تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[سؤال النهضة في أدبيات الخطاب الإسلامي المعاصر]

ـ[خالد محمد المرسي]ــــــــ[08 Nov 2010, 11:53 ص]ـ

نرجو فتح النقاش بعلم أو باستفسار حول هذا الموضوع

- الكاتب: د. مسفر القحطاني - السعودية - الدمام

شكّل سؤال النهضة في نهاية القرن التاسع عشر منعطفاً تغييرياً لدى عدد من مفكري العالم العربي والإسلامي، و بعث روح التجديد في العقل العربي، وأثمر نتاجاً فكرياً عميقاً من خلال ثورة ذلك السؤال الباحث عن أسباب التخلّف والضعف والضمور الذي لفّ العالم الإسلامي آنذاك، حصل هذا الحراك الفكري بعد مرحلة التماس السلمي مع الغرب الناهض والمتقدم في مجالاته الحياتية المختلفة، وكانت مشاريع النهضة الأوروبية تبحث لها عن أراضٍ جديدة تطولها يد القوة والفكر الجديد للتبشير بعالم حرّ قادم من الشمال، في تلك اللحظة القاتمة والمتخلفة في عالمنا العربي بدأت محاولات طرح السؤال النهضوي على يد عدد من شهود ذلك التماس الحضاري بين الشرق والغرب.

?

فكان رفاعة الطهطاوي (1873م) من أوائل من حمل هذا اللواء، عندما بدأ ببثّ الوعي النهضوي في كتابه (تخليص الإبريز)، ثم أكمل مساره خير الدين التونسي (1888م) في كتابه (أقوم المسالك في معرفة الممالك)، حيث بيّن شروط تجديد التمدن الإسلامي و وسائل نهوضه، كما قام عبد الرحمن الكواكبي (1902م) بنشر ثقافة النهضة من خلال مقدمة كتابه (أم القرى) بشكل خاص وكتابه (طبائع الاستبداد) بشكل عام، و نشط هذا الحراك النهضوي بشكل أكبر على يد محمد عبده (1905م) من خلال جدل التجديد والتقدم الديني مع (رينان)، و (هانوتو)، وفرح أنطوان وغيرهم.

?

كانت هذه الملامح الأولى لفكر نهضوي يستلهم روح الإسلام في فكرته مع تمكين وترسيخ لأدوات التغيير الأوروبي للواقع العربي آنذاك، ربما وجدوها بدايةً مناسبة للانطلاق تحاكي أنموذجاً حضارياً صالحاً للاتباع، وهنا لما أقول بداية التفكير في البحث عن الجواب الفلسفي لسؤال النهضة أخص به الخطاب الإسلامي في عصرنا الحاضر، ولكن من حيث التأريخ العملي لطرح هذا السؤال، فيمكن أن نجعل ابن خلدون (1406م) رائداً في إثارة السؤال النهضوي حول كيفية بناء الأمم والحضارات وكيفية ضعفها وسقوطها في مقدمة تاريخه.

?

أكد هذا المنحى عدد من الباحثين الذين ربطوا مشروع الطهطاوي والتونسي بالنهج الخلدوني في دراسة النهوض والانحطاط من خلال إعمال الأسباب والمسببات والعلل، كما أن الاستفادة من مضامين المقدمة الخلدونية كان طاغياً في إنتاجهم الفكري ومحاولاتهم التجديدية (انظر: خطاب النقد الثقافي في الفكر العربي المعاصر للدكتور سهيل الحبيب ص 75 - 87، فكر ابن خلدون العصبية والقبيلة للجابري ص 252).

?

و لكن مع بداية القرن العشرين ظهرت مشاريع فكرية أخرى تستلهم العودة الدينية كأساس للتحضر مع حفاظ أشد على الهوية من التأثر بالنماذج الغربية التي بدأت تغزو معاقل التعليم في الشرق الإسلامي، كان روّادها محمد رشيد رضا (1935م) من خلال مجلته المنار، و الأمير شكيب أرسلان (1946م) من خلال كتابه التساؤلي (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم)، والمفكر الهندي محمد أقبال (1938م) في كتابه (إحياء الإسلام).

بعدها بدأت مرحلة أخرى من العمل الإصلاحي اتجهت فيه نحو الحماية من التغريب الحضاري ما أدّى إلى بروز عدد من الحركات الإسلامية في مقابل تنامي التيارات اليسارية والعلمانية التي جالت أفكارها بحثاً في سؤال النهضة ومأزق التخلّف، وللأسف أن هذا الحراك المتسارع في النمو والإثارة الفكرية قد تحوّل عند الإسلاميين إلى سؤال الهوية والمحافظة عليها وقمع المخالفين والمناوئين، واختزل مشروع نهضة الأمة إلى مشروع حفظها بقيام دولة الإسلام المحقِّقة لتعاليمه وقيمه، ظهر ذلك التوجه بشكل واضح في كتابات الندوي والمودودي وسيد قطب و محمد قطب وغيرهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير