ـ[علي المعشي]ــــــــ[12 - 10 - 2007, 01:46 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أستاذي الدكتور الأغر
اعتمدت أستاذي في ترجيحك الإقواء في البيت على أمرين أولهما قولك:
وهو ما أرجحه بدليل أن الفرزدق أقوى في مطلع قصيدة أخرى وهي في رثاء الحجاج فقال:
ليبك على الحجاج من كان باكيا ... على الدين أو شار على الثغر واقفِ
فيما يخص الإقواء بشكل عام أقول إنه عيب من عيوب القافية وقع فيه الفحول ولا أقول بتبرئة الفرزدق منه ما لم يكن في مطلع القصيدة.
أما إن كان في مطلعها كالبيت المختلف فيه (أناخ ... ) فلا يكون الإقواء لأن الشاعر في خيار من أمره.
وقد رجحتم القول بالإقواء مستدلين على أن الشاعر قد أقوى في مطلع قصيدة أخرى مطلعها البيت (ليبك ... على الدين أو شار على الثغر واقفِ) والقول بالإقواء هنا مردود بأمرين:
1ـ من معاني الشاري ـ كما جاء في تاج العروس ـ (من وهب نفسه لله ابتغاء مرضاته) وهو (أي الشاري) هنا المجاهد المرابط على الثغر، ومعنى البيت أن من يبكي على الحجاج فكأنما يبكي على الدين أو على البطل المرابط الواقف على الثغر يذود عنه، والمراد الحجاج، وبالتالي يكون (شار) معطوفا على (الدين) وهو مجرور مثله و (واقف) صفة للمجرور مجرورة مثله.
وعلى ذلك ينتفي الإقواء، وحتى مع القول بمعنى آخر للشاري فإن المعنى الذي ذكرتُه يظل محتملا بشكل قوي وباحتمال عدم الإقواء يسقط القطع بوجود الإقواء.
2ـ الأمر الآخر أن هذه الرواية ليست الوحيدة حيث روي الشطر الثاني منه بلفظ مختلف، إذ أورده ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد:
ليبك على الحجاج من كان باكيا ... على الدين من مستوحش الليل خائفِ
وعلى هذه الرواية لا وجود للإقواء فيه.
وبأي الأمرين أخذتَ سقط القطع بالإقواء في هذا البيت.
والأمر الثاني الذي اعتمدتم عليه في الترجيح قولكم:
لكن السياق واضح في أن الجملة (نأت به الدار) ودانيا وعالما أوصاف لطالب.
صحيح أنها صفات لطالب، والقول بالبدلية لا يجرد الموصوف (طالب) من الوصف (دان) من حيث المعنى لأنه مبدل من ضمير الموصوف (ولا سيما أن البدل هنا من القليل المشتق)، وإنما يتغير الضبط والمصطلح. أليس كل من الخبر والحال والنعت المقطوع وصفا جاريا على موصوف ما؟ وأن العلاقة بين الوصف والموصوف من حيث المعنى لا تزول بتغير الإعراب؟
هذا وتقبلوا عاطر الود، وكل عام وأنتم بخير.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[12 - 10 - 2007, 02:52 ص]ـ
أخي علي .. مرحبا بك مجددا
حسنا أخي .. أقتبس لك ما أجدتَ أنت نقله من الخزانة:
" قال ذلك ابن مالك رحمه الله، وغيرُه قال غيرَه.
وهذا نقل من (خزانة الأدب) للبغدادي لعله يوضح أن قول ابن مالك بهذا الخصوص ليس بضربة لازب، وأن تحليل بعض تخريجات أئمة الكوفة لبعض النصوص تناقض القول باشتراطهم اتحاد اللفظين المبدل منه والبدل:
من خزانة الأدب: " ... وقال ابن عقيل في شرح التسهيل: ولم يشترط البصريون في إبدال المعرفة من النكرة، والنكرة من المعرفة اتحاد لفظ، ولا وجود وصف. ونقل ابن مالك عن الكوفيين أنهم لا يبدلون النكرة من المعرفة إلا إن كانت من لفظ الأول، ونسب هذا بعض النحويين لنحاة بغداد. ونقل عن الكوفيين أيضا أنهم لا يفعلون ذلك وعكسه إلا بالشرط المذكور. وكلام الكوفيين على خلاف هذا. قال الكسائي والفراء في قتال فيه إنه على نية عن ... "اهـ
تأمل قوله: (وكلام الكوفيين على خلاف هذا) ".
فأما قول البغدادي فيفهم منه عكس ما تبادر إليك، ولا بأس بإعادته على مسامعك وإن كنت ناقله، فتأمل نقلك أخي علي:
ونقل ابن مالك عن الكوفيين أنهم لا يبدلون النكرة من المعرفة إلا إن كانت من لفظ الأول أي بشرط اتحاد اللفظين!!
. ونقل عن الكوفيين أيضا أنهم لا يفعلون ذلك وعكسه إلا بالشرط المذكور
أي بشرط اتحاد اللفظين!!
وأما مسألة " كلام الكوفيين على خلاف هذا " فليس بضربة لازب،
فقد جاء في بلغة النحاة في شرح الفائقة ما يبرهن على شرطي الكوفيين من ذلك:
" وبعضهم اشترط في إبدال النكرة من المعرفة أن تكون موصوفة واتحاد اللفظ وهم الكوفيون، وتبعهم في إبدال النكرة من المعرفة في اشتراط وصفها البغداديون، ووافقهم الجرجاني "
وقد تبع الزمخشري ذلك مدللا بقوله: " لأن البدل للإيضاح والشيء لا يوضح بما هو أخفى منه فلا تحصل فائدة بدون الصفة. والظاهر من جار اللّه اشتراط أن تكون كذلك حيث قال في قوله تعالى: (فَأُولئِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ وَلا يُظْلَمون شَيْئاً. جَنّاتِ عَدْنٍ الّتي ... ) عدن: علم لمعنى العدن وهو الإقامة، وهو علم لأرض الجنة لكونها مقام إقامة ولولا ذلك لما ساغ الإبدال لأن النكرة لا تبدل من المعرفة إلا موصوفة ".
و
دمت محبا
مرحبا بك أخي الحبيب مغربيا
عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير
أخي لو دققت في كل ما كتبتُه ونقلته فيما يخص اشتراط الكوفيين لإبدال النكرة من المعرفة لوجدت أن ردودي إنما كان الغرض منها تصحيح بعض المفاهيم التي جاءت في ثنايا بعض مشاركات الإخوة ومنها:
1ـ القول بأن الكوفيين لم يشترطوا كون النكرة موصوفة، وأن اتحاد اللفظين هو الشرط عندهم لا غير.
2ـ القول بأن شرط وصف النكرة إنما هو شرط البغداديين لا الكوفيين.
3ـ القول بأن وصف النكرة ما هو إلا استحسان بصري وليس بشرط كوفي.
وهأنت تعزز ما ذهبتُ إليه بما أضفته مشكورا من نقول، لذلك اقتبست معظم مشاركتك لأكتفي بتلوين ما يخص النقاط الثلاث.
هذا ولك كل الود، ومن العايدين.
¥