(والحديث) يدل على أنه يجوز أن يدخل المرأة في قبرها الرجال دون النساء، لكونهم أقوى على ذلك، وأنه يقدم الرجال الأجانب الذين بعد عهدهم بالملاذ في المواراة على الأقارب الذين قرب عهدهم بذلك، كالأب والزوج، وعلل بعضهم تقدم من لم يقارف بأنه حينئذ يأمن من أن يذكره الشيطان بما كان منه تلك الليلة، وحكى عن ابن حبيب أن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان، أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة، فتلطف - صلى الله عليه وآله وسلم - في منعه في النزول قبر زوجته بغير تصريح. ووقع في رواية حماد المذكورة: فلم يدخل عثمان القبر ". أهـ
وقال الشيخ محمد بن عثيمين في الشرح الممتع (5/ 361):
" ولا يشترط فيمن يتولى إدخال الميتة في قبرها أن يكون من محارمها، فيجوز أن ينزلها شخص، ولو كان أجنبياً.
ودليل ذلك: [أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - لما ماتت ابنته زوجة عثمان ـ رضي الله عنهما ـ، وخرج إلى المقبرة وحان وقت دفنها، قال: «أيكم لم يقارف الليلة؟» ـ لم يقارف: قال العلماء: أي لم يجامع ـ فقال أبو طلحة: «أنا، فأمره أن ينزل في قبرها»]، مع أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - وهو أبوها، وزوجها عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ كانا حاضرين ". أهـ
وسئل الشيخ في لقاء الباب المفتوح (رقم اللقاء 22):
السؤال
فضيلة الشيخ! سمعت أنه لا يجوز لجنازة المرأة أن يدخلها القبر من جامع أهله في تلك الليلة، فهل هذا مخصوص ببنات الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أم بالعامة؟
الجواب:
العلماء فيما أعلم لم يقل أحد منهم: إن المرأة يحرم أن يدخلها في قبرها من جامع تلك الليلة، لكنهم قالوا: من بعد عهده بالجماع فهو أولى، لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال وهو يدفن إحدى بناته: «أيكم لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا فنزل» على أن العلماء مختلفون في قوله: (لم يقارف) هل معناه: لم يقارف إثماً، أي: لم يتفقوا على أن المراد به الجماع، فإذا نزل الإنسان إلى قبر امرأة وهو يعرف كيفية الدفن، ولو كان قد جامع في تلك الليلة فلا بأس ولا حرج، لكن الأولى أن يكون الإنسان الذي ينزل في قبرها لم يجامع في تلك الليلة» أهـ.
ثم إنه لا ينبغي أن ندعي التخصيص في حكمٍ من الأحكام لشخص معين إلا بدليل، لا يمكن أن نقول: إن هذا من خصائص بنات الرسول إلا بدليل، بل ولا يمكن أن نقول: هذا من خصائص الرسول إلا بدليل.
والدليل على هذا: أن الله تعالى لما أراد أن يخصص الحكم بنبيه - عليه الصلاة والسلام -، قال: (خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [الأحزاب:50]، وقال لما أحل له زينب بنت جحش وهي زوجة ابنه الذي كان قد تبناه وهو زيد بن حارثة، قال الله تعالى بعد أن أحلها: (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ) [الأحزاب:37] فدلت هذه الآية على أن ما ثبت للرسول ثبت لغيره من الأمة إلا بدليل، فلا تستعجل الأمور في قولك: هذا خاص بكذا، ليس هناك شيء فيه خصوصية إلا بدليل.
وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن بعض الناس يظنون أنه لا ينزل المرأة في قبرها إلا من كان من محارمها، وهذا غير صحيح، ينزلها من كان أعرف بطريقة الدفن سواء كان من محارمها أو من غير محارمها ". أهـ
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[16 Oct 2010, 08:25 م]ـ
هذه إفادة جليلة أخي الفاضل ضيدان. مما يؤكد أن الأمر ليس خاصاً بالنبي عليه الصلاة السلام أولاً. وأنه أيضاً سنة رغم أن الفقهاء لم يتطرقوا اليها في أبواب الجنائز ولا آدابها. ومما جعلني أثير هذا الكلام أن أحد الأخوة قد توفاه الله تعالى قبل ثلاثة أيام. وقد نزلت القبر للحده. فنزل أحد أقارب المتوفي يريد أن يلحده معي فلم أر في وجهه نور الصلاح فقلت له: يجب أن تكون متوضئاً إذا أردت مساعدتي. ولم أقل ذلك إلا للتخلص منه. فعاد من حيث أتى وناديت على بعض الأخوة فساعدني في لحده رحمه الله.
بعد أن أكملنا الدفن سألني أحد الأخوة مستفسراً عن المسألة. فأجبته أن الذي يريد أن ينزل الى القبر يجب أن لا يكون قد قارف أهله تلك الليلة. وبينت له الحكمة في ذلك كما بينها بعض العلماء ومنهم أبن القيم رحمه الله تعالى.
إلا أن هذه السنة لا يعرفها كثير من الناس. ومن أجل عموم الفائدة وابتغاء الأجر آثرت أن أضعها كمشاركة في هذا الملتقى الطيب. والحمد لله رب العالمين.
ـ[ضيدان بن عبدالرحمن]ــــــــ[16 Oct 2010, 08:58 م]ـ
هذه إفادة جليلة أخي الفاضل ضيدان. مما يؤكد أن الأمر ليس خاصاً بالنبي عليه الصلاة السلام أولاً. وأنه أيضاً سنة رغم أن الفقهاء لم يتطرقوا اليها في أبواب الجنائز ولا آدابها. ومما جعلني أثير هذا الكلام أن أحد الأخوة قد توفاه الله تعالى قبل ثلاثة أيام. وقد نزلت القبر للحده. فنزل أحد أقارب المتوفي يريد أن يلحده معي فلم أر في وجهه نور الصلاح فقلت له: يجب أن تكون متوضئاً إذا أردت مساعدتي. ولم أقل ذلك إلا للتخلص منه. فعاد من حيث أتى وناديت على بعض الأخوة فساعدني في لحده رحمه الله.
بعد أن أكملنا الدفن سألني أحد الأخوة مستفسراً عن المسألة. فأجبته أن الذي يريد أن ينزل الى القبر يجب أن لا يكون قد قارف أهله تلك الليلة. وبينت له الحكمة في ذلك كما بينها بعض العلماء ومنهم أبن القيم رحمه الله تعالى.
إلا أن هذه السنة لا يعرفها كثير من الناس. ومن أجل عموم الفائدة وابتغاء الأجر آثرت أن أضعها كمشاركة في هذا الملتقى الطيب. والحمد لله رب العالمين.
بارك الله فيك، ونفع بك المسلمين.