وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وقد أجمع العلماء على أن صوم يوم عرفة أفضل الصيام في الأيام، وفضل صيام ذلك اليوم، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صيام يوم عرفه أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " [رواه مسلم]. فصومه رفعة في الدرجات، وتكثير للحسنات، وتكفير للسيئات.
ماذا يكفر صوم يوم عرفة:
فعموماً لا ينبغي صيام يوم عرفة للحاج أما غير الحاج فيستحب له صيامه لما فيه من الأجر العظيم وهو تكفير سنة قبله وسنة بعده. والمقصود بذلك التكفير، تكفير الصغائر دون الكبائر، وتكفير الصغائر مشروطاً بترك الكبائر، قال الله تعالى: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " [النساء]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينها إذا اجتنبت الكبائر " [رواه مسلم].
صوم يوم عرفة للحاج:
فيستحب صيام يوم عرفه لغير الحاج أما الحاج فعليه أن يتفرغ للعبادة والدعاء ولا ينشغل فكره وقلبه بالطعام والشراب وتجهيز ذلك، فيأخذ منه جُل الوقت، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة " [رواه أحمد وابن ماجة وفي صحته نظر]، وأيضاً مثله عند الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات "، ويعضدهما حديث: " أن الناس شكوا في صومه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأرسل إليه بقدح من لبن فشربه ضحى يوم عرفة والناس ينظرون " [رواه البخاري ومسلم].
فعندما شك الناس في صوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة جاءه قدح لبن فشربه حتى يرى الناس أنه لم يصم، وقال بعض العلماء أن صيام يوم عرفة للحاج محرم، لأن النهي في الحدث السابق للتحريم، وكره صيامه آخرين، قال ابن القيم رحمه الله: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إفطار يوم عرفة بعرفة. انتهى.
وقال المنذري: اختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفة، قال ابن عمر: لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، وأنا لا أصومه. ولفظه عند عبدالرزاق: " حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصم يوم عرفة، وحججت مع أبي بكر فلم يصمه، وحججت مع عمر فلم يصمه، وحججت مع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه، ولا آمر به، ولا أنهى عنه " [4/ 285].
وقال عطاء: من أفطر يوم عرفة ليتقوى به على الدعاء كان له مثل اجر الصائم. [مصنف عبد الرزاق 4/ 284].
وقال الساعاتي في الفتح الرباني: وممن ذهب إلى استحباب الفطر لمن بعرفة الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري، والجمهور، وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين، وقال: هو أعدل الأقوال عندي.
صوم التطوع لمن عليه قضاء:
اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في حكم التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان.
فذهب الحنفية إلى جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان من غير كراهة، لكون القضاء لا يجب على الفور، قال ابن عابدين: ولو كان الوجوب على الفور لكره، لأنه يكون تأخيرا للواجب عن وقته الضيق.
وذهب المالكية والشافعية إلى الجواز مع الكراهة، لنا يلزم من تأخير الواجب، قال الدسوقى: يكره التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب، كالمنذور والقضاء والكفارة.سواء كان صوم التطوع الذي قدمه على الصوم الواجب غير مؤكد، أو كان مؤكداً، كعاشوراء وتاسع ذي الحجة على الراجح.
وذهب الحنابلة إلى حرمة التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، وعدم صحة التطوع حينئذ ولو اتسع الوقت للقضاء، ولا بد من أن يبدأ بالفرض حتى يقضيه، وإن كان عليه نذر صامه بعد الفرض أيضا، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله وسلم قال ((من صام تطوعاً وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه)) [رواه أحمد]، وقياساً على الحج. في عدم جواز أن يحج عن غيره أو تطوعاً قبل حج الفريضة. [الموسوعة الفقهية 28/ 100].
وهذا سؤال ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
¥