أما الخلاف المعقد الذي تلتبس فيه الطرق وتتشعب فلا مناص من الرجوع إلى الأداء الذي تلقاه ابن الجزري عن العشرة وقرأ به وهو الذي فصله في النشر (1/ 99ـ190)
وهذا هو موضوع التحرير والتحقيق وهو الذي تتبعته في كتابي "غاية البشر في تحرير طرق طيبة النشر والحرز والتيسير والتحبير"
ولقد قذفت بنماذج منه لعلها تصيد راغبا أو طالب علم أتعاون معه لهذا القصد النبيل ونبرأ إلى الله من تزكيته فهو أعلم بالجهد وبالقصد وهو علام الغيوب.
وهذا قسم آخر من التحرير إن صح التعبير إذ هو من أبسط أنواعه وأولى درجاته إذ قد عجبت كثيرا منذ عشرين سنة أن خلت منه أمهات كتب القراءات كالنشر وشروح الطيبة والشاطبية والتذكرة والكافي وجامع البيان وغيرها ولم ينتبه محققوها الذين نالوا رئاسة الإقراء وأعلى الدرجات والشهادات العلمية من جامعاتنا الفتية المتخصصة العلمية.
ومن أمثلة هذا التحقيق هذان النموذجان اللذان حررتهما سنة 1411 هـ وسطرتهما في بحثي "إثبات تواتر القرآن دون الحاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات" وتضمنها كتابي "غاية البشر":
من الطيبة: "وخلف حيران ... "
قال في النشر (2/ 97) "خامسها ? وعشيرتكم ? في التوبة فخمها أبو العباس المهدوي وأبوعبد الله ابن سفيان وصاحب التجريد وأبو القاسم خلف ابن خاقان ونص عليه كذلك إسماعيل النحاس قال الداني وبذلك قرأت على ابن خاقان وكذلك رواه عامة أصحاب أبي جعفر ابن هلال عنه قال وأقرأنيه غيره بالاٍمالة قياسا على نظائره انتهى ورققها صاحب العنوان وصاحب التذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه والوجهان جميعا في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية سابعها ? وزرك ? و? ذكرك ? في ألم نشرح اهـ بلفظه.
قلت: وأعجب كيف لم ينتبه مصححه والذين ألفوا بعده إٍلى ما فيه من الخلط والغلط، فالقراءة المتأملة للنص الذي أوردت آنفا تعطي النتائج التالية:
1 - سقوط الكلمة السادسة وهي? حيران ? من الألفاظ المخصوصة الثلاثة عشر التي بدأ ذكرها في الصفحة الماضية (2/ 96).
2 - أننا لو اعتبرنا قوله " خامسها وعشيرتكم في التوبة " كلاما متصلا اٍلى قوله " سابعها " لظهر الاختلاف والتناقض إذ قال عن ? وعشيرتكم ? في التوبة " فخمها أبو العباس المهدوي" ثم قال بعد " والوجهان جميعا في جامع البيان والكافي والهداية " ولا يخفى أن الهداية للمهدوي.
3 - أننا عند الرجوع إلى تقريب النشر لابن الجزري (ص 72) نجده يقول " ? وعشيرتكم ? في التوبة فخمها المهدوي وابن سفيان والصقلي ورققها الآخرون وذكر الوجهين مكي وابن شريح و? حيران ? فخمها صاحب التجريد وخلف ابن خاقان وبه قرأ الداني عليه وقرأ على غيره بالترقيق وهو الذي في التيسير والعنوان والتذكرة والوجهان في الكافي والهداية والتبصرة وتلخيص ابن بليمة والشاطبي وجامع البيان " اهـ محل الغرض منه والذي بعده هو حرفا ألم نشرح المرقمين في النشر بسابعها.
4 - أننا عند الرجوع إلى إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر للبنا الذي يعتمد النشر في الطرق نجده يقول (ص94) " وأما ? وعشيرتكم ? بالتوبة ففخمها المهدوي وابن سفيان وصاحب التجريد ورققها الآخرون وأما ? حيران ? بالأنعام ففخمها ابن خاقان وبه قرأ الداني عليه ورققها صاحب العنوان و التذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير وتعقبه في النشر بأنه خرج بذلك عن طريقه فيه وهما في الشاطبية كجامع البيان " اهـ.
5 - وعند الرجوع إلي تذكرة طاهر ابن غلبون (ص220) نجده يرقق ? حيران ? و? وعشيرتكم ? التوبة وهو الذي يتفق مع ما في التقريب والإتحاف " ورققها الآخرون ".
6 - وعند الرجوع إلي شرح ابن الناظم لطيبة أبيه (ص135) نجده يقول " منها ? حيران ? فخمه ابن الفحام وخلف ابن خاقان وكذا رواه عامة أصحاب ابن هلال ونص عليه إسماعيل النحاس " اهـ محل الغرض منه ولا يخفى أن ابن الناظم يأخذ الطرق من النشر بخط والده.
¥