[القرعة في الإسلام]
ـ[عطيه محمد عطيه]ــــــــ[02 Nov 2010, 10:32 م]ـ
الحمد لله أحمده حمدا يليق بذاته
وأصلي وأسلم على رسول الله صلاة وسلاما تليقان بذاته الكريمة , وبعد
أرحب بكم إخواني الأعزاء
وأدعو الله العلي القدير أن يفقهنا في ديننا وأن يعلمنا ما ينفعنا
وأن ينفعنا بما علمنا ... آمين.
قال الله تعالى في سورة الصافات
" وإن يونس لمن المرسلين. إذ أبق إلى الفلك المشحون.
فساهم فكان من المدحضين "
عندما تلاعبت الأمواج بالسفينة التي استقلها نبي الله يونس عليه السلام
فرارا من قومه الذين كذبوه ولم يؤمنوا برسالته
ما كان من بد للقائمين على السفينة
من إصدار الأوامر والتعليمات التي
تضمن للسفينة السلامة وللراكبين
النجاة من هذا الفيضان وتلك
الأمواج العاتية
فأصدروا أمرا
بالبدء
بتخفيف
حمولة السفينة
حتى تستقر على سطح الماء
ولكن بعد تخفيف الحمولة بقذف ما
معهم من متاع مازالت السفينة في مهب الريح
وقد أوشكت على الغرق , فكان لابد من التضحية ببعض
من ركاب السفينة وذلك بقذفهم خارجها حتى ينجو الباقون
وهذا الحكم الشرعي وإن كان موجودا في شريعتنا وهو إحداث
بعض الضرر لتجنب كل الضرر "وانظر أخي
الكريم إلى قصة الخضر مع موسى عليهما
السلام وكيف قام الخضر بخرق السفينة
لإحداث بعض الضرر بها حتى
يتركها ذلك الملك الظالم
الذي كان يأخذ كل
سفينة صالحة
غصبا
إلا أنه كان في شرعهم جواز إلقاء البعض لسلامة البعض، وليس ذلك في شرعنا لأنهم مستوون في عصمة الأنفس فلا يجوز إلقاؤهم بقرعة ولا بغيرها.
وقد صور القرآن الكريم لنا ماذا فعل أصحاب السفينة بعد ذلك
فقال الله تعالى: " فساهم فكان من المدحضين " ومعنى
فساهم أي اقترع فوقعت عليه القرعة فقذف بنفسه
في الماء , وبدأت محنته وغمه عليه السلام
ولسنا اليوم بصدد الحديث عن قصة
يونس عليه السلام ولكن نطرح
سؤالا قد يتبادر إلى الذهن
هل يا ترى القرعة
مشروعة
وجائزة في شرعنا أم لا؟
فهب أني وأنت قد اختلفنا في أمر ما أو تشاكلنا
في شأن ما فهل لنا أن نحتكم إلى القرعة أم أنه أمر لا يجوزه الشرع؟
مع العلم أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه أو ينسخه ولاسيما إذا ورد في شرعنا تقريره، وساقه مساق الاستحسان والثناء على فاعله
فكما هو مسطور في كتب أهل العلم رحمهم الله أنه قد اختلف
في حكم القرعة بين الفقهاء , فمنهم من أقر بعدم جواز
القرعة , وكان منهم الإمام أبو حنيفة رح1
(وذلك في بداية أمره) فقضى بأن الإقتراع
عمل مذموم وهو يشابه الإستقسام
بالأزلام وهو الوارد بشأنه
النهي , قال تعالى في
سورة المائدة
" .... وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق .... " آية 3
ذلك أن العرب فيما مضى في جاهليتهم كانوا إذا ما أراد الواحد منهم أمرا
ما فإنه يعمد إلى استخدام قدح به أسهم كتب على أحدها افعل والآخر
لا تفعل والثالث ترَوَّى , أو كلمات منا-ليس منا-لصيق
فيأخذ منها سهما ويرى ما كتب فيه , فإن كان
افعل أو منا فإنه يقدم على فعل هذا الأمر
على أنه مباركة من الآلهة المزعومة
لفعل هذا الأمر , وإن كان ما
كتب هو لا تفعل أو
ليس منا فإنه
يترك فعل هذا الأمر على الفور لعدم مباركة الآلهة له , فإن كان زواجا
ألغي الزواج , وإن كان سفرا أجل السفر , وإن كان المكتوب ترَوَّى
أو لصيق , أعاد رمي القداح , وهذا اعتقاد منهم بأن الآلهة
مطلعة على الغيب وتعلم ما سيترتب على فعل هذا الأمر
ولكن أهل العلم (وهم جمهور الفقهاء) ردوا على
أبي حنيفة في قوله هذا بالبراهين القاطعة
والحجج الدامغة , فقالوا: إن هناك
من الأنبياء ثلاثة اقترعوا فنبي
الله يونس عليه السلام في
هذه الواقعة قد اقترع , ونبي الله زكريا عليه السلام اقترع ألم تقرأ قول الله
عز وجل في سورة آل عمران " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم
يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون "
وأقرع نبينا صل1 في
مواقف عديدة , ففي الصحيحين
عن عائشة رض11
قالت كان رسول الله صل1
إذا أراد سفراً أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه, وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صل1، تبتغي بذلك رضا رسول الله صل1.
¥