قلت: لكن الذي حاوله ابن مقسم هو نفسه ما يسمونه بالقياس المقيد سواء بسواء إذ هو موافق اللغة والرسم فاقد شرط الأداء والنقل لا ينقصه من وجه التشبيه اعتماد القراء على قاعدة أو لهجة عربية اعتمدها أحد الرواة في بعض الأحرف دون سائر نظائره فقاس القراء والمصنفون سائر النظائر على بعض الأحرف المروية.
وأعجب العجب أن ابن الجزري نفسه قد قال في كتابه منجد المقرئين (ص 17) "وأما ما وافق المعنى والرسم أو أحدهما من غير نقل فلا تسمى شاذة بل مكذوبة يكفر متعمدها" اهـ.
وقال في النشر (1/ 293) "إن القراءة ليست بالقياس دون الأثر"، وقال أيضا (2/ 263) "وهل يحل لمسلم القراءة بما يجد في الكتابة من غير نقل" اهـ، وقال الشاطبي "وما لقياس في القراءة مدخل" اهـ.
ولقد قرر مكي وابن الجزري وغيرهما من المصنفين أن ما صحّ نقله عن الآحاد وصحّ وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف أنه يقبل ولا يقرأ به، ولا يخفى أن هذا القسم أقوى من القياس الذي يجب رده وعدم قبوله وحرمة القراءة به لأنه أضعف مما صحّ نقله عن الآحاد.
وأما ثالث المتناقضات فهي قضية ابن شنبوذ المتوفى سنة 328 هـ الذي كان يرى جواز القراءة بما صحّ سنده وإن خالف الرسم فعدّ معاصروه ـ ومنهم ابن مجاهد المتوفى 324 هـ الذي اشترك مع الوزير في محاكمته ـ ذلك من الشذوذ وأعجب من ذلك أن ابن مجاهد في سبعته قد اعتمد القياس.
إن ثبوت الشذوذ والضعف والوهم في القراءات وتضمنها القياس الذي هو قراءة القرآن بأداء غير منزل حقائق مرة باعتراف المصنفين من طرق الرواة ابتداء بابن مجاهد وانتهاء بابن الجزري:
قال ابن الجزري في النشر (1/ 9) "ثم إن القراء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم وعرفت طبقاتهم واختلفت صفاتهم فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ومنهم المقصّر على وصف من هذه الأوصاف وكثر بينهم لذلك الاختلاف وقلّ الضبط واتسع الخرق وكاد الباطل يلتبس بالحق"اهـ بلفظه محل الغرض منه
وقال (1/ 35) "وكان بدمشق الأستاذ أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي مؤلف الوجيز والإيجاز والإيضاح والاتضاح وجامع المشهور والشاذ"اهـ بلفظه محل الغرض منه.
قلت: ولم تنجب الأمة بعد صاحب النشر غير المقلدين المتوقفين المقيدين بقيدين اثنين من الأوهام:
1. أن قرنوا بين المراجعة وبين الطعن في الأئمة المتقدمين.
2. خوفهم من الخروج على المألوف الذي عرفه العوام منذ عشرات القرون.
يتواصل
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[26 Feb 2009, 08:27 م]ـ
ولقد شرع المتقدمون من أئمة القراءات في القرن الثاني والثالث بعد نزول القرآن في إدخال وإدراج من لهجات العرب كالإدغام والإمالة وتسهيل الهمز والروم والإشمام في أداء القرآن، وتتبعوا كل قاعدة نحوية أو لهجة عربية وردت في بعض كلمات القرآن فقاسوا عليها نظائرها في سائر القرآن.
بسم الله الرحمن الرحيم
أعجب كل العجب من ترك هذا الكلام ــ الخطير على صاحبه ــ بلا رد من "أهل القرآن والتفسير" وهي دعوى قديمة اعتزالية محضة بجواز الرأي والاجتهاد في القرآن من غير نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان لذلك وجه في العربية، وهو مذهب فاسد باطل يلزم عليه ما يلزم.
القرآن العظيم عند أهل السنة والجماعة منزه عن الاختراع والرأي والاجتهاد، وهو الحق الذي لا شك فيه، وهو ما يجب على كل مسلم اعتقاده.
والإدغام والإشمام وتسهيل الهمز والروم وغير ذلك من الصفات التي لا تتحقق قراءة القرآن إلا بها ــ بحيث لو خلا عنها لاستحالت قراءته ــ كلها منقولة عن الني صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى أن القرآن العظيم نزل خاليا عنها فقد أحال فيما قال، ومسه في عقله خلل وخبال، ومن ادعى أن تلك الصفات ـ التي لا تتحقق قراءة القرآن إلا بها ـ من وضع القراء واختراهم بلا سند إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث لم يقرأ بها فقد ادعى أن قراءاتهم مكذوبة وليست بقرآن؛ لقول الإمام ابن الجزري في المنجد: وأما ما وافق المعنى والرسم أو أحدهما من غير نقل فلا تسمى شاذة بل مكذوبة، يكفر متعمدها. اهـ. وعلى دعوى المدعي فإن صفات الحروف من وضع القراء ولم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فحكم القائ بها ما أشار إليه ابن الجزري، نعوذ بالله تعالى من تكفير القراء شموس الاهتداء، بل من قال بهذه المقالة الفاسدة يخشى عليه في دينه.
ولا مانع عندي ــ إن لم يقم بذلك المتخصصون "أهل القرآن والتفسير" ـ أن أبين لك "الحسن بن ماديك" بطلان قولك بالبراهين القطعية وخطورته، راجيا من الله تعالى أن يهديك إلى الصراط المستقيم فيما يجب اعتقاده في القرآن العظيم.
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[27 Feb 2009, 01:07 ص]ـ
وأنا أعظك أن تتقي الله فلا تكتم العلم بل تبين لي وللناس بطلان قولي وتبين لي خطورته
ولتعلم أن بيانك أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس لأنه ـ حالة موافقته الصواب ـ سيردني عن الباطل ويهديني إلى الصراط المستقيم
وها أنا ذا ألخصه لك تلخيصا تستعين به على البيان الذي تتوعدني به "إن اللهجات كالإدغام والتسهيل بأنواعه والإمالة بنوعيها " قد نزل القرآن بكل منها في بعض الأحرف، وقاس المصنفون من رواة الطرق عليها سائر أو أكثر نظائرها، يا هذا الذي تتوعدني بالبيان، أسأل الله أن يجعلك لا ترجع عن وعيدك ويجعلك تبين الحق ولا تكتمه، وسأضرب لك مثالا: وهو باب وقف حمزة وهشام على الهمز أي منه يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد الصحابة والتابعين وتابعيهم.
وإليك مثالا آخر: أرأيت إدغام الهاء في الهاء في كلمتين لأبي عمرو وجملته خمسة وتسعون موضعا هل تستطيع أخي ان ترفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم او إلى احد الصحابة الكرام أم أن المرفوع منه إنما هو حرفان أو ثلاثة وسائره قياس عليه
وهكذا لاجل طلب الحق بالعلم بعيدا عن التقليد لنفتح حوارا هادئا وأبدأ بالإعراض عن سبّك وشتمك إياي برميي بالاعتزال بل بأخطر منه
طالب العلم
الحسن
¥