تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هل صحيح أن الكاذب في المباهلة لا يعيش أكثر من سنة؟؟؟]

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[09 Oct 2010, 06:46 م]ـ

قرأت في تفسير القرطبي وغيره أن المباهل الكذاب لا يعيش أكثر من سنة. فهل في ذلك أثر صحيح؟؟

وإن كان الأثر صحيحاً. فماذا لو مات الصادق بسبب حادث عارض انتهى به أجله؟ وأي فتنة تكون لأهل الحق عندئذ؟؟ وما المخرج منها؟؟ وماذا لو خطط الخبثاء لمقتل الذي باهلهم ليقيموا حجة فاسدة على الذي لاعنهم فتهوي بتلك الفتنة أفئدة الناس ضعاف الإيمان؟؟

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Oct 2010, 09:57 م]ـ

قال الله تعالى:

? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?آل عمران: 61

ما الذي تفيده الدعوة إلى المباهلة؟

تأملت في الآية فلم يظهر لي إلا أن الدعوة إلى المباهلة إنما هو لقطع الخصومة والمحاجة فقط لا غير, وليس في الآية ما يشير إلى أنها من طرق إظهار الحق.

فهل هذا يعني أن الآية ترشد صاحب الحق إلى قطع المحاجة مع الخصم إذا استنفذ كل الوسائل في بيان الحق؟

ثم تأملت فيها مرة أخرى فإذا الآية تشير إلى أمور وهي:

أن الخصم لا يخرج عن أحد أمرين:

الأول: أما أنه يحاج عن أمر يعتقد صحته وإن كان الواقع خلاف ما يعتقد.

الثاني: وإما أنه يحاج بالباطل عن أمر يعلم أنه باطل.

فأما الثاني فلا أرى فائدة تعود عليه من وراء دعوته إلى المباهلة، بل ربما تكون سببا في هلاكه بإذن الله تعالى.

وأما الأول فأرى أن دعوته إلى المباهلة ربما قادته إلى التفكير والتروي وإعادة النظر، وهذا ما أعتقد أنه حصل مع وفد نجران الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة، وتعالوا ننظر في رواية البخاري رحمه الله ففيها ما يدل على ذلك:

روى البخاري رحمه الله تعالى من حدي حذيفة رضي الله عنه قال:

"جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ قَالَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا قَالَا إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا فَقَالَ لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ"

فقول أحدهما: " لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا" يدل أن الرجل ينطلق من عقيدة ويعلم أن من كان الحق في جانبه هو الذي سيظهر الله، وأن الله سيمحق المبطل.

وهذا لو باهل مع اعتقاده صحة معتقده فالجزم أن الهلاك العاجل سيحيق به يحتاج إلى دليل صحيح صريح، والآثار الواردة في هذه الحادثة تشير إلى أن هذا الأمر متقرر عند النصارى فقد روى بن كثير في تفسيره قوله:

" ثم تكلم ابن إسحاق على التفسير إلى أن قال: فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله، والفصل من القضاء بينه وبينهم، وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه، دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم، دعنا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه، فانصرفوا عنه، ثم خلوا بالعاقب، وكان ذا رأيهم، فقالوا: يا عبد المسيح، ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم."

ومنه ـ إذا صحت الرواية ـ نفهم أن هذا كان متقررا في عقيدتهم.

وروى الإمام أحمد من حديث بن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو جهل: إن رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطَأ على عنقه. قال: فقال: "لو فعلَ لأخَذته الملائكةُ عيانًا، ولو أن اليهود تمنَّوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرَجَعوا لا يجدون مالا ولا أهلا".

وإذا صحت الرواية عن بن عباس رضي الله عنهما فنجد أن الأدلة تضافرت على هلاك المبطل.

لكن هل يلحق بهم من كان على شاكلتهم إذا باهلهم أحد من أهل الحق؟

هذا يحتاج منا إلى تفكير وروية.

أما المبطل الذي يعلم أنه على باطل فقد صح الأثر بما يشعر أن الخطر يحيق به عاجلا أو آجلا، ومنه ما رواه البيهقي رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم و ليس شيء أعجل عقابا من البغي و قطيعة الرحم و اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع." وصححه الألباني.

وقال بن حجر رحمه الله تعالى في الفتح:

"وَمِمَّا عُرِفَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ مَنْ بَاهَلَ وَكَانَ مُبْطِلًا لَا تَمْضِي عَلَيْهِ سَنَة مِنْ يَوْم الْمُبَاهَلَة. وَوَقَعَ لِي ذَلِكَ مَعَ شَخْص كَانَ يَتَعَصَّب لِبَعْضِ الْمَلَاحِدَة فَلَمْ يَقُمْ بَعْدهَا غَيْر شَهْرَيْنِ"

وكثيرا ما يتادول الناس بعض القصص المتعلقة بهذا الشأن وما يحصل لبعض المخاصمين بالباطل حين يدعون في مجلس القضاء فيحلفون على باطلهم فلا يلبثون أن تحل بهم المصائب نسأل الله العافية.

هذا ما تيسر لي وأحببت أن أشارك به الأخ الفاضل تيسير.

والله أعلم

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير