تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهذه سبعة أوجه لا يخرج الاختلاف عنها وأما نحو اختلاف الإظهار والإدغام والروم والإشمام والتفخيم والترقيق والمد والقصر والإمالة والفتح والتحقيق والتسهيل والإبدال والنقل مما يعبر عنه بالأصول فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ والمعنى لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن يكون لفظا واحدا ولئن فرض فيكون من الأول " اهـ بلفظه

وهنالك أربعة أقوال عن المتقدمين في تأويل دلالة الأحرف السبعة هي:

1. أنها معاني الأحكام كالحلال والحرام والمتشابه والأمثال والإنشاء والإخبار.

2. أنها الناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمجمل والمبين والمفسر

3. أنها الأمر والنهي والطلب والدعاء والخبر والاستخبار والزجر

4. أنها الوعد والوعيد والمطلق والمقيد والتفسير والإعراب والتأويل.

قال ابن الجزري (1/ 25) " وهذه الأقوال غير صحيحة فإن الصحابة الذين اختلفوا وترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في حديث عمر وهشام وأبيّ وابن مسعود وعمرو بن العاص وغيرهم لم يختلفوا في تفسيره ولا أحكامه وإنما اختلفوا في قراءة حروفه " اهـ بلفظه

ولعل من أحسن ما قرأت حول مناقشة ما قيل من قبل حول الأحرف السبعة كلام الشيخ محمد محمد أبو شهبة في كتابه "المدخل لدراسة القرآن الكريم " قال:

"يمكننا إجمال النقد فيما يلي:

1. إن القائلين بهذا الرأي ـ على اختلافهم ـ لم يذكر واحد منهم دليلا إلا أنه تتبع وجوه الاختلاف في القراءة فوجدها لا تخرج عن سبع وهذا التتبع لا يصلح أن يكون دليلا على أن المراد بالأحرف السبعة الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات.

ولا يقال كيف لا يعتبر التتبع وهو لا يخرج عن كونه استقراء.

لأنا نقول إنه استقراء ناقص بدليل أن طريق ابن الجزري مخالف لطريق تتبع ابن قتيبة وابن الطيب والرازي وليس أدل على ذلك من أن الرازي ذكر الوجه السابع ولم يذكره واحد من الثلاثة الآخرين بل برر ابن الجزري إهماله مما يدل على أنه يمكن الزيادة على سبع وأن الوجه الأول عند الرازي والثاني والسادس ترجع ثلاثتها إلى الوجه الخامس عند ابن الجزري مما يدل على أن هذه الوجوه يمكن أن يتداخل بعضها في بعض وأن تعيينها إنما هو بطريق الاتفاق لا الاستقراء الصحيح

وعلى هذا يكون الحصر في الوجوه السبعة غير مجزوم به ولا متعين فهو مبني على الظن والتخمين

2. إن الغرض من الأحرف السبعة إنما هو رفع الحرج والمشقة عن الأمة والتيسير والتسهيل عليها، والمشقة غير ظاهرة في إبدال الفعل المبني للمعلوم بالفعل المبني للمجهول ولا في إبدال فتحة بضمة أو حرف بآخر أو تقديم كلمة أو تأخيرها أو زيادة كلمة أو نقصانها، فإن القراءة بإحداهما دون الأخرى لا توجد مشقة يسأل النبي صلى الله عليه وسلم منها المعافاة وأن أمته لا تطيق ذلك ويراجع جبريل مرارا ويطلب التيسير فيجاب بإبدال حركة بأخرى أو تقديم كلمة وتأخيرها، فالحق: أنه مستبعد أن يكون هذا هو المراد بالأحرف السبعة.

3. إن أصحاب هذه الأقوال اشتبه عليهم القراءات بالأحرف، فالقراءات غير الأحرف لا محالة وإن كانت مندرجة تحتها وراجعة إليها" اهـ بلفظه ص 193ـ194

قلت: وهكذا يتبين الاضطراب في تأويل دلالة الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن ولم ينسب السلف بسبب أمانتهم العلمية شيئا من تلك الأقوال إلى التابعين ولا إلى الصحابة ولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل ظلت تلك الأقوال اجتهادات متأخرة من المصنفين فجزاهم الله خيرا على الأمانة العلمية.

ونسجل لابن الجزري عدم القطع برأيه وتأويله ونشكر له قوله الآنف الذكر: "ولا زلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله " اهـ ولم يقطع بأنه هو الصواب لا غيره.

ونسجل للداني عدم القطع برأيه وتأويله ونشكر له قوله في جامع البيان (1/ 109) " ويمكن أن يكون هذه السبعة أوجه من اللغات فلذلك أنزل القرآن عليها " اهـ بلفظه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير