تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويردّ عليه قول قول محمد محمد أبو شهبة الآنف الذكر " إن الغرض من الأحرف السبعة إنما هو رفع الحرج والمشقة عن الأمة والتيسير والتسهيل عليها، والمشقة غير ظاهرة في إبدال الفعل المبني للمعلوم بالفعل المبني للمجهول ولا في إبدال فتحة بضمة أو حرف بآخر أو تقديم كلمة أو تأخيرها أو زيادة كلمة أو نقصانها، فإن القراءة بإحداهما دون الأخرى لا توجد مشقة يسأل النبي ? منها المعافاة وأن أمته لا تطيق ذلك ويراجع جبريل مرارا ويطلب التيسير فيجاب بإبدال حركة بأخرى أو تقديم كلمة وتأخيرها، فالحق: أنه مستبعد أن يكون هذا هو المراد بالأحرف السبعة" اهـ بلفظه

قلت ولا مزيد على قول الأستاذ محمد أبي شهبة لتمامه وحسنه فجزاه الله خيرا ما أحسن استنباطه وتأملاته ولنكملها بالأمثلة ليعلم الناس بعد نظره:

ـ القراءتان في قوله تعالى ? وقد أخذ ميثاقكم ? الحديد 8 بين التجهيل والتسمية أي مشقة وحرج في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن التجهيل فيها إلى التسمية أو عن التسمية إلى التجهيل؟

ـ القراءتان في قوله تعالى ? وكفلها ? آل عمران 37 بين الثقل والتخفيف أي مشقة وحرج على الأميّ والعجوز والشيخ الفاني ومن لم يقرأ كتابا قط في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن تشديد الفاء إلى تخفيفه أو عن تخفيف الفاء فيها إلى ثقله؟

ـ القراءتان في قوله تعالى ? فتلقى آدم من ربه كلمات ? البقرة 37 بين الرفع في ?آدم ? والنصب في ? كلمات ? وبين النصب في ? آدم ? والرفع في ? كلمات ? أي مشقة وحرج على الأميّ والعجوز والشيخ الفاني ومن لم يقرأ كتابا قط في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن تقديم الفاعل إلى تأخيره أو عن تقديم المفعول إلى تأخيره؟

ـ القراءتان في قوله تعالى ? والذين اتخذوا مسجدا ? التوبة 107 أي مشقة وحرج على الأميّ والعجوز والشيخ الفاني ومن لم يقرأ كتابا قط في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن زيادة الواو قبلها أو تجريدها منه؟

ـ القراءتان في قوله تعالى ? فإن الله هو الغني الحميد ? الحديد 24 أي مشقة وحرج على الأميّ والعجوز والشيخ الفاني ومن لم يقرأ كتابا قط في إحداهما ليستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب التخفيف عن أمته ليعدل عن زيادة هو أو حذفها

يتواصل

الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وسادتنا من آل بيته والصحابة والمقتفين آثارهم إلى يوم الدين.

وبعد:

فحيَّهلاً بالشيخ لكريم/ الحسن بن ماديك - حفظه الله - , بعد انقطاع طويل نرجو أن يكون سببُه خيراً, وأن يعيننا الله وإيّاه على ما أهمَّ من أمر الدين والدنيا والآخرة.

شيخنا الكريم:

لا يخفى عليكم أن ما ذهب إليه المحققون من العلماء حول هذه المسألة كالرازي، وابن الجزري والسخاوي، وابن قتيبة، والباقلاني، ومكي بن أبي طالب، وغيرهم أنها سبعة أوجه من وجوه التغاير , وإن كان الخلاف بينهم قائماً في حصر هذه الأوجه وتعدادها بناءاً على الاستقراء , وهذا ما لا يُسلّم به لنقص الاستقراء بنقص الحروف التي نُسخ المصحفُ الإمام بدونها.

وأحب أن أشير إلى أنَّ قولكم -مُتَعقِّبينَ- باتفاق المصنفين وإجماعهم على ظنِّ أنَّ سبب ورود حديث إنزال القرآن على سبعة أحرف هو التخفيف والتيسير والتهوين , لا مأخذََ عليهم فيه ولا أحسِبُه محل تعقبٍ ومدارسة - اللهمَّ إن كان المأخَذُ في حصر حكَم اختلاف أحرف القراءات في آكد تلك الحكم وأهمها وهو التيسير- فذاك أمرٌ آخر.!

وذلك لأنَّ مفهوم ومنطوق لفظ الأحاديث الوردة في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم , هي المُوحيةُ للمصنفين بالاتفاق على أنَّ تعدد هذه الأحرف السبعة هو تيسيرٌ على الأمَّة , وموردهم في هذا قوله صلى الله عليه وسلم (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) , بل لهم في هذا الجزم ما هو أصرح من ذلك كما في الصحيح أن جبريل لقي النبي صلى الله عليه وسلم عند أضاة بني غفار فقال له: إنَّ الله يأمرك أن تُقرئ أمَّتك على حرف، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم (أَسْأَل اللَّه مُعَافَاته وَمَغْفِرَته، فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيق ذَلِكَ) وقوله صلى الله عليه وسلم (أَرْسَلَ إِلَيَّ أَنْ اِقْرَأْ عَلَى حَرْف فَرَدَدْت إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَة أَنْ اِقْرَأْ عَلَى حَرْفَيْنِ فَرَدَدْت إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي إِلَى الثَّالِثَة اِقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف).

ثمَّ إنَّ أهل العلم كانوا ولا يزالون يؤكدون سببَ ورود الحديث وهو التيسير والتهوينُ ويعقبون ذلك بالحكم المعروفة الأخرى من الإعجاز لأعدائه عن الإتيان بمثله رغم تعدد أوجهه التي يقرأُ بها , واختلاف الأحكام الشرعية العملية , وتعدد المعاني (ومن جملة ذلك ما تفضلتم به من أمثلة في آخر كلامكم) , وتفضيل كتاب هذه الأمة على غيره من الكتب بتعدد أوجهه.

والله تعالى أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير