ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[02 - 04 - 2009, 01:05 م]ـ
ومن لطيف ما يحكى هنا، إن شرف الدين بن عنين الشاعر مرض فكتب إلى الملك المعظم صاحب دمشق هذين البيتين:
انظر إلي بعين مولى لم يزل=يولي الندى وتلاف قبل تلافي
أنا (كالذي) أحتاجُ ما تحتاجه=فاغنم دعائي والثناء الوافي
فعاده الملك المعظم ومعه خمسمائة دينار، وقال له: أنت (الذي) وأنا (العائد) وهذه (الصلة).
ونظم هذا المعنى الصفي الحلي يشكر رئيساً عاده في مرضه فقال:
لما رأت علياك أني (كالذي) =أبدو فينقصني السقام الزائد
وافيتني ووفيت لي بمكارم=فنداك لي (صلةٌ) وأنت (العائدُ)
وقال أيضاً:
وعلمت أني في محبتك (الذي) =فنَداكَ لي (صلةٌ) وبرُّكَ (عائدُ)
وما ألطف قول البهاء زهير المصري في ذلك من قصيدة:
يقولون لي أنت الذي سار ذكره=فمِنْ صادرٍ يثني عليك وواردِ
هبوني كما تزعمون أنا (الذي) =فأين (صِلاتي) منكم و (عوائدي)
وله في المعنى الأول:
فديت حبيبا زارني متفضلا=وليس على ذاك التفضلِ زائدُ
وما كثرت مني إليه رسائلٌ=ولا مطلت بالوصل منه مواعد
رآني عليلاً في هواه فعادني=حبيبٌ له بالمكرمات عوائد
فمُتْ كمَداً يا حاسدي فأنا (الذي) =له (صلةٌ) ممّن يحب و (عائدُ)
وقال آخر:
لا تهجروا من لا تعوّدَ هجرَكم=وهو الذي بلبان وصلكم غُذِي
ورفعت مقداره بالإبتدا=حاشاكم أن تقطعوا (صلةَ الذي)
وقال الشيخ شرف الدين العصامي من فضلاء العصر:
قد ذبت من ألم البعا=د وسقميَ المتزايدِ
وأنا (الذي) موصولُ حبـ=ـبِكم فهل من (عائدِ)
وقال الأمير أمين الدين علي بن عثمان السليماني في المعنى:
وإنّي (الذي) أضنيته وهجرته=فهل (صلةٌ) أو (عائدٌ) منك (للذي)
وقال ابن أبي حجلة:
قطع الأحبة عادتي من وصلهم=فكأن قلبي بالتواصل ما غذي
فإذا سمعتم في (النحاة) بعاشق=منعوه من (صلةٍ) له فأنا (الذي)
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[03 - 04 - 2009, 05:55 ص]ـ
ومن ذلك قول الشاعر:
مرضتُ ولي جيرة كلُّهم=عن الرشد في صحبتي حائد
فأصبحتُ في النقص مثل (الذي) =ولا (صلةٌ) لي ولا (عائد)
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[04 - 04 - 2009, 07:59 ص]ـ
*ومنه قول المتنبي:
من اقتضى بسوى الهنديِّ حاجتَه=أجابَ كلَّ سؤالٍ عن (هَلٍ بلَمِ) *وقوله:
إذا كان ما ينويه فعلا مضارعاً=مضى قبل أن تُلقَى عليه الجوازمُ
يقول: إذا نويت فعلا أوقعته قبل فوته؛ وقبل أن يقال: لم يفعل.
*وقول أبي العلاء المعري:
فدونكمُ خَفْضُ الحياة فإننا=نَصَبْنا المطايا بالفلاةِ على القَطْعِ
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[04 - 04 - 2009, 08:06 ص]ـ
*وما أحلى قول ابن الوردي (وقد مر):
وأَغْيَدٍ يقول لي =ما المُبْتَدا والخَبَرُ
مَثِّلْهما لي مُسْرِعاً=فقلت: أَنتَ القَمَرُ
*وقوله أيضاً:
وأغيدٍ يسألني=أيُبْتَدَى بالمُضمَرِ
قلت نعم كقولهم=أنتَ شبيهُ القمرِ
وقول بعضهم:
يا مانعي القلب إلا عن مودتهم=وصار في الطرف إلا عنهم نَظِرَةْ
صَيَّرْتُمُ خَبَري في الحب مبتدأً=وكلَّ معرفة لي في الهوى نَكِرَةْ
ومنه أخذ ابن الوردي حيث قال:
أنتم أحباي وقد=فعلتمُ فعل العدى
حتى تركتم خبري=للعاشقين مبتدا
وقال آخر:
والله ما من خبر سرني=إلا وذكراكَ له مبتدا
وطالما باسمك في خلوتي=ناديتُ واستخدمتُ حرفَ الندا
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[06 - 04 - 2009, 09:57 ص]ـ
وقال آخر:
قالوا أحبَّ مليحاً ما تأمّله=فكيف حلَّ به للسقم تأثيرُ
فقلت: قد يعمل المَعنى لقوّته=في ظاهر الاِسم رفعاً وهو مستورُ
وقال القاضي الفاضل:
لي عنده دين ولكن هل له=من طالبٍ وفؤاديَ المرهونُ
فكأنني ألِفٌ ولامٌ في الهوى=وكأن موعدَ وصله التنوينُ
وقال أبو الفتح البستي:
عُزلتُ ولم أذنبْ ولم أكُ خائنا=وهذا لإنصاف الوزير خلافُ
حُذفتُ وغيري مُثْبتٌ في مكانه=كأنيَ نونُ الجمع حين يضافُ
وقال الصفي الحلي:
في روضةٍ نصبت أغصانها فغدا=ذيلُ الصبا بين مرفوعٍ ومجرورِ
والماءُ ما بين مصروف وممتنع=والظلُّ ما بين ممدود ومقصور
والريح تجري رخاءً فوق بحرتها=ومطلقٌ ماؤها في زي مأسور
قد جُمِّعتْ جمْعَ تصحيحٍ جوانبُها=والماءُ يُجمع فيها جمع تكسير
وقوله:
فلوِ استطعتُ رفعتُ حالي نحوكم=لكن رفعَ الحال ليس يجوز
وقول الفقيه أبي الحسين بن جبير الشاطبي الغرناطي:
تغيَّرَ إخوانُ هذا الزمان=وكلُّ صديقٍ عَراه الخللْ
وكانوا قديماً على صحة=فقد داخلتْهمْ حروفُ العللْ
قضيتُ التعجّبَ من أمرهم=فصرت أطالع بابَ البدلْ
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[06 - 04 - 2009, 10:46 ص]ـ
ماأمتع هذه الصفحة أخي الحبيب د. عمر خلوف صاحب الأياد الأدبية، كيف لنا الاشتراك هنا!
وهذان بيتان للمعري وهذا النحو كثير في ديوانيه:
إذا مات ابنها صرخت بجهلٍ=وماذا تستفيد من الصراخ
ستتبعه كعطف الفاء ليست=بمهلٍ أو كثم على التراخي
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[07 - 04 - 2009, 07:45 ص]ـ
أهلاً بأخي الأديب أحمد الغنام ..
شكراً لحضورك الثرّ، ولما تحمله في جعبتك المليئة بالأدب ..
مشاركة رائعة، وحضور أروع ..
يقول ابن العفيف:
يا ساكنا قلبيَ المعنى=وليس فيه سواكَ ثاني
لأي معنى كسرت قلبي=وما التقى فيه ساكنان
وقد أورد الصلاح الصفدي على هذين البيتين نقدا حسنا فقال: "إن الساكنين إذا اجتمعا كسر أحدهما وهو الأول، وكلامه يؤدي إلى أن المكسور غيرهما".
ونظم بعضهم جوابا للبيتين فقال:
سكّنته وهو ذو سكون=لم يثنه عن هواي ثانِ
فكان كسري له قياسا=لَمّا التقى فيه ساكنانِ
وقال مجيبا عنهما أيضاً بعض فضلاء المغرب:
نحلتني طائعا فؤادا=فصار إذ حزته مكاني
لا غرو إذ كان لي مضافا=إني على الكسر فيه باني
¥