تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأطبقت الأمة منذ القرون الأولى للتدوين على حصر مدلول الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن بتعدد الأداء والأوجه التي يقرأ بها القرآن، ولم يروا رأيا أو يذهبوا مذهبا في التأويل والبيان أبعد من ذلك.

ولو أن باحثا منصفا تجرد لبحث عن مدلول الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن في سورة المزمل التي بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها ـ وهو قوله تعالى ? فاقرأوا ما تيسر منه ? ـ مدلول الأحرف السبعة.

ولعل من شروط الفهم عن النبيين كلامهم أن نعلم دلالة لفظ النبوة التي أنعم الله عليهم بها والتي تعني أنهم ينبئون أمتهم باليقين من العلم الغائب عنهم ومنه الغيب الذي سيقع متأخرا عن حياة النبيين.

إن من تفصيل الكتاب أن النبوة عند إطلاقها هي الإخبار باليقين من العلم الغائب عنك، أو بما كان من الحوادث التي غابت عنك فلم تحضرها سواء كانت ماضية أو معاصرة كما وقعت، أو بما ستؤول إليه الحوادث كما ستقع مستقبلا.

فمن الأول قوله ? قل أتنبّئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض ? يونس 18 وقوله ? أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول ? الرعد 33 والمعنى أن الله لا يغيب عنه ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وقوله ? سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ? الكهف 78.

ومن الثاني قوله ? ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم ? التوبة 70 وقوله ? ونبئهم عن ضيف إبراهيم? الحجر 51 في وصف الحوادث الماضية.

ومنه قوله ? وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبّأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبّأها به قالت من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير ? التحريم 3.

ومنه قوله ? فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين ? النمل 22 من قول الهدهد في وصف الحوادث المعاصرة.

ومن الثالث قوله ? وأمم سنمتّعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ? هود 48 ـ 49 وقوله ? قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ? سورة ص 67 ـ 68.

وإنه في يوم الدين ? يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ? الانفطار 19 ينبّأ الإنسان بما قدّم وأخّر، وذلك أن إلى الله مرجع الناس فينبئهم بما عملوا وبما كانوا يصنعون وبما كانوا فيه يختلفون وإليه أمرهم فينبئهم بما كانوا يفعلون.

ولا كرامة في هذه النبوة إذ هي بإحضار عمل الإنسان المنبإ به فيعرض عليه ليراه جهرة كما في قوله ? علمت نفس ما أحضرت ? التكوير 14، وقوله ? علمت نفس ما قدمت وأخرت ? الانفطار5، ولا علم قبل تمكن البصر من المعلوم كما في قوله ? يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ? النبأ 40، وقوله ? كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ? البقرة 167، وقوله ? يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ? عمران 30 والمعنى أنه محضر كذلك وقوله ? ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ? الكهف 49.

وإن قوله ? علمت نفس ما قدمت وأخرت ? الانفطار 5 لمن المثاني مع قوله ? ونكتب ما قدموا وآثارهم ? يس 12، وقوله ? ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغيرعلم ? النحل 25، وقوله ? وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ? العنكبوت 13 إذ الذي قدّموه هو ما عملوا في حياتهم والذي أخّروه هو الأثر الذي تركوه خلفهم ومنه الأشرطة المسموعة والمرئية فإن كان سيئا كان من أوزار الذين يضلونهم بغير علم ومن الأثقال مع أثقالهم.

وإنما ذكرت الحديث عن النبوة الآخرة العامة لتقريب علم اليقين الحاصل للنبيّ في الدنيا بما ينبئه به الله العليم الخبير.

إن الذين كانوا يقولون عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ? هو أذن ? التوبة 61 ّ بمعنى أنه يسمع ويقبل ما يتلقى من أعذارهم كالمغفل وهو أبعد ما يكون الرجل عن الوحي هم المنافقون الذين يحسبون النبيّ صلى الله عليه وسلم كذلك، لا يفقهون أن النبيّ تعرض عليه في يقظته ونومه أعمال أمته سواء منهم من عاصروه والذين سيتأخرون عنه ويعرض عليه مما سيكون من الحوادث في أمته إلى آخرها وإلى قيام الساعة فما بعده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير