تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك اعترف ابن الجزري في نشره (1/ 25) باحتمال أن لا يكون اختلاف القراءات هو المراد بالأحرف السبعة فقال " فإن قيل فما تقول في الحديث الذي رواه الطبراني من حديث عمر بن أبي سلمة المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود "إن الكتب كانت تنزل من السماء من باب واحد وإن القرآن أنزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف:حلال وحرام ومحكم ومتشابه وضرب أمثال وآمر وزاجر فأحل حلاله وحرم حرامه واعمل بمحكمه وقف عند متشابهه واعتبر أمثاله فإن كلا من عند الله ? وما يذكر إلا أولوا الألباب ? فالجواب عنه من ثلاثة أوجه أحدها أن هذه السبعة غير الأحرف السبعة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الأحاديث وذلك من حيث فسرها في هذا الحديث فقال حلال وحرام إلى آخره وأمر بإحلال حلاله وتحريم حرامه إلى آخره ثم أكد ذلك الأمر بقول ? آمنا به كل من عند ربنا ? فدل على أن هذه غير تلك القراءات " اهـ بلفظه

قلت: ولقد وقع الإدراج في الحديث فضم إليه من تفسير بعض الرواة إذ لم تكن بعض ألفاظ ما أدرج متداولة في جيل الصحابة ولا نطقوا بها ولا سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم كمصطلحات: الإنشاء والإخبار والناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمجمل والمبين والمفسر والطلب والدعاء والخبر والاستخبار والزجر والمطلق والمقيد والتفسير والإعراب.

وينقض تأويلهم دلالة الأحرف السبعة ـ التي أنزل عليها القرآن ـ بالقراءات أن المقروء بسبعة أوجه نادر جدا وأن بعض الكلمات قد قرئت بأكثر من سبعة أوجه بل بأكثر من عشرة أوجه مثل ? مالك يوم الدين ?، ومثل ? وعبد الطاغوت ?، ومثل ? أف ? كما هو معلوم وأن قد وقع التكلف في اقتصار ? يخصمون ? و ? لا يهدي ? على سبعة أوجه.

المسألة الثانية:

لقد اتفق المصنفون من طرق القراء ومنهم الداني وابن الجزري والمفسرون وغيرهم على أن سبب ورود حديث إنزال القرآن على سبعة أحرف هو التخفيف والتيسير والتهوين على أمة منها الشيخ الفاني والعجوز المختلفة لغاتهم وألسنتهم ولا يستطيعون العدول عنها.

وهكذا قطعوا ولم يترددوا فاعتبروا اختلاف أهل الأداء في تلاوة القرآن هو المراد بالأحرف السبعة.

ويردّ عليه قول محمد محمد أبو شهبة الآنف الذكر " إن الغرض من الأحرف السبعة إنما هو رفع الحرج والمشقة عن الأمة والتيسير والتسهيل عليها، والمشقة غير ظاهرة في إبدال الفعل المبني للمعلوم بالفعل المبني للمجهول ولا في إبدال فتحة بضمة أو حرف بآخر أو تقديم كلمة أو تأخيرها أو زيادة كلمة أو نقصانها، فإن القراءة بإحداهما دون الأخرى لا توجد مشقة يسأل النبي صلى الله عليه وسلم منها المعافاة وأن أمته لا تطيق ذلك ويراجع جبريل مرارا ويطلب التيسير فيجاب بإبدال حركة بأخرى أو تقديم كلمة وتأخيرها، فالحق: أنه مستبعد أن يكون هذا هو المراد بالأحرف السبعة" اهـ بلفظه

قلت ولا مزيد على قول الأستاذ محمد أبي شهبة لتمامه وحسنه فجزاه الله خيرا ما أحسن استنباطه وتأملاته ولنكملها بالأمثلة ليعلم الناس بعد نظره:

ـ القراءتان في قوله تعالى ? وقد أخذ ميثاقكم ? الحديد 8 بين التجهيل والتسمية أي مشقة وحرج في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن التجهيل فيها إلى التسمية أو عن التسمية إلى التجهيل؟

ـ القراءتان في قوله تعالى ? وكفلها ? آل عمران 37 بين الثقل والتخفيف أي مشقة وحرج على الأميّ والعجوز والشيخ الفاني ومن لم يقرأ كتابا قط في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن تشديد الفاء إلى تخفيفه أو عن تخفيف الفاء فيها إلى ثقله؟

ـ القراءتان في قوله تعالى ? فتلقى آدم من ربه كلمات ? البقرة 37 بين الرفع في ?آدم ? والنصب في ? كلمات ? وبين النصب في ? آدم ? والرفع في ? كلمات ? أي مشقة وحرج على الأميّ والعجوز والشيخ الفاني ومن لم يقرأ كتابا قط في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن تقديم الفاعل إلى تأخيره أو عن تقديم المفعول إلى تأخيره؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير