[روحوا القلوب]
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[30 - 10 - 2006, 07:30 م]ـ
لا حاجة لي بشيء
ظل محمد بن واسع الأزدي يجاهد المشركين تحت راية يزيد بن المهلب حتى اقترب موعد الحج. فلما لم يبق أمامه غير وقت قصير، دخل على يزيد، واستأذنه في الانصراف إلى القيام بالنسك، فقال له يزيد: إذنك بيدك يا أبا عبدالله، فامض متى شئت، وقد أمرنا لك بمبلغ من المال يعينك على حجك. فقال له: وهل ستأمر بمثل هذا المال لكل جندي من جنودك أيها الأمير؟!
فقال: لا فقال: لا حاجة لي بشيء أخص به من دون جند المسلمين. ثم ودعه وانصرف.
افتخار سلمان
عن أبي الأحوص قال: افتخرت قريش عند سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال سلمان: لكني خلقت من نطفة قذرة، ثم أعود جيفة منتنة، ثم يؤدي بي إلى الميزان فإن ثقلت، فأنا كريم، وإن خفت، فأنا لئيم.
ثلاث اعجبتني
عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني: مؤمل دنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك ملء فيه لا يدري أساخط رب العالمين عليه، أم راض عنه. وثلاث أحزنني حتى أبكينني، فراق محمد وحزبه، وهول المطلع والوقوف بين يديي ربي عز وجل، ولا أدري إلى جنة أو إلى نار.
زاد الراكب
في خلال وجود أبي الدرداء في بلاد الشام قدم عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب متفقداً أحوالها، فزار صاحبه أبا الدرداء في منزله ليلاً، فدفع الباب، فإذا هو بغير غلق، فدخل في بيت مظلم لا ضوء فيه، فلما سمع أبو الدرداء حسه قام إليه، ورحب به وأجلسه. وأخذ الرجلان يتفاوضان الأحاديث، والظلام يحجب كل منهما عن عيني صاحبه. فَجَسَّ عمر وِسَادَ أبي الدرداء فإذا هو برذعة، وجس فراشه فإذا هو حَصى، وجس دثاره فإذا هو كساء رقيق لا يفعل شيئاً في برد» دمشق «. فقال له: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟! ألم أبعث إليك؟! فقال له أبو الدرداء: أتذكر - يا عمر - حديثاً حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وما هو؟ قال: ألم يقل:» ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد راكب «؟ قال: بلى. قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ فبكى عمر وبكى أبو الدرداء. وما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى طلع عليهما الصبح.
فها هو خير القرون يبكون فكيف بي وبك، فمثل لنفسك يا مغرور وقد ترادفت عليك الهموم والكروب وأحاطت بك الأهوال والخطوب، وأظهرت لك القبائح والعيوب، وأثقلت ظهرك الأوزار والذنوب.
اغتنم دعوة المبتلى
عن عبدالرزاق قال: أنبأ معمر عن صاحب له: أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان: يا أخي، اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع العباد رده، واغتنم دعوة المبتلي، يا أخي، ليكن المسجد بيتك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:» المساجد بيت كل تقي وقد ضمن الله عز وجل لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله عز وجل «، ويا أخي، ارحم اليتيم وأدنه، وأطعمه من طعامك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وأتاه رجل يشتكي قساوة قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» أتحب أن يلين قلبك؟» فقال: نعم. قال:» أدنِ اليتيم منك وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، فإن ذلك يلين قلبك، وتقدر على حاجتك «.
يا أخي، لا تجمع ما لا تستطيع شكره، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:» يجاء بصاحب الدنيا يوم القيامة الذي أطاع الله عز وجل فيها، وهو بين يدي ماله ومالُه خلفه وكلما تكفأ به الصراط قال له صاحبه: امض، فقد أديت الحق الذي كان عليك «، قال:» ويجاء بالذي لم يطع الله عز وجل فيه وماله بين كتفيه، فيعثره ماله ويقول له: ويلك، هلا عملت بطاعة الله عز وجل.
تفكروا واعتبروا
اجتمع أبو الدرداء بأهل دمشق، فوقف فيهم وقال: يا أهل» دمشق «أنتم الإخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء، يا أهل» دمشق «، ما الذي يمنعكم من مودتي والاستجابة لنصيحتي وأنا لا أبتغي منكم شيئاً؛ فنصيحتي لكم، ومؤنتي على غيركم. ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون؟! وأراكم قد أقبلتم على ما تكفل لكم به الله عز وجل، وتركتم ما أمرتم به؟! ما لي أراكم تجمعون ما لا تأكلون!! وتبنون ما لا تسكنون! وتؤملون ما لا تبلغون!! لقد جمعت الأقوام التي قبلكم وأملت. فما هو إلا قليل حتى أصبح جمعهم بورا، وأملهم غرورا، وبيوتهم قبورا، هذه» عاد «- يا أهل» دمشق «-
¥