تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[علي المعشي]ــــــــ[10 - 10 - 2007, 03:05 ص]ـ

أخي العزيز أحمد الفقيه

سعدت بحضورك، كما سعدت بطرحك الرائع، ليس لأنك وافقتني فيما ذهبت إليه، ولكن لما لمسته من خلال طرحك أنك تؤمن بمبدأ التدرج عند التخريج حسب الأولويات، فلا ترى أن يجاوز المعرب وجها إلى ما هو أدنى منه إلا إذا استحال التخريج عليه من كل الطرق. وهذا هو ما أنتهجه عند التصدي لتخريج أي قول قديما كان أم حديثا، لذلك لم أقل ولن أقول بخطأ الفرزدق أو غيره أو تخريج قول أحد على وجه ضعيف أو شاذ ما دام هناك وجه يقبله المعنى وترضاه الصناعة.

أشكرك أخي ولك خالص الود والتقدير.

ـ[علي المعشي]ــــــــ[10 - 10 - 2007, 03:10 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أضيف إلى ما ذكرته سابقا من نقول بشأن المقصود من قولهم إن البدل على نية طرح المبدل منه أن ذلك غالب فيه لكنه غير لازم في جميع الأحوال، وأنه لا يلزم بالضرورة طرح المبدل منه لفظا ومعنى، لأنه في بعض المواضع يتم الإبدال ويبقى لفظ المبدل منه في الاعتبار، وهذه أمثلة على ذلك:

وكأنه لهق السراة كأنه ... ما حاجبيه معين بسواد

لنلاحظ أن (حاجبيه) بدل من الهاء في (كأنه) ولو كان الطرح للمبدل منه لفظا ومعنى لكان الخبر (معينان)، وإنما بقي مفردا (معين) لأن المبدل منه المفرد ظل لفظه معتبرا مع وجود البدل فكان الإخبار بالمفرد بناء على هذا الاعتبار.

إن السيوف غدوها ورواحها ... تركت هوازن مثل قرن الأعضب

ومثل ذلك هذا البيت إذ لو لو لم يراع لفظ المبدل منه (السيوف) لكان الفعل (تركت) مسندا إلى ألف الاثنين (تركا).

قال المبرد في الكامل: " ... هو بدل اشتمال، وقد روعي المبدل منه في اللفظ بإرجاع الضمير إليه من الخبر، ولم يراع البدل، ولو روعي لقيل: تركا بالتثنية ... "

وهذا مثال ورد في (الأصول في النحو) لا بن السراج:

زيدٌ ضربتهُ أخاكَ

فأبدل (أخاك) من الهاء، ولو كان الأمر كما يدعي القائلون بوجوب طرح لفظ المبدل منه ومعناه معا لكانت الجملة بعد الطرح (زيدٌ ضربتُ أخاك) وهذا تركيب فاسد لا معنى له لأن (زيد) ليس بمنادى ولكنه مبتدأ وهو مرجع الضمير الذي تم الإبدال منه.

هذا، وفي المشاركتين التاليتين سأتناول إن شاء الله ما اشترطه الكوفيون لإبدال النكرة من المعرفة والعكس، وكذلك دعوى بعض أصدقائنا هنا امتناع إبدال النكرة من ضمير الغيبة إن شاء الله.

ولكم خالص الود.

ـ[علي المعشي]ــــــــ[10 - 10 - 2007, 03:31 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا أخوي الحبيبين جلمودا وعبد الدائم مختار

وهذا وهم آخر، فكون النكرة موصوفة ليس شرطا عند الكوفيين وإن ادعى البعض غير ذلك، وإنما هو استحسان بصري، وإنما الشرط عندهم اتحاد اللفظين

وعند أهل الكوفة فالبدلية لا وجه لها لشرط اتحاد اللفظين - لا لشرط الوصفية كما يعن لبعضهم أن يأوي إلى قول بعض البصريين من حيث لا يعلم

قال ذلك ابن مالك رحمه الله، وغيرُه قال غيرَه.

وهذا نقل من (خزانة الأدب) للبغدادي لعله يوضح أن قول ابن مالك بهذا الخصوص ليس بضربة لازب، وأن تحليل بعض تخريجات أئمة الكوفة لبعض النصوص تناقض القول باشتراطهم اتحاد اللفظين المبدل منه والبدل:

من خزانة الأدب: " ... وقال ابن عقيل في شرح التسهيل: ولم يشترط البصريون في إبدال المعرفة من النكرة، والنكرة من المعرفة اتحاد لفظ، ولا وجود وصف. ونقل ابن مالك عن الكوفيين أنهم لا يبدلون النكرة من المعرفة إلا إن كانت من لفظ الأول، ونسب هذا بعض النحويين لنحاة بغداد. ونقل عن الكوفيين أيضا أنهم لا يفعلون ذلك وعكسه إلا بالشرط المذكور. وكلام الكوفيين على خلاف هذا. قال الكسائي والفراء في قتال فيه إنه على نية عن ... "اهـ

تأمل قوله: (وكلام الكوفيين على خلاف هذا)

ثم تأمل قول اثنين من أهم أئمة الكوفة (الكسائي والفراء) في جر (قتال) في قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه) حيث إن قولهما (على نية عن)

أي على نية تكرير العامل في المبدل منه، وهذا هو البدل بعينه. ألا ترى أنهما أجازا إبدال النكرة من المعرفة دون شرط اتحاد اللفظين؟!

ومن الخزانة أيضا: " ... قال السمين عند قول صاحب الكشاف في قوله تعالى: ناصية كاذبة: جاز إبدال النكرة من المعرفة لأنها وصفت، فاستقلت بفائدة. قلت: هذا مذهب الكوفيين لا يجيزون إبدال نكرة من غيرها إلا بشرط وصفها، أو كونها بلفظ الأول. ومذهب البصريين: لا يشترط شيء ... " اهـ

وها هو الفراء نفسه في معاني القرآن يقول في تفسيره للآية السابقة:"وقوله عز وجل: {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ... نَاصِيَةٍ ... } على التكرير، كما قال: {إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللهِ} المعرفة تُرد على النكرة بالتكرير، والنكرة على المعرفة ".

أخي .. حتى لو تجاهلنا جميع أقوال النحاة وتخريج الفراء والكسائي لقتال في الآية واقتصرنا على قول ابن مالك بأن الشرط الوحيد عند الكوفيين اتحاد اللفظين، أقول حتى لو تجاهلنا ذلك كله لا يعد قول الفراء هنا (على التكرير) دليلا قاطعا على أن مراده بالتكرير اتحاد اللفظين إذ يمكن أن يكون مراده نية تكرير العامل وهو الباء فتكرير الباء في النية هو موجب الجر، أما التكرير بمعنى إعادة اللفظ فلا يوجب إتباعا إذ يمكن أن يكرر اللفظ مع اختلاف الإعراب، وكذا قد يكون تكرير اللفظ توكيدا.

ومما يؤيد هذا الاحتمال ما ذكره الحلبي في إعراب الآية السابقة حيث قال: " ... والثاني: أنه خفضٌ على التكرير، قال أبو البقاء: "يريد أنَّ التقديرَ: "عن قتالٍ فيه". وهو معنى قول الفراء ... "

ألا ترى أن التوجيه الموافق للمذهب الكوفي عبر عنه بـ (على التكرير) مع أن المبدل منه لم يتكرر بلفظه، وإنما أراد تكرير (عن) في التقدير؟

أليس الاحتمال الأقوى أن يكون قصده تكرير (الباء) هناك قياسا على مراده من التكرير هنا أي تكرير (عن)؟!

هذا ولكم أزكى تحياتي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير