تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ربما كانت سمة النحويين المتأخرين فصل الأبواب النحوية عن بعضها البعض، وإذا كان هذا الأمر قد يفيد الدارس للنحو العربي في سهولة التلقي وسرعة الاستجابه، إلا أنه قد يقيم حواجز متينة بين الأبواب النحوية أيضا، ربما لا يتعداها إلا من أوتي بصيرة وصبرا وتأملا، وهاهو سيبويه يرينا نموذجا فريدا في جودة السبك بين الأبواب كعادته، وحتى نكون على بينة من الأمر دعونا نعرض لهذا النموذج: ذكر سيبويه عدة أبواب متتالية كانت هذه عناوينها:

1ــ هذا باب الفاعل الذي لم يتعده فعله إلى مفعول،

والمفعول الذي لم يتعد إليه فعل فاعل ولم يتعده فعله إلى مفعول آخر

2ــ هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعول

3ــ هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين فإن شئت اقتصرت على المفعول الأول وإن شئت تعدى إلى الثاني كما تعدى إلى الأول

4ــ هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين وليس لك أن تقتصر على أحد المفعولين دون الآخر

5ــ هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين ولا يجوز لك أن تقتصر على مفعول منهم واحد دون الثلاثة

6ــ هذا باب المفعول الذي تعداه فعله إلى مفعول

7ــ هذا باب المفعول الذي يتعداه فعله إلى مفعولين وليس لك أن تقتصر على أحدهما دون الآخر

لاحظوا معي هذا الترتيب المنطقي المتسلسل، فكل باب يسلم إلى الباب الآخر، لقد دمج في الباب الأول بين الفعل اللازم وفاعله وبين الفعل الذي لم يسم فاعله (وليس له مفعول آخر) ونائبه، ثم بدأ يفصل الأمر في مراحل تعدي الفعل بصيغتيه، فبدأ بالفاعل الذي تعداه فعله إلى مفعول واحد، ثم تكلم عن الفاعل الذي تعداه فعله إلى مفعولين، وهذا الموضوع الآخير تكلم فيه في بابين، أحدهما إذا كان يجوز الاقتصار على أحد المفعولين، والآخر إذا كان لا يجوز ذلك، ثم تحدث عن الفاعل الذي تعداه فعله إلى ثلاثة مفاعيل، ثم انتقل إلى الفعل الذي لم يسم فاعله، فتحدث عن المفعول الذي تعداه فعله إلى مفعول آخر، ثم المفعول الذي تعداه فعله إلى مفعولين، وإذا أردنا أن نترجم لهذه الأبواب بما اصطلح عليه المتأخرون كانت الأبواب هكذا:

1ــ الفعل اللازم وفاعله،

والفعل المبني للمجهول ونائبه

2ــ الفعل المتعدي إلى مفعول واحد

3ـ الفعل المتعدي إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر (ظن وأخواتها)

4ـ الفعل المتعدي إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر (أعطى وأخواتها)

5ــ الفعل المتعدي إلى ثلاثة مفعولين

6ــ الفعل المبني للمجهول المتعدي إلى مفعول بعد نائبه

7ــ الفعل المبني للمجهول المتعدي إلى مفعولين بعد نائبه

لقد قسّم سيبويه الفعل المبني للمجهول بالطريقة نفسها التي قسم بها الفعل المبني للمعلوم، وهذا ما لا نراه عند كثير من النحاة اللاحقين.

وربما إذا أنعمنا النظر في البابين الثالث والرابع ـ وجدنا أن سيبويه لم يفرق بينهما في الترجمة على أساس كون المفعولين أصلهما المبتدأ والخبر أم لا، وإنما فرق بينهما من خلال جواز الإقتصار على أحد المفعولين، وربما كان هذا الضابط ألصق بالمسائل النحوية من الآخر.

وأعتذر إذا قصرت عبارتي عن مرادي!

ـ[د. علي]ــــــــ[12 - 03 - 2009, 12:59 م]ـ

بوركت أيها الجلمود المتدفق علمًا ..

لعلك تلحظُ أنَّ الأبواب تتناول التركيب لا جزءًا منه (باب الفاعل) مثلاً، إنَّ الراغب في الفحص الدقيق للدراسة النحوية العربية للغة والوقوف على النظرية العربية الحقيقية في دراسة اللغة لا يُمكنه إغفال الحفر المستمر في كتاب سيبويه ..

ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[12 - 03 - 2009, 07:39 م]ـ

بارك الله فيك أخي جلمود لذلك أرى أن تجربة الأستاذ إيميل يعقوب في إعادة ترتيب الكتاب بالطريقة التي عرضها في نسخته التي نشرها نوعا من العبث بهذا الكتاب

وأراه خللا في طريقة تناول كتب السلف بل هو مدعاة للتلاعب بالأمانة العلمية في طريقة القدماء في تأليفاتهم

فقد ألف سيبويه الكتاب في زمن يتناسب منهجه ومراحل نمو المناهج في التأليف

ـ[جلمود]ــــــــ[12 - 03 - 2009, 09:46 م]ـ

بوركت أيها الجلمود المتدفق علمًا ..

لعلك تلحظُ أنَّ الأبواب تتناول التركيب لا جزءًا منه (باب الفاعل) مثلاً، إنَّ الراغب في الفحص الدقيق للدراسة النحوية العربية للغة والوقوف على النظرية العربية الحقيقية في دراسة اللغة لا يُمكنه إغفال الحفر المستمر في كتاب سيبويه ..

بارك الله فيكم أستاذنا علي!

ولقد أصبت المحز، وأذكر أنني كنت أحار عند قراءتي لباب من كتاب سيبويه قبل معرفتي هذه السمة، وكنت أتساءل أيتكلم عن العامل أم المعمول! ظنا مني أن سيبويه سيقسم الأبواب كما قسمها المتأخرين كابن مالك.

ـ[جلمود]ــــــــ[12 - 03 - 2009, 09:56 م]ـ

بارك الله فيك أخي جلمود لذلك أرى أن تجربة الأستاذ إيميل يعقوب في إعادة ترتيب الكتاب بالطريقة التي عرضها في نسخته التي نشرها نوعا من العبث بهذا الكتاب

وأراه خللا في طريقة تناول كتب السلف بل هو مدعاة للتلاعب بالأمانة العلمية في طريقة القدماء في تأليفاتهم

فقد ألف سيبويه الكتاب في زمن يتناسب منهجه ومراحل نمو المناهج في التأليف

وفيكم بارك الله أستاذنا أبي أسامة،

وإنما من يفعل ذلك يفعله جهلا منه بالكتاب ومنهجه، ويوما اجتمعت أنا وصاحب لي على ترتيب كتاب سيبويه ظنا منا أن الكتاب مضطرب الترتيب، وجهلا منا بمراد صاحبه وحكمته، وظلنا حينا من الدهر نقطّع في أبواب كتاب سيبويه ونمزق، حتى اهتديت إلى فداحة جهلي وجنايتي، فمزقت ما كتبت، وبدأت أقرأ الكتاب بتجرد من التقسيمات المتأخرة للأبواب النحوية وبموضوعية، حينئذ اكتشفت حكمة سيبويه وعقليته الفذة في الترتيب والتنسيق والتبويب، ولعلي في قابل ـ إن شاء الله ـ أعرض نماذج عديدة لهذه السمة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير