تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جلمود]ــــــــ[06 - 10 - 2007, 10:30 ص]ـ

سلام الله الكريم عليكم،

ورمضان كريم: D:D،

ومرحبا بأستاذنا الشاعر النحوي الموفق علي المعشي،

ومرحبا بأيامه وفتوحاته:):)،

اسمحوا لي أن ألقي في هذه المعمعة بسهم (: mad:)؛

عسى أن يكون لنا من الأجر شيء في هذه الأيام المباركة،

لا يقصد بالطرح اقتلاع المبدل منه لفظا ومعنى وإحلال البدل محله على الحقيقة، وإنما هي عملية تخيلية ذهنية الغرض منها التحقق من كون البدل مستقلا بنفسه وليس متمما لمتبوعه، وإنما قال بمبدأ الطرح بعض النحاة للتفريق بين البدل وعطف البيان في حالات معينة، ولما كان المتبوع في البيت ضميرا لم يصح عطف البيان لأن متبوع عطف البيان لا يكون ضميرا، لذلك كان التابع بدلا لا عطف بيان.

أظن ـ والله أعلم ـ أن هذا الكلام فيه نظر (:))؛ فالطرح ليس عملية ذهنية تخيلية وإنما هو شرط أساس لجواز البدلية، وكم من مثال وشاهد لم يجز النحاة اعتبار البدلية فيه لفقده هذا الشرط، ويقصد بالطرح إحلال البدل مكان المبدل منه مع استقامة الجملة معنا ولفظا.

ومن هذه الأمثلة: قول طالب بن أبي طالب:

أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا ... أعيذكما بالله أن تحدثا حربا

قال صاحب التصريح على التوضيح:"فعبد شمس ونوفل يتعين كونهما معطوفين عطف بيان على أخوينا، ويمتنع فيهما البدلية لأنهما على تقدير البدلية يحلان محل أخوينا؛ فيكون التقدير يا عبد الله ونوفلا بالنصب، وذلك لا يجوز ... ".

ومن أوضح الشواهد على ما زعمتُ، بل ومن أشبه الأمثلة ببيتنا ــ قول الله تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ}، قال الزمخشري في الكشاف:"وإن جعلتها [يقصد: أن] موصولة بالفعل لم تخل من أن تكون بدلاً من ما أمرتني به، أو من الهاء في به، وكلاهما غير مستقيم: لأن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل منه. ولا يقال: ما قلت لهم إلا أن اعبدوا الله، بمعنى ما قلت لهم إلا عبادته؛ لأن العبادة لا تقال. وكذلك إذا جعلته بدلاً من الهاء لأنك لو أقمت (أن اعبدوا الله) مقام الهاء، فقلت: إلا ما أمرتني بأن اعبدوا الله، لم يصح، لبقاء الموصول بغير راجع إليه من صلته ". وأظن أن هذه الآية حسب توجيه الزمخشري كافية لإبطال القول بالبدلية في بيت الفرزدق.

وقال الرضي في شرح الكافية:" والأغلب أن يكون البدل جامدا، بحيث لو حذفت الأول لاستقل الثاني ولم يحتج إلى متبوع قبله في المعنى ".

وقال المبرد في المقتضب:"اعلم أن البدل في جميع العربية يحل محل المبدل منه، وذلك قولك: مررت برجل زيد، وبأخيك أبي عبد الله. فكأنك قلت: مررت بزيد، ومررت بأبي عبد الله. فعلى هذا تقول: يا زيد أبا عبد الله، فتنصب أبا عبد الله نعتاً كان أو بدلاً؛ لأنك إذا أبدلته منه فكأنك قلت: يا أبا عبد الله ".

أخي لست مجبرا على رأي الكوفيين ما دام البصريون يجيزون إبدال النكرة من المعرفة دون قيد أو شرط، ثم إن الشرط المهم عند الكوفيين إنما هو أن تكون النكرة موصوفة وقد وصفت في البيت، أي أن الأمر جائز هنا على المذهبين.

وهذا وهم آخر (:))، فكون النكرة موصوفة ليس شرطا عند الكوفيين وإن ادعى البعض غير ذلك، وإنما هو استحسان بصري، وإنما الشرط عندهم اتحاد اللفظين، ولا تغتر (:)) بقول السيوطي في الهمع:" ومنع أهل الكوفة وبغداد بدل النكرة من المعرفة ما لم توصف"، فالصواب ما ذكره ابن مالك في شرح التسهيل حيث قال:"وتبدل النكرة من المعرفة نحو: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}، واشترط الكوفيون في إبدال نكرة من المعرفة اتحاد اللفظين كما هو في: الناصية وناصية ... "

وها هو الفراء نفسه في معاني القرآن يقول في تفسيره للآية السابقة:"وقوله عز وجل: {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ... نَاصِيَةٍ ... } على التكرير، كما قال: {إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللهِ} المعرفة تُرد على النكرة بالتكرير، والنكرة على المعرفة ".

أما عن وصف النكرة فقد قال الزمخشري في المفصل:" ولا يحسن إبدال النكرة من المعرفة إلا موصوفة ... ". فهو استحسان من بصري أو بغدادي ذي نزعة بصرية (حسب اختلاف التقسيمات). وأجازه أبو علي في الحجة.

مع أنه لا يلزم الشاهد بناء على ما قرره النحاة في (2،1) أعلاه إلا أني أقول لك: نعم، هناك تخريج على البدلية لقوله تعالى: (ثم عموا وصموا كثير منهم) فأبدل (كثير) وهي نكرة من الضمير.

أظن أن العلماء قد أطنبوا في ذكر الوجوه المختلفة لهذه الآية، وما قلتم به ليس إلا وجها واحدا من هذه الأوجه، وكما يقال:" إذا تطرق الاحتمال بطل الاستدال ". ويشبه هذه الآية قوله تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

حقا لست أقول إن النحويين قد نصوا على أن الظاهر لا يبدل من المضمر إلا إذا كان الظاهر معرفة، ولكن أمثلتهم وشواهدهم التي أوردوها في إبدال الظاهر من المضمر كان الظاهر فيها معرفة، وإنه ليسعدني أن تأتي لنا بشاهد واحد هو نص في المسألة بحيث لا يحتمل غير هذا الذي تقول به، فهل يمكنك أن تأتي بشاهد واحد أبدل الظاهر من الضمير وكان الظاهر نكرة! بالتأكيد يمكنك:):).

والسلام!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير