تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مصطلحات المماثلة ودلالاتها في الفكر الصوتي عند سيبويه]

ـ[زيد الخيل]ــــــــ[26 - 11 - 2006, 01:49 ص]ـ

:::

مصطلحات المماثلة ودلالاتها في الفكر الصوتي عند سيبويه ـــ جيلالي بن يشو (*)

تعريف المماثلة: Assimilation:

لغة:

يقول ابن منظور (ت 711 هـ) في مادة (م، ث، ل): "هذا مِثْلُه ومَثَلُه كما تقول شبه وشَبَهَهُ، قال ابن بري: وأما المماثلة فلا تكون إلا في المتفقين ... والمثل: الشبه، تقول: مِثْلٌ ومَثَلٌ، وشِبْهٌ وشَبَهٌ، بمعنى واحد" (1).

اصطلاحاً: يعرفها دانيال جونز ( Daniel Jones) بأنها: "عملية إحلال صوت محل صوت آخر تحت تأثير صوت ثالث قريب منه في الكلمة أو الجملة، ويمكنها أن تتسع لتشمل تفاعل صوتين متواليين ينتج عنهما صوت واحد مختلف عنهما" (2). وجاء في تعريف بروسنهان Brosnahan بأنها: "التعديلات التكيفية للصوت حين مجاورته للأصوات الأخرى" (3)، ويراها أحمد مختار عمر: "تحول الفونيمات المتخالفة إلى متماثلة إما تماثلاً جزئياً أو كلياً" (4).

تتأثر الأصوات في أي لغة من اللغات بعضها ببعض في البيئة خلال عملية النطق، مما يؤدي إلى تغيير مخارج بعضها أو صفاتها، لكي تتفق في المخرج، أو الصفة مع الأصوات المجاورة. واللغة العربية في تطورها التاريخي عرفت هذا اللون من التأثر، شأنها في ذلك شأن اللغات الأخرى، ولعل من أكثر هذه الظواهر استخداماً في اللغة ظاهرة المماثلة بأضربها وأشكالها المتنوعة (5)، إذ كثيراً ما تستنجد بها لغتنا للتخلّص من تنافر أو تباعد يصيب أصواتها في تواصلها، لتحقيق التوازن بين عناصرها ليعم التوافق والانسجام بين أصوات التركيب: "فالمماثلة تطور صوتي يرمي إلى تيسير النطق عن طريق تقريب الفونيمات بعضها من بعض أو إدغامها بعضها في بعض لتحقيق الانسجام الصوتي" (6).

مصطلحات المماثلة عند سيبويه:

المماثلة Assimilation من الظواهر الصوتية الضاربة جذورها في أعماق العربية، اهتم بها العلماء العرب النحاة، والصرفيون، وأهل القراءات المختلفة، فرصدوا مظاهرها، وأوجهها المختلفة، ووضعوا لها الكثير من الضوابط والقواعد، إلا أنهم لم يعالجوها معالجة شاملة مستقرة، بل كانت جزئياتها موزعة على أبواب متفرقة، منها ما كان مبثوثاً ضمن بحوثهم لظواهر الإبدال، والإعلال، والإمالة، وغيرها من المسائل الصوتية، والصرفية، والنحوية.

لم يستقر سيبويه (ت 180 هـ) ـ كغيره من اللغويين ـ على مصطلح مقيد لهذه الظاهرة، بل راح ينعتها بجملة من التسميات منها:

* المضارعة (7): عقد سيبويه عنواناً تحت هذا المصطلح سماه: "هذا باب الحرف الذي يضارَعُ به حرف من موضعه، والحرف الذي يضارع به ذلك الحرف وليس من موضعه" (8)، وهو يعني بالحرف الذي من موضعه الصاد الساكنة، إذا كانت بعد دال، فإن تحركت الصاد لم تبدل لأنه قد وقع بينهما شيء: "فأما الذي يضارع به الحرف الذي من مخرج فالصاد الساكنة إذا كانت بعدها الدال، وذلك نحو مصدر وأصدر والتصدير" (9) في هذا النص تتضح ظاهرة المضارعة الصوتية التي يعنيها سيبويه، فهو يرى أن إدغام الصاد في الدال، أو إبدال الدال حرفاً يناسب الصاد كالطاء في نحو مصدر، وأصدر، والتصدير غير ممكن، ويفسر ما حدث في هذه الأمثلة، بأنه مضارعة للصاد بالزاي أي تقريبها منها، أي عن طريق إدناء الصاد المهموسة من الدال المهجورة وهذا بإشرابها شيئاً من جهر الزاي الذي يشاركها في المخرج والرخاوة والصفير ويتفق والدال جهراً: "فلما كانتا من نفس الحرف أجريتا مجرى المضاعف، والذي هو من نفس الحرف في باب مددت، فجعلوا الأول تابعاً للآخر فضارعوا به أشبه الحروف بالدال من موضعه وهي الزاي لأنها مجهورة غير مطبقة، ولم يبدلوها زاياً خالصة كراهية الإجحاف بها للإطباق" (10) وهذا النوع من المماثلة أشار إليه علماء الأصوات والمحدثون وصنفوه ضمن المماثلة المدبرة الجزئية في حالة الاتصال (11).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير