["مراسلات في الحداثة واللمسة الحداثية ... "]
ـ[د. إسلام المازني]ــــــــ[06 Nov 2010, 12:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم العليم
["مراسلات في الحداثة واللمسة الحداثية ... "]
قال الأنام وقد رأوهُ .. مع الحداثة قد تصدر
من ذا المجاوزُ قدرهُ .. قلتُ المقدّم بالمؤخر
هذه من المراسلات الحزينة سببا، لكني أحببت أن أكون عينكم في أمرها،
ونحن في العصر الذهبي لأهلها، أحدث ويحدث .. وأرجو ألا يعتبوا لقسوتي، وأشهد الله تعالى أني أرجو لي ولهم اللقاء على كلمة وسط سواء، وأن يتحلى البعيد منا بالشجاعة، ويقترب معانقا في إخاء
تعلم -رعاك لله- أنه لولا الدعم المادي والإعلامي ما تصدر من تصدر، بعد أن خربت له الدار ليسود
ويصبح مشروبها الرسمي بالإكراه، أو باستغلال الببغائية، أو النفعية في قلوب سود
يرتقي الجاهل الغني اعتباطاً .. ويزجّ الأديب بين الجناة
وطن بات عن بنيه غريباً .. تجتني خيره أكفّ الغزاة
وقومنا لو كانوا فطما ما رضعوا، والجمال في الحداثة ليس ذاتيا .. فليس العتب على الداعم والمدعوم وحدهما.
هذا التحليل النفسي -أو القيمي-للحداثة، والمصابين بها، والمتصفين بنعتها، ليس تأويلا! كما يفعلون حين يفتكون بنص، بل هو قراءة للواقع، ولتطور الحالة، وأيدته مصائب ما بعد الحداثة، وما تلاه ويتلوه، إلى أن تطلع الشمس من مغربها.
والحداثة أصلا طريقة أدب-زعموا- ظاهرا وباطنا، لا ذكر فيها للرب تبارك وتعالى بخير، ولا بعبودية حقيقية، وكأننا خلقنا سدى، والكون ليس فيه سوانا ..
وتقوم على الاستخفاف باللفظ، وهذا يهز كل مدلولاته ومعانيه، بما فيها المعاني السامية، ويزيل قداستها بنسبة ما، ومن ثم يكون هناك استخفاف ثم زلل!
وَإِذا القُلوبُ اِستَرسَلَت في غَيِّها .. كانَت بَلِيَّتُها عَلى الأجسام!
ألا ترى الزلل الأممي الجماعي؟ والتواطؤ الدولي .. والمزاج العالمي الذي تقوده راعية الإعلام؟
ألم تر إلى سلوكهم الفردي" أقصد الثنائي .. "
ألا ترى أن القلم بات كالسيجارة! والأدب كالتدخين! والملتقيات حفلات؟
ثم الاستخفاف بالأوزان والنغمات
فالحداثة من محاورها إزالة القداسة عن كل لفظ
ونهايتها ونتيجتها إزالة القداسة والتقديس عن كل شيء ..
هربت من التنافس في النظام والتناسق والجمال والألق، إلى الهذيان والفوضى الخلاقة!
خادع الجهال في العل .. م فعدوا العلم عارا
ونهوا عنه البرايا .. ورضوا الجهل اختيارا
ثم قلت -عن عثرتك-هي في عيني جميلة، ثم قلت: بل هي أجمل! وطعنت من عجزت أن تصل إليه، ثم جرأك عليه غطيطه، وسيدك المريد!
يُغري جَوارِيَهُ بِها فَيَجِئنَها .. وَيُغيرُهُنَّ بِها فَيَستَعلينا!
ثم إزالة التعظيم والتوقير والتقدير
ومن ثم إزالة الأدب، والطاعة، والمرجعية، والخشية، والسمت، والتوقير، والوقار! والحشمة مع النفس والناس، ومع الرب الجليل تعالى ودينه، ومع لغة الدين وحجمه .. وهذا عندنا وفي حداثة غربهم كذلك ..
"وتأمل فقدان هذه الأمور في أمة تجد ما بقي لها هو تخبط بين بين، أو حيوانية بتقنية، أو انظر أسفل قليلا تجدها راكعة لغيرها تعتلف .. "
وإلى جانب هذا ففي الحداثة ترك كل الثوابت الشكلية الأخرى، وهذا أمر ثان، فيكتبون بطرق متناثرة مبعثرة، ويقللون من قيمة نمو الفنون الكتابية، والذوق المتطور والجماليات المحسنة، وكأنما بعدما وصلنا للنضج والقمة، بل عانينا من التكلف في الرسم والتصنع، ءان أوان التطرف الأخر، وخلع كل شيء، والكتابة بطريقة المجانين، أو المتخلفين الذين لا يعقلون، ولا يعلمون ولا يتحضرون، ولا فنون لغة عندهم، أو الذين لم يبلغوا الحلم، أو الذين لا يبالون في مزاحهم ومزاجهم، كأهل الهذيان والمخدرات والسكر والعبث ..
كأنما صار خلع الثوب وانزال السروال من عند الوسط إبداعا لأنه تغيير- راجع موضة السروال الساقط السالت- وكلها واردات منظومة ثقافية واحدة لا تبعث لنا أسرار الطاقة النظيفة والفضاء، بل عربدتها فقط ..
وكأنما بات المشي للخلف بدلا من المشي للأمام حداثة وتنويرا، فترى الناس أقفيتهم ملوية، ويسيرون ظهورهم لغايتهم .. ألا تراهم؟
و المشي مترنحا كالسكران تطورا سرديا .. وهذا يسري على لي القناعات في الجوائز الأدبية بل والسياسة
والفن المنظور كذلك .. فتطوير الغزل-الصوف الملون المغزول- مثلا لا يكون بلسعه بالسجائر وثقبه،
¥