تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا قلنا: منُع جاري، فأين معنى التفضيل هنا؟ ألا نحتاج إلى تأويل يبقي معنى التفضيل؟ كأن نقول مثلا: جاري أمنع من جار كليب، و مالي أكثر من مالك، و نفري أعز من نفرك، و بالتالي يكون التمييز هنا محولا عن المبتدأ؟

و ما المانع من إعراب (جارا) مفعولا به؟ أي كيف تعيّن أن تكون كلمة (أمنعُ) اسم تفضيل و ليست فعلا مضارعا، ألا يجوز الوجهان؟ و ما المانع من إعرابها مفعولا به؟ ألا يصح أن يقال: أنا أمنعك من فلان؟

من صيغ التعجب بناء الفعل على فَعُلَ فإذا قلت مثلا كَتُبَ زيد أي ما أكتبه، والتعجب صنو التفضيل وعديله، وقولنا منع جاري أي ما أمنع جاري أي هو أمنع من غيره. ثم إن العبارة وردت لتفسير وجه الفاعلية في جارا. ويمكنك الرجوع إلى أي شرح للألفية مثلا باب التمييز لتعرف الفرق بين اشتعل الرأس شيبا مثلا وأنا أكثر منك مالا. ولولا ضيق وقتي الآن وارتباطي بما قد لا يسمح لي بالإتيان على المسألة لأطلت الكلام فيها.

أما عن المانع من جعل أمنع فعلا وجارا مفعولا به، فالمانع عقلي، أما صناعة فيمكن جعل أمنع فعلا مضارعا وجارا مفعولا به.

ولتوضيح الفرق أقول:

1 - الشاعر في معرض الفخر بنفسه، ولا يفخر الإنسان إلا بما يستأهل الفخر به. ولو قصد الشاعر أنه يمنع جارا من كليب بن وائل لفهم أنه يمنع جارا واحدا ليس غير. وحماية رجل واحد لا تستحق كل هذه الطنطنة.

أما لو قال إنه أمنع جارا من كليب بن وائل، على التفضيل لأصبحت كلمة جارا دالةعلى جنس الجار لا جار بعينه. ولأصبح هو أكثر مهابة وقوة من كليب. وكليب يضرب به المثل في المنعة حتى قيل إنه يجير السحاب، فإذا قال ما أظلت هذه السحابة في جواري لم يجرؤ أحد على الاقتراب من كل ما أظلته تلك السحابة.

2 - الفارق الزمني بين كليب وائل وحاجب بن زرارة يربو على مائة عام، فكيف يمنع منه أحدا؟

أرجوأن أكون بينت في هذه العجالة ما أردت بيانه.

هذا وبالله التوفيق

ـ[محمد عبد العزيز محمد]ــــــــ[01 - 04 - 2009, 10:01 م]ـ

السلام عليكم

ألا يجوز أن يكون التمييز محولا عن المبتدأ " اسم إن "؟: جاري أمنع من جار كليب.

ـ[أبو الفضل الحوراني]ــــــــ[01 - 04 - 2009, 10:12 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

من صيغ التعجب بناء الفعل على فَعُلَ فإذا قلت مثلا كَتُبَ زيد أي ما أكتبه، والتعجب صنو التفضيل وعديله، وقولنا منع جاري أي ما أمنع جاري أي هو أمنع من غيره. ثم إن العبارة وردت لتفسير وجه الفاعلية في جارا. ويمكنك الرجوع إلى أي شرح للألفية مثلا باب التمييز لتعرف الفرق بين اشتعل الرأس شيبا مثلا وأنا أكثر منك مالا. ولولا ضيق وقتي الآن وارتباطي بما قد لا يسمح لي بالإتيان على المسألة لأطلت الكلام فيها.

أما عن المانع من جعل أمنع فعلا وجارا مفعولا به، فالمانع عقلي، أما صناعة فيمكن جعل أمنع فعلا مضارعا وجارا مفعولا به.

ولتوضيح الفرق أقول:

1 - الشاعر في معرض الفخر بنفسه، ولا يفخر الإنسان إلا بما يستأهل الفخر به. ولو قصد الشاعر أنه يمنع جارا من كليب بن وائل لفهم أنه يمنع جارا واحدا ليس غير. وحماية رجل واحد لا تستحق كل هذه الطنطنة.

أما لو قال إنه أمنع جارا من كليب بن وائل، على التفضيل لأصبحت كلمة جارا دالةعلى جنس الجار لا جار بعينه. ولأصبح هو أكثر مهابة وقوة من كليب. وكليب يضرب به المثل في المنعة حتى قيل إنه يجير السحاب، فإذا قال ما أظلت هذه السحابة في جواري لم يجرؤ أحد على الاقتراب من كل ما أظلته تلك السحابة.

2 - الفارق الزمني بين كليب وائل وحاجب بن زرارة يربو على مائة عام، فكيف يمنع منه أحدا؟

أرجوأن أكون بينت في هذه العجالة ما أردت بيانه.

هذا وبالله التوفيق

لو قلت ما أجمل الزهرة! متعجبا، أو جمُلت الزهرة! للغرض نفسه، لم يدل ذلك على أنها أجمل الزهرات البتة، فالتعجب غير التفضيل، الشيء الذي نتعجب منه قد يكون هناك ما يشبهه أو ربما أفضل منه، فالتعجب غير التفضيل، عندما أقول مثلا: ما أطول زيدا! هذا يعني أني أتعجب من طوله و لكن ربما يكون هناك أشخاص مثله في الطول و ربما أطول منه، أما عندما أقول: زيد أطول من عمرو، أو زيد أطول الناس، فهنا معنى التفضيل واضح و محدد.

أما ما يخص الفرق بين (اشتعل الرأس شيبا) و (أنا أكثر منك مالا) فهو يوضح هذه المسألة أيضا، فعبارة (اشتعل الرأس شيبا) لا تدل على التفضيل، و التقدير فيها: اشتعل شيب الرأس، و التمييز فيها محول عن الفاعل، أما عبارة (أنا أكثر منك مالا) فهي تدل على التفضيل، و التقدير: مالي أكثر من مالك، و التمييز فيها محول عن مبتدأ.

و لو قارنا ذلك بعبارة (أنا أمنع جارا من كليب) لوجدنا أن التقدير الصحيح: جاري أمنع من جار كليب، و هذا التقدير إنما هو للمحافظة على معنى التفضيل، و فيه وجه بلاغي أيضا، لأن حاجب هنا في معرض الفخر، و هناك فرق بين أن يقول: منع جاري، و بين أن يقول: جاري أمنع من جار كليب، لأن كليبا كما ذكرت أنت يضرب به المثل في المنعة، فإذا كان جار حاجب بن زرارة أمنع من جار كليب فهذا فيه غاية الفخر.

فالوجه الأول في (جارا) هو التمييز، و هو تمييز محول عن المبتدأ.

و ليس هناك ما يمنع الوجه الثاني، و هو أن يكون " أمنع " فعلا مضارعا " و " جارا " مفعول به، لأن التقدير أنا أمنع أي جار يستجير بي من كليب بن وائل، فالتنكير هنا يفيد العموم، وهنا تظهر بلاغة التنكير في " جارا "، و لا يعد الفرق الزمني مانعا لأن المقصود هو الفخر، و كليب يضرب به المثل في كل وقت، سواء أكان حيا أم ميتا، فحتى أيامنا هذه يقال لمن يطلب شيئا عسيرا: " أنت تريد رأس كليب ". فالمقصود هو ضرب المثل و الفخر و ليس الحقيقة. و قد يكفي أنه يجوز في (جارا) أن تكون مفعولا به صناعة.

هذا و الله تعالى أعلم، و أرجو ألا أكون أثقلت بما قلت.

و من ذا الذي ترضى سجاياه كلها ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير