ومن القياس الذي تضمنته كتب أئمة القراءات قول ابن الجزري في النشر (2/ 122) وشذ مكي فأجاز الروم والإشمام في ميم الجمع لمن وصلها قياسا على هاء الضمير وانتصر لذلك وقواه وهو قياس غير صحيح اهـ وهو في التبصرة لمكي ص171، ومنه: أكثر ما حواه باب المد من الإشباع لجميع القراء ومن الإشباع والتوسط للأزرق خاصة فيه ومنه كثير من الإدغام الكبير لأبي عمرو ومنه إمالة الدوري عن الكسائي ? البارئ ? في الحشر قياسا على حرفي البقرة قاسه ابن مجاهد ومنه ما حواه بابا الوقف على الهمز وعلى هاء التأنيث ومنه الوقف بالروم والإشمام بدل السكون ومنه ترقيق الراء في ? وزر أخرى ? ? وزرك ? ? ذكرك ? ? حذركم ? ? الإشراق ? للأزرق ومنه أكثر ما جاء في هذا الباب كما قال مكي في التبصرة "أكثر هذا الباب إنما هو قياس على الأصول وبعضه أخذ سماعا" اهـ ومنه الوقف بهاء السكت على ? العالمين ? ? والموفون ? ? والذين ? وشبهه ليعقوب وهو في مئات الكلمات ومنه الإخفاء أو الاختلاس في ? فنعما هي ? في البقرة وكذا حرف النساء لقالون وأبي عمرو وشعبة ومنه القياس على القياس مثل قولهم بتحرير الأوجه كحالات ? ءالآن ? المستفهم بها الخمس للأزرق وأن له في الحالة الأولى سبعة أوجه وفي الثانية تسعة أوجه وفي الثالثة والخامسة ثلاثة عشر وجها وفي الرابعة سبعة وعشرون وجها وهذا القياس يتوفر في مئات الكلمات من القرآن في كل رواية والعجيب أن هذه الأوجه وتحصيلها من الضرب يكثر في باب المد والإمالة وكل ما فيه الوجهان لأحد الرواة في كلمات القرآن" اهـ.
وحسب المتأخرون أن تحرير الطرق هو تلكم الأوجه المتعددة التي تحصل من الضرب والافتراضات وامتلأت بها شروح الشاطبية كغيث النفع وحرصوا عليها لأنها تزيد من الهوة بين القراء وغيرهم من الأعلام كالمفسرين والمحدثين.
قلت: وليس الأمر كذلك وإنما تحرير الطرق هو تتبع الأداء مقرونا بالنص أو مفصولا عنه ـ كلاهما سواء ـ من طريق التيسير أو الحرز أو الطيبة أو النشر أو غيرها إلى نهايته وهي الراوي أو القارئ في هذه المرحلة قبل الحاجة إلى تجاوزها.
وحينئذ سيجد الباحث المتخصص نفسه أمام ملتقى للطرق فإذا به حيران لا يدري أيا من الطرق المتشعبة هي امتداد الطريق الواحد لهذا الحرف بعينه من أحرف الخلاف؟ أم كل منها رغم تعددها هي امتداد طريقه؟
هنالك يتساقط الأدعياء وتظهر العمائم المزيفة والألقاب الوهمية تماما كالنياشين والأوسمة يعلقها أصحاب الرتب العسكرية الذين لم يخوضوا حربا ولم ينقذوا شعبا من الذل والصغار ولم يقهروا عدوا ولو جبارا لا غبار عليه.
هنالك بعيدا عن التكلف وأوجه الضرب والحساب والافتراضات يتمسك الباحث المتخصص في تحرير أوجه القراءات أولا بالأداء ويترك القياس والتحديث جانيا، ثم يثني إن شاء بوجه الاختيار من بين المرويات أداء.
ويستأنس بالتحديث يتعلم منه لسان العرب، ولكن لا يقيس عليه نظائره فيقرأ بها القرآن.
ويقذف بالقياس بعيدا من مكان بعيد.
هذا التفصيل هو الذي تحتاجه الأمة اليوم وهو الذي قل الصابرون عليه وعز المنتبهون إليه.
إن النشر في القراءات العشر قد حوى طرق ابن الجزري إلى القراء العشرة وهي أمهات النشر أي المصنفات التي قرأ بها وتضمن النشر تعدادها (1/ 58ـ98) واختار من بينها لكل واحد من العشرة ما أذن في إقرائه وهو ما تضمنته طيبة النشر إلا أحرفا يسيرة خرج فيها ابن الجزري عن طرق طيبته وذكرها في الطيبة للفائدة والعلم لا غير إذ بيّن في النشر حالها وطرقها فأضحت واضحة كالشمس لا تخفى على غير الأعشى.
وكان ولا يزال منذ ظهور كتاب النشر على الباحثين المتخصصين في تحرير طرق القراءات النظر في كل حرف من أحرف الخلاف فإن كان خلافا بسيطا عن القارئ أو الراوي فقد كفي المشقة كما هو الخلاف عن القارئ نافع خلافا مفرعا كان لقالون وجه وكان لورش وجه آخر وكما لو كان الخلاف عن الراوي مفرعا كذلك فلا إشكال كما في قوله من طيبة النشر: "وإن يجر زن خلفه " اهـ
يعني الوجهين عن قنبل في التنوين المجرور قبل همزة الوصل فضم النون الساكنة فيه من طريق ابن مجاهد عنه وكذلك عنه في جميع التنوين.
وكسر النون الساكنة فيه ابن شنبوذ عنه.
¥