــــــ[28 - 10 - 2006, 08:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميل جداً
وماذا حدث بعد ذلك؟
ـ[معاوية]ــــــــ[29 - 10 - 2006, 02:55 م]ـ
ــ 3 ــ
خرج سمير ومعه معلمه مسعود، وفي طريقهما إلى منزل سمير، كشف سمير لمعلمه أسرار الناظر حسون وحكايته مع الشجرة والخراف وتصرفه مع مسعود وإغراءاته له ليأكل من الشجرة ويرتكب الإثم ويقع في معصية قد لا تكفي حياته وحياة نسله لمسح عواقبها.
كان سمير يروي لمعلمه الحكاية وهم يعبرون شوارع القرية مشيًا على الأقدام، ووصلوا منزل سمير حيث كان أبوه يبحث عنه وكانت أمه تطل من شرفة الدار تستمع إلى كل خطوة تهب بها نسائم الظلام داعية الله أن تكون هذه خطى سمير معافى سليمًا.
لقد عاد سمير إلى بيته سليمًا ولكنه قد نسي شيئًا واحدًا في عملية الإنقاذ الشجاعة.
لقد نسي الخراف، التي ما زالت تعيش في المدرسة، وهذه هي جيش حسون المتربص بالشجرة.
وإن كان في مقدور المعلم مسعود أن يفر بجلده وبجسده خارج أسوار المدرسة ويبتعد عن حسون وبطشه، فإن الشجرة لما تزل حبيسة داخل تلك الأسوار تحت سلطة حسون وخرافه المدربة على الجوع والنهم والجشع والطاعة العمياء. وستظل هذه الخراف متربصة بالشجرة مطيعة أمر سيدها في استئصال كل ورقة خضراء في تلك السدرة المباركة.
نسي سمير الخراف، ولم يعلم بغلطته هذه إلاّ حينما سأله معلمه مسعود وهو يودعه على باب داره.
طارت الفرحة مع ذلك السؤال وبدأ هم جديد يثقل كاهل سمير ويتحدى حيل مسعود.
انتهت الحكاية الرابعة عشر