[التاء في الخط القرآني والخط الإملائي - الأخطاء الإملائية (8)]
ـ[سامح عبد الحميد حمودة]ــــــــ[12 Oct 2010, 05:01 ص]ـ
الأخطاء الإملائية (8)
التاء في الخط القرآني والخط الإملائي
وردت بعض الأسماء المنتهية بالتاء المربوطة وقد كتبت تاؤها مفتوحة في القرآن الكريم مثل: امرأت لوط، امرأت العزيز… وهذه كتابةٌ لا يجوز اعتمادها في كتاباتنا العادية و هي خاصة بالقرآن الكريم وحده.
لقول ابن درستويه في كتابه كتاب الكُتَّاب: (خطَّان لا يقاسان ولا يُقاس عليهما خطُّ المصحف، وخطُّ العَروض)
الرسم القرآني (طريقة كتابة القرآن) من المسائل التي شغلت اهتمام العلماء، فمن المعلوم أن للقرآن الكريم منهجًا خاصًا في الكتابة، يختلف نوعًا ما عن الكتابة التي ألِفَها الناس.
وقد قسم العلماء الرسم الكتابي إلى قسمين رئيسين، الأول أطلقوا عليه اسم الرسم القياسي، ويقصدون به كتابة الكلمة كما تُلفظ، مع الأخذ بعين الاعتبار حالتي الابتداء بها والوقف عليها.
أما القسم الثاني فأطلقوا عليه اسم الرسم التوقيفي، ويقصدون به الرسم العثماني، نسبة إلى عثمان رضي الله عنه، إذ هو الرسم الذي كُتبت به المصاحف.
وبعض هذه الكلمات التي كتبت فيها التاءات مبسوطة راعى فيها الصحابة رضوان الله عليهم أنها تقرأ في بعض القراءات بالإفراد، وفي بعضها بجمع المؤنث السالم، فبكتابتها بالتاء المبسوطة تكون الكلمات صالحة لكل من القراءتين؛ كما قال ابن الجزري رحمه الله في مقدمته:
....... وكل ما اختلف**** جمعًا وفردًا فيه بالتاء عرف.
ومن الأمثلة على ما اختلف في إفراده وجمعه فكتب بالتاء مراعاة لذلك: (بينت) في قوله {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَت مِّنْهُ} فاطر:40 و (غيابت) في قوله {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَت الْجُبِّ} يوسف:10 و (جمالت) في قوله {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} المرسلات: 23 فهذه الكلمات قرأها حفص بالإفراد، وفيها قراءات أخرى بالجمع كما ذكر الجزري في النشر.
ثم إنا ننبه إلى أن الرسم توقيفي يجب اتباع الطريقة التي كتبه الصحابة بها، ولا يجوز خلافهم فيها كما نص عليه الإمام مالك وأحمد وغيرهما، رحمة الله تعالى على الجميع، فإن الرسم العثماني خالف الرسم القياسي من بعض الوجوه.
والمراد برسم المصحف الكيفية التي كُتبت بها حروفه وكلماته، وَفق المصاحف العثمانية، فمن المعلوم أن الصحف التي كُتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والمصاحف العثمانية التي وُزعت على البلدان الإسلامية فيما بعد، كانت خالية من الشكل والنقط.
ولا ريب أن رسم المصاحف العثمانية كان يقوم على إملاءٍ خاصٍ به، يختلف عن الرسم الإملائي المعروف لدينا اليوم.
وظل الناس يقرؤون القرآن في تلك المصاحف على تلك الشاكلة، إلى أن تطرق الفساد والخلل إلى اللسان العربي نتيجة الاختلاط بالأعاجم، ما دفع أولي الأمر إلى ضرورة كتابة المصحف بالشكل والنقط وغيرها، حفاظًا على القرآن من أن يُقرأ على غير الوجه الصحيح.
وكان أبو الأسود الدؤلي - وهو تابعي - أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام بتشكيل القرآن الكريم بأمر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان السبب المباشر لهذه الخطوة ما سمعه من قارئٍ يقرأ خطأً، قوله تعالى: {إن الله بريء من المشركين ورسولَه} (التوبة:3) فقرأ الآية بجر اللام من كلمة (رسوله) فغيَّر بذلك المعنى تغييرًا كليًّا، فأفزع هذا الخطأ أبا الأسود ما دفعه إلى وضع علامات لشكل الحروف والكلمات، فجعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين، وقد أعانه على هذه المهمة بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان أول من صنف كتابًا في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وكان كذلك أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من العلامات الضابطة، ثم دُوِّن علم النحو ليكون خادمًا وضابطًا لقراءة القرآن على الوجه السليم.
وقد صنف العلماء في هذا المجال ما عُرف بـ "علم الرسم القرآني" ووضعوا كُتُبًا خاصة في هذا الموضوع، منها على سبيل المثال لا الحصر، كتاب "المقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار" لـ أبي عمرو الداني، وكتاب "التنزيل" لـ أبي داود سليمان نجاح.
ـــــــــــــــــــــــــــ
¥