تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

منهجيّة يا ابن السوداء

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[16 Oct 2010, 05:36 ص]ـ

كان أبو ذر من أشد الناس تواضعًا، فكان يلبس ثوبًا كثوب خادمه، ويأكل مما يطعمه، فقيل له: يا أبا ذر، لو أخذت ثوبك والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوبًا واحدًا لك، وكسوت عبدك ثوبًا آخر أقل منه جودة وقيمة، ما لامك أحد على ذلك، فأنت سيده، وهو عبد عندك، فقال أبو ذر: إني كنت ساببت (شتمت) بلالاً، وعيرته بأمه؛ فقلت له: يا ابن السوداء، فشكاني إلى رسول الله، فقال لي النبي: (يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، فوضعت رأسي على الأرض، وقلت لبلال: ضع قدمك على رقبتي حتى يغفر الله لي، فقال لي بلال: إني سامحتك غفر الله لك، وقال: إخوانكم خولكم (عبيدكم)، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) [البخاري].

الذي جعلني أكتب هذه القصة هو اننا أحياناً لا ندع فرصة حتى للمخطئين ان يعتذروا. فننفخ في صدورهم غِلاً يجعلهم يتقهقرون عند خطئهم فلا يعتذرون.

كان أبو ذر وهو الصحابي الجليل المعروف قدراً وهيبة ومكانة ولكنه أخطأ ومن ذلك الخطأ هذّب نفسه وأدبها ونهّجها وقوّمها.

الخطأ الأكبر والمنهج الخاطيء الذي نتبعه في مواجهة المخطئين هو الهجوم عليهم دون أن نشعرهم بأنهم مخطئون بادي الرأي. فنقزم أشخاصهم ونستقل علومهم ونستجهل تصرفهم وهم غافلون أصلاً عن عن تلك المعركة المشتعلة بحقهم ولا يدرون أين وكيف وقعت.

أوليس الأهم من الخطأ أن نعّرف المخطيء بخطئه؟؟؟

أوليس من الحكمة أن نحسن قيادة الإعتذار أولاً قبل أن نكون ماهرين في التهويش والتسويف؟؟؟

نعم لقد أخطأ بحق بلال ولكن لم تكن منهجيته في الحياة هكذا وهو الذي كان يلبس مما يلبس العبد ويأكل مما يأكل.

لقد أخطأ ولكن كان لديه فسحة واسعة للاعتذار عمّا فعل بل إنه صنع من الخطأ منهجاً جديداً في التواضع ومحبة الضعفاء

فهلا استفدنا من تلك القصة وجعلناها ومثيلاتها طريقة قويمة في حسن قيادة الأزمات وإفساح المجال للمعتذرين أن يعتذروا ويعودوا الى ما كانوا عليه من محبة وتقدير.

مع تقديري الخاص الى كل المعتذرين ومحبتي لكل المخطئين ليعودوا الى منهجيّة السلف ليس فقط في الحفظ والاستقراء والتتبع ولكن أيضاً بالصبر والحلم والأناة وحسن التخلّق.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير