عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص قال: سمع عمرو بن العاص رجلا يقرأ آية من القرآن، فقال: من أقرأكها؟ قال: رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال: فقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه و سلم على غير هذا، فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال أحدهما: يا رسول الله آية كذا و كذا، ثم قرأها، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: هكذا أنزلت، فقال الآخر: يا رسول الله فقرأها على رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال: أليس هكذا يا رسول الله؟ قال: هكذا أنزلت، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فأي ذلك قرأتم فقد أحسنتم، و لا تماروا فيه، فإن المراء فيه كفر - أو آية الكفر
الرواية الثالثة للحديث:
حديث رقم 20649 مسند أحمد حديث سليمان بن صرد عن أبيّ بن كعب رضي الله عنهما
عن سليمان بن صرد عن أبي بن كعب قال: سمعت رجلاً يقرأ، فقلت: من أقرأك؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم. فقلت: انطلق إليه، فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت: استقرئ هذا. فقال: اقرأ فقرأ. فقال: أحسنت. فقلت له: أو لم تقرئني كذا و كذا؟ قال: بلى. و أنت قد أحسنت، فقلت بيدي قد أحسنت مرتين. قال: فضرب النبي صلى الله عليه و سلم بيده في صدري ثم قال: اللهم أذهب عن أبي الشك، ففضت عرقاً و امتلأ جوفي فرقاً، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: يا أبي إن ملكين أتياني فقال أحدهما: اقرأ على حرف، فقال الآخر: زده. فقلت: زدني. قال: اقرأ على حرفين. فقال الآخر زده. فقلت زدني. فقال اقرأ على ثلاثة. فقال الآخر: زده. فقلت: زدني. قال: اقرأ على أربعة أحرف، قال الآخر: زده. قلت: زدني قال: اقرأ على خمسة أحرف، قال: الآخر: زده. قلت: زدني. قال: اقرأ على ستة، قال الآخر: زده. قال: اقرأ على سبعة أحرف، فالقرآن أنزل على سبعة أحرف
قلت: لعل المراد هو صرفهم عن الانشغال بتعدد الأداء تعددا توقيفيا إلى تدبر القرآن المنزل على سبعة أحرف، وهكذا حسّن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة كل من هشام بن حكيم وعمر بن الخطاب سورة الفرقان.
وفي وصف قراءة الرجلين اللذين اختلفا على قراءة آية من القرآن ـ كما في حديث عمرو بن العاص ـ قال صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت.
وفي وصف قراءة الذي اختلف مع أبيّ بن كعب على قراءة بعض القرآن قال صلى الله عليه وسلم أحسنت، وفي وصف قراءة أبيّ بن كعب نفس الآيات قال صلى الله عليه وسلم "وأنت قد أحسنت".
ولا يتعلق إنكار بعض الصحابة قراءة بعض باختلاف ألسنة العرب وإنما بأداء منزل أقرأ النبي صلى الله عليه وسلم بكل منه بعضا من الصحابة فأنكر بعضهم قراءة بعض أن غاب عنه الأداء الذي تلقاه غيره من الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد أشكل على المصنفين من طرق الرواة اختلاف عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم القرشيان في قراءة سورة الفرقان، ولكأن المصنفين من طرق الرواة لم يتصوروا أن يختلف القرشيان على الأداء في سورة الفرقان وإنما تصوروا أن يختلف الأداء لدى الصحابة من قبائل شتى عرفوا لهجات مختلفة كالذين لا يعرفون غير إمالة ذوات الياء والذين لا يعرفون غير الفتح فيها وكالذين لا يعرفون غير تحقيق الهمزتين من كلمة وكلمتين والذين لا يعرفون غير تسهيل الثانية منهما أو إسقاط الأولى من متفقتي الحركة.
وإنما نشأ عجب المصنفين من طرق الرواة من اختلاف القرشيين على أداء سورة الفرقان بسبب قطعهم أن الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن تعني لهجات العرب واختلافها.
ولقد تتبعت سورة الفرقان فألفيت فيها أكثر من عشرين حرفا اختلف في أدائه وتلاوته وقراءته اختلافا لا علاقة له بلهجات العرب وألسنتها وإنما هو اختلاف منزل من عند الله أقرأ بكل منه النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة فالتزموه وإنما أنكر بعضهم من الأداء ما لم يتعلمه من نبيه صلى الله عليه وسلم ولما صوّب النبي صلى الله عليه وسلم وحسّن كلا منه وأخبر بأنه كذلك أنزل أذعنوا إذعانا كان سبب تعدد رسم المصاحف العثمانية.
وليختلفن أداء كل اثنين من الصحابة في سورة الفرقان كما في غيرها ما لم يتلقياها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفس الجلسة ونفس المرة.
¥