ـ[علي المعشي]ــــــــ[07 - 10 - 2007, 03:11 ص]ـ
أخوي مغربيا وحازما الحبيبين
تحية طيبة مباركة لكما في هذه الليلة المباركة ..
كنت في ردي السابق مدافعا، ولم أتعرض لما اتفقتما عليه من تخريج الجر في البيت على التوهم، والآن اسمحا لي أن أكون مهاجما (هههههههه).
فلا مفر من القول أن الفرزدق توهم الجر على الوصفية أي الجر على كسر حرف المنقوص ... وعليه فحين أراد الشاعر وصف طالب جاء بالصفة دان، ثم ألحقها بجملة الصفة "بالقرابة عالمٌ" فجر " عالم " على التوهم من "دان" ...
وربما كانت كلمة (عالمِ) نعتا لـ (دان ٍ) وقد جرها الشاعر متوهما كسر المنعوت وكانه حركة إعراب، فهوإتباع على التوهم.
لو أنكما أويتما إلى ركن شديد حين رددتما البدلية لتبعتكما، لكني أراكما (كالمستجير من الرمضاء بالنار)
إن الإتباع على التوهم لا يجوز القياس عليه ولكن يقتصر القول به على الشواهد القليلة المسموعة عن العرب، هذا جانب، أما الجانب الآخر وهو الأهم عندي أن ما قال به النحاة بشأن التوهم لا يمس ما أنتما فيه من قريب ولا من بعيد!
إنما التوهم عند النحاة أن يتوهم القائل أنه أدخل على المتبوع عاملا ينصبه أو يجره لو أنه أدخله بالفعل، ثم يجعل التابع منصوبا أو مجرورا وهما منه أنه أدخل الناصب أو الجار على المتبوع، وأكثر ما يكون ذلك في العطف لا النعت، ومن أمثلة ذلك:
جاء الأصدقاء غيرَ زيدٍ وعمراً (فلو أن الجملة مما سمع عن العرب لأمكننا أن نقول إن القائل توهم أنه استثنى بإلا التي يكون (زيد) بعدها منصوبا فعطف (عمرا) بالنصب على ما توهمه من أن الأداة هي (إلا).
مثال آخر: ليس زيدٌ حيّا ولا ميتٍ (وهنا توهم القائل أنه أدخل الباء الزائدة على خبر ليس ومن ثم جر المعطوف (ميت) بناء على ما توهمه من دخول الباء على المعطوف عليه.
ومن ذلك يتضح أن الإتباع على التوهم إنما يكون على توهم دخول عامل جرت العادة أن يدخل جوازا على المتبوع، وليس على توهم أن حركة المتبوع حركة نصب أو جر أو رفع كما زعمتما أن الشاعر توهم أن الكسر في (دان) علامة جر، ولو كان الأمر كما رأيتما لاختلطت حركات الإعراب والبناء وكسرة النصب في جمع المؤنث السالم بكسرة الجر، وفتحة الجر في الممنوع من الصرف بفتحة النصب ... إلخ.
ولما كان التوهم خاصا بالداخل على المتبوع وليس خاصا بحركة المتبوع، فإني أسألكما:
ما عامل الجر الذي توهم الفرزدق أنه أدخله على (طالب) أو (دان) حتى يجعل التابع (عالم) مجرورا بناء على توهمه أن المتبوع مجرور؟؟؟؟
أذكركما أن قولكما (إن الشاعر توهم الكسر في (دان) جرا) لا علاقة له بما قال به النحاة عن التوهم ألبتة ولا أظنه إلا توهما جديدا!!
وتقبلا أيها العزيزان كل الود والتحيات.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[07 - 10 - 2007, 04:50 ص]ـ
الحبيب جلمود،
أين أنت يارجل؟ رمضان كريم،، ولقد أسعدني حضورك حقا.
ومن أوضح الشواهد على ما زعمتُ، بل ومن أشبه الأمثلة ببيتنا ــ قول الله تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ}، قال الزمخشري في الكشاف:"وإن جعلتها [يقصد: أن] موصولة بالفعل لم تخل من أن تكون بدلاً من ما أمرتني به، أو من الهاء في به، وكلاهما غير مستقيم: لأن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل منه. ولا يقال: ما قلت لهم إلا أن اعبدوا الله، بمعنى ما قلت لهم إلا عبادته؛ لأن العبادة لا تقال. وكذلك إذا جعلته بدلاً من الهاء لأنك لو أقمت (أن اعبدوا الله) مقام الهاء، فقلت: إلا ما أمرتني بأن اعبدوا الله، لم يصح، لبقاء الموصول بغير راجع إليه من صلته ". وأظن أن هذه الآية حسب توجيه الزمخشري كافية لإبطال القول بالبدلية في بيت الفرزدق.
إنما استشهد الزمخشري رحمه الله بالآية على أن (أن) ليست مصدرية وهي كذلك، ولا تنس أنه أجاز عطف البيان، ومع أن كثيرا من النحاة يفرق بين البدل والبيان لكن بعض المحققين ومنهم (الرضي) يراهما شيئا واحدا أي أن ما يجري على أحدهما من أحكام يجري على الآخر، ومع أني مع من يفرق بينهما في بعض المواضع إلا أن رأي الرضي محل احترامي.
وأما ما ذكره الزمخشري بشأن امتناع البدل من الهاء في به، في الآية أعلاه فإليك ما قاله ابن هشام بهذا الخصوص في موضعين من المغني:
الموضع الأول:
¥