تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[15 - 03 - 2009, 11:53 ص]ـ

أخي الحبيب الدكتور بهاء الدين عبدالرحمن

ولكن الحق أن الكلمات سابقة على التراكيب، وهذا أمر يفرضه المنطق العقلي كما ذكرت. لا أعرف هذا المنطق. أعرف أن اللغة سلسلة من الأصوات المتتابعة المضمنة دلالات تفي بأغراض المتداولين.

أنا لم أنس قولك إن التنوين يفقد دلالته على التنكير في المثنى، ولكن سؤالي هو كيف تجتمع التثنية المقتضية للتنكير بزعمك مع (ال) المقتضية للتعريف في كلمة واحدة، علما كانت الكلمة أم غير علم؟ هذه وظيفة (أل) تنقل الاسم من التنكير إلى التعريف كما تنقل السين المضارع إلى الاستقبال وكما تنقل (لم) المضارع إلى المضي، هناك وظائف صرفية ونحوية تنهض بها الأدوات في التركيب فالكلمة (رجلان) نكرة وبعد دخول (أل) تتعرف. وإذا كانت التثنية من حيث هي دلالة هي علة التنكير لانصراف اللفظ إلى متعدد فكيف تريد زوال هذا بسبب التعريف زوالا لفظيًّا كما يزال تنوين المفرد للتعريف، فالتنكير في التثنية دلالة مستفادة من التثنية وتزول هذه الدلالة بدخول (أل) فيصير معرفًا.

قول سيبويه وتنظيره بين التعريف والتأنيث والتثنية والجمع نابع من واقع اللغة واستقرائها، وليس فيه من الخيال شيء، وإنما الخيال أن تتصور أن ضمة اللام في نحو: جاء رجل، تحولت إلى واو ثم إلى ألف في: جاء رجلان، والتنوين بعد ذلك كسر، إن لم يكن هذا محض خيال فكيف يكون الخيال. لا تعليق على هذا ولك أن تقرر ما تريد وما تألف.

ظهور التاء في المصغر في المؤنث يختلف عما نحن بصدده، فالتصغير وصف والوصف يحتاج لعلامة للفرق بين المذكر والمؤنث، ثم كيف ينسحب هذا على بقية الاعتراضات، هلا فسرت لنا بحسب نظرية مطل الحركة كيف صارت (ذكرى) ذكريان؟ في رأيي أن الأمر هنا يحتاج إلى خيال أكبر للتخريج على هذه القاعدة.

مثلت بالتصغير بيانًا لقياس الظواهر على الظواهر وهو منهج قياسي معروف منذ أساتذة سيبويه. وأما ظهور التاء في (نويرة) تصغير (نار) فلأن التاء وإن لم تكن في (نار) قدروها فظهرت في المصغر.

أما (ذكرى) فليست منتهية بفتحة قصيرة حتى تمطل بل بفتحة طويلة هي علامة التأنيث.

وينبغي التنبيه أن القاعدة العامة قد يرد في الاستعمال اللغوي ما يخرج عن سمتها ويخالف سبيلها العامة ومن هنا كان فيها الصحيح والمعتل والمجرد والمزيد، فسبيل التثنية بعامة هو مطل الحركة القصيرة لإنتاج ألف التثنية وتنوينه، حتى صارت هذه الألف والنون من لوازم التثنية التي لا يكون إلا بها، فإذا أريد تثنية ما لا يقبل المطل ألصقت هذه الزيادة على نحو تفريعي في تطبيق القواعد، وفي مثالنا هذا جرى العمل هكذا: ألصقت الألف والنون في اللفظ وأقحمت ياء للوقاية بين الألفين ثم قصرت الألف الأولى، وهذه الكتابة الصوتية:

ذ ـِ ك ر ـَ ـَ +ي +ـَ ـَ ن> ذ ـِ ك ر ـَ +ي +ـَ ـَ ن= ذكريان

وهذا يشبه جمع رجال على رجالات.

فحين نقول إن أصل الظاهرة كذا وكذا فليس يتصور أن تكون القاعدة جامعة مانعة. واللغة لها من التأصيل والتفريع ما يفي بأداء أغراضها.

أعلم أنك الآن ستقول ولمَ لا نريح أنفسنا منذ البداية ونقول إن التثنية جاءت بزيادة ألف ونون كما قال القدماء فأقول إن ذلك سهل وواضح ولكنه لا يفسر هذه العلاقة الصوتية الظاهرة بين المفرد والمثنى، ولا يفسر أصل هذه الألف في التثنية.

والذي أنتهي إليه هو أن أصل القاعدة مبني على مطل حركة المفرد، ثم نشأت قاعدة فرعية تقوم على إلصاق هذه الفتحة الممطولة لألفاظ لا تنطبق عليها قاعدة المطل. والله أعلم.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[16 - 03 - 2009, 12:27 ص]ـ

أستاذنا الكريم قلتم:

هذه وظيفة (أل) تنقل الاسم من التنكير إلى التعريف كما تنقل السين المضارع إلى الاستقبال وكما تنقل (لم) المضارع إلى المضي، هناك وظائف صرفية ونحوية تنهض بها الأدوات في التركيب فالكلمة (رجلان) نكرة وبعد دخول (أل) تتعرف. وإذا كانت التثنية من حيث هي دلالة هي علة التنكير لانصراف اللفظ إلى متعدد فكيف تريد زوال هذا بسبب التعريف زوالا لفظيًّا كما يزال تنوين المفرد للتعريف، فالتنكير في التثنية دلالة مستفادة من التثنية وتزول هذه الدلالة بدخول (أل) فيصير معرفًا.

أقول: أمر بدهي أن تنقل (ال) الاسم من التنكير للتعريف، وهذا ليس موضع خلاف، وإنما الخلاف في كون التثنية مقتضية للتنكير عندكم أي: صيغة التثنية عندكم موجبة للتنكير، فكيف تجتمع علة التنكير وهي التثنية وهي ثابتة غير زائلة مع علة التعريف وهي (ال) في كلمة واحدة، إنه تناقض، ولا يزول التناقض إلا إذا قلتم: التثنية مع (ال) لا تدل على التنكير وبدون (ال) تدل على التنكير، وهو أمر مشكل، لأن التثنية هي هي في الحالتين.

نحن نقول: التثنية لا تدل على التنكير ولا على التعريف، فهي صيغة دالة على العدد لا غير وليس لها اي نصيب في التعريف والتنكير، فعندما نقول: هذان رجلان، فرجلان نكرة لا لأنه مثنى، وإنما لأنه خال من علامة التعريف فهو باق على أصله في أنه نكرة، فإذا أردت تعريفه أدخلت علامة التعريف فقلت: الرجلان. فالعدد لا ينكر الاسم ولا يعرفه.

نعم اسم العلم إذا تعدد عومل معاملة النكرة من ناحية قبول (ال) ولا يعني ذلك أن العلم تنكر، فعندما نقول: جاء زيدان، فإن ذلك لا يعني أنه استوى: جاء زيدان، مع: جاء رجلان، فكل واحد منهما معرفة، ولكن لاشتراكهما في الاسم جاز أن يعامل كل واحد منهما معاملة النكرة للتفريق بينهما، فتقول: جاء زيدان، فأكرمت زيد بني تميم، فتضيفه كما تقول: غلام بني تميم، ولكن يبقى في المعنى معرفة.

فمسألة العدد لا علاقة لها بالتعريف والتنكير إلا بهذا الجانب اللفظي لأسماء الأعلام.

وقلتم:

وهذا يشبه جمع رجال على رجالات.

أقول: جمع رجال على رجالات، وإشكال على إشكالات، وعصا على عصوات، وذكرى على ذكريات .. دليل على أن للجمع علامة زائدة على المفرد لا علاقة لها بمطل الحركات ومثل هذا الجمع جمع المذكرين والمثنى، لكل واحد منهما علامة زائدة على المفرد، وهذا أمر كما ذكرت تؤيده اللغات الأخرى كما اشرت إليه سابقا.

مع شكري الجزيل لسعة صدركم للنقاش. ومع التحية الطيبة للجميع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير