مهداة إلى إخوتي "السّلفيّة": حادثة على أبواب المدينة النّبويّة
ـ[محمد عادل عقل]ــــــــ[03 Nov 2010, 08:07 م]ـ
في مطلع العام 1986 وبعد أن انهيت الخدمة العسكرية"خدمة العلم" عقدت العزم مع ابن عم لي وقريب آخر يمتلك سيارة أن نؤدي العمرة رغم قلة الامكانيات.
انطلقنا بسيارة الفولكسفاجن باتجاه بلاد الحرمين الشريفين إلا أن السيارة الخنفساء خذلتنا في جنوب الاردن وفي مدينة معان بالتحديد فاصلحناها وامضينا الليل هناك ودفعنا احتياطاتنا النقدية مع اول عارض اعترضنا ..
توكلنا على الله، وسرنا إلى أن وصلنا المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وبعد أن أدينا الصلاة في المسجد النبوي وسلمنا على الحبيب المصطفى قصدنا الجامعة الاسلامية للزيارة كإحدى محطات برنامجنا، وهناك وعلى مقربة من مرآب الجامعة تعطلت السيارة ثانية، فعادت لنا الحيرة إذ أنها المرة الاولى التي نأتي فيها إلى هذه البلاد، واحتياطي العملة الصعبة لدينا نفذ منذ كنا في معان، فما العمل ... ؟؟
وقفنا بجانب السيارة، واستعنا بعد الله ببعض المارة فأفادونا بأن نوع السيارة نادر في السعودية ولا بد من شراء قطع الغيار من الوكيل ابن لادن في مدينة جدة التي تبعد عنا اكثر من 400 كليو مترا ....
المهم ونحن في حالة كانت قريبة من اليأس اذا بجيمس GMC يقف الى جانبنا، نزل منه شيخ وقور تظهر عليه علامات الصلاح والتقى، مشرق الوجه، فقال لنا: الاخوان من الاردن، أجبناه بنعم، عرف ذلك من نمرة السيارة، وباغته بسؤال: هل أنت الدكتورعاصم القريوتي، ( http://www.tarhuni.net/aasem.htm (http://www.tarhuni.net/aasem.htm)) ؟؟
فرد بالايجاب ...
فأخبرناه خبرنا وقلة حيلتنا وهواننا على هذه الركوبة التي حرنت أكثر من مرة وتأبى أن توصلنا إلى مقصدنا ...
نظر إلينا وقال: لعلكم تحتاجون مالا لإصلاحها، أجبناه بنعم، فقال لنا اركبوا معي: بسم الله مجريها ومرساها وأخذنا الى بيته القريب من الجامعة، وهو لا يعرف أحدا منا، حتى أنا أراه لأول مرة في حياتي. واستغرب قريباي من معرفتي له دون سابق لقاء بيننا، فاخبرتهم ان له شقيقا اسمه بسام خدم معي العسكرية وحدثني عن أخيه عاصم وأهداني عددا من مؤلفات الدكتور عاصم، اطلعت على بعضها، ولفت نظري انه يوقع باسم ابي صهيب، فسألت بسام عن صهيب فقال لي هي كنية ولم يرزق بالذكور بعد وانه متزوج من زوجتين احداهما باكستانية والاخرى من بلد قريب من باكستان لا اتذكره الآن، وقد رزق منهما عددا كبيرا من البنات، حفظهن الله.
ولما وصلنا البيت اعتذر منا أشد الاعتذار لأنه على موعد آخر وأعطانا مبلغا لا بأس به من المال، ولم يطلب إلينا سداده أو ورقة تثبت له دينا علينا، وأعادنا إلى السيارة، وكان قطرها لنا إلى أقرب محل لتصليح السيارات، ومضى كل الى غايته,,, وتابعنا مشوار العمرة والبحث عن حل لمشكلة السيارة التي تبرع أحد الاخوة السودانيين في تبييتها في "كراجه"لغاية عودتنا من جدة محملين بالقطع اللازمة ...
وصلنا مكة المكرمة بالحافلات العمومية، وأدينا العمرة وهاتفنا صهر أحد الاقرباء الذي جاء الينا في مكة وعمل لنا تصريحا لنتمكن من مغادرة خط سير المعتمرين تمهيدا لزيارته في الطائف، وانطلقنا الى جدة ووصلنا الى وكالة السيارات التي فاجأتنا باسعار القطع، وكانت تعادل آنذ ثمن سيارة في الاردن فقفلنا راجعين ولم نشتر قطع الغيار وعقدنا العزم على ان نقطر السيارة الى الاردن بواسطة احدى سيارات الشحن التركية، وهكذا كان.
وفي الطريق الى مكة أخبرت أقربائي خبر الدكتور عاصم وأن الله لم يرزقه بعد بالبنين وهو يكني نفسه بابي صهيب، وطلبت منهم، لقاء المعروف الذي قدمه لنا لوجه الله تعالى، ان يكون دعاءنا الرئيس في الطواف والسعي لعاصم القريوتي بأن يرزقه الله صهيبا، وهكذا فعلنا وكنت شخصيا أستشعر لذة الدعاء لهذا الرجل الذي كما يقولون جاء لنا هبة من السماء على غير ميعاد ولا سابق معرفة.
عدت الى الاردن واتصلت بشقيقه المهندس بسام وأبلغته خبرنا وحكايتنا مع الدكتور عاصم وطلبت له أن يعلمني حال عودته إلى الاردن لنقوم برد جزء من جميله ..
وفي العطلة الصيفية جاء الخبر السعيد ورزق الدكتور عاصم بصهيب، وكان ذلك اول درس ايماني عملي لنا، دعوناه ووالده وشقيقه بسام الى بيت قربنا الاكبر في الرحلة واكملنا لهم قصتنا ورددنا لهم المال كما هو لاننا لم نحتج اليه وأبقيناه على حاله ... شكرناه بعد شكر الله وقلت في نفسي حينها وما زلت ارددها: هكذا هم السلف ... السلف الصالح قولا وافعلا .... يا أتباع السلف الصالح
لقد علمني هذا الموقف الذي سأبقى أذكره ما بقيت انفاسي تتردد ...
وفي نفس العام أخذت عهدا على نفسي ان اسمي إبني البكر صهيبا، وأنا حديث عهد بزواج،لحبي لأبي صهيب القريوتي وعشقي أن أصير مثله لكن هيهات هيهات، وكما يقول حبيبي ابو مصعب النعيمان: أين مسابح الاسماك من مدارك الافلاك، بل أين الثرى من الثريا؟؟!!
¥