تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جلمود]ــــــــ[24 - 03 - 2009, 09:20 م]ـ

قال سيبويه:"اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد"، وهو كلام نفيس جليل، لاسيما إذا اعتبرنا معنى كلمة (لفظين): حركتين، وهو ما ينصرف إليه أحد وجوه تأويل هذه العبارة، وهو الأحسن عندي.

وجدير بالذكر أن العبارة التالية لعبارتنا السابقة (اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين ... ) تؤكد على خطأ هذا التأويل الذي ذهبنا إليه في تفسير كلام سيبويه، ولكن هذا الإشكال يزول عندما نعلم أن هذه العبارة التالية لعبارتنا ليست من كلام سيبويه وإنما هي مدرجة على كلامه، حيث قال السيرافي (1/ 69):

" قال سيببويه اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين. وسترى ذلك إن شاء الله تعالى. قال أبو سعيد: هذا آخر الباب من كلام سيبويه " أ. هـ

ثم قال في آخر هذا الباب (1/ 74):"وفي الباب من كلام غير سيبويه ما قد أتينا على شرحه " أ. هـ

والعبارة المدرجة في كلام سيبويه وليست من كلامه والتي تلت عبارتنا هي:

"فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب. واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق. واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت إذا أردت وجدان الضّالة. وأشباه هذا كثير."

وقد جاءت هذه الزيادة في طبعتي بولاق وهارون في متن الكتاب وبلا تنبيه في الهامش، وقد تنبه لها رمضان عبد التواب في تحقيقه لشرح السيرافي طبعة دار الكتب المصرية هامش (2/ 69).

أعود إلى موضوعنا بعد هذا الاستطراد اللازم فأقول: ويندرج تحت عبارة سيبويه بالأصالة ـ حسب فهمنا السابق ـ:

1ــ اختلاف المعنى بين الوجوه الجائزة في تركيب واحد (اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين)

2ــ اتفاق المعنى بين الوجوه الجائزة في تركيب واحد (اختلاف اللفظين والمعنى واحد)

ومن ألطف الأمثلة على هذا الباب في كتاب سيبويه مسألة الفرق بين:

1ــ "ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا"، "ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلق"

2ــ "ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا"، "ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلق"

قال سيبويه في باب" ما أجري مجرى ليس ... " (1/ 61):

"فـ (ما) يجوز فيها الوجهان كما يجوز في كان، إلا أنك إن حملته على الأول أو ابتدأت فالمعنى أنك تنفي شيئاً غير كائن في حال حديثك. وكان في كان أوضح، لأن المعنى يكون على ما مضى وعلى ما هو الآن ... "أ. هـ.

قال السيرافي في شرحه لهذا الموضع (3/ 31):

" يريد: "ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا، ومنطلق"، كما يجوز في "كان" إذا قلت: "ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا، ومنطلق". غير أن الجملة الثانية فيما رفعت أو نصبت إنما تنفي شيئا في حال حديثك؛ ألا ترى أنك إذا قلت:"ما زيد ذاهبا" فإنما تنفي ذهابه في حال حديثك، فإذا قلت "ولا عمرو منطلقا " فإنما تنفي انطلاقه في حال حديثك، وإذا رفعت أيضا فأنت تنفيه في حال حديثك، لأنه نفي مستأنف، ويختلف المعنى في "كان لأنك إذا قلت: "ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا " فإنما تنفي انطلاقه فيما مضي، وإذا قلت: "ولا عمرو منطلق" فإنما تنفي انطلاقه الساعة .. " أ. هـ.

فمثال اختلاف المعنى بين الوجوه الجائزة في تركيب واحد (اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين):"ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا"، "ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلق"

ومثال اتفاق المعنى بين الوجوه الجائزة في تركيب واحد (اختلاف اللفظين والمعنى واحد): "ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا"، "ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلق"

فرحم الله سيبويه وفقهه!

والله أعلم!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير