تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تيارات معاصرة ولكن .. !]

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[26 - 03 - 2009, 09:08 م]ـ

أبو جاسم رجل مسن ضرير، أهم ما يمتلكه في حياته عصاته التي تقوده إلى مسجده ..

عصاته هذه تساوي عنده أغلى السيارات وأجملها

جلس يوماً بعد الصلاة في مجلس من مجالس الوعظ فسمع الواعظ يذكرهم بالعقيدة الأشعرية (1)، وبفطرته السليمة الناصعة كبياض الثلج رفع عصاته وصاح: يا هذا إسمع وخذها مني نصيحة، نحن لا نعرف في ديننا مثل هذه العقائد التي تحدثت عنها، خذ عقيدتك وانزل من مقامك وإلا ضربتك على رأسك بعصاتي هذه ..

سكت الواعظ عن الكلام وولى بعقيدته الغريبة هارباً ..

لقد فهم العجوز أبو جاسم أن هناك غزواً فكرياً جديداً على العقيدة الصافية، فكانت عصاته هي سلاح الدفاع الأول

تذكرت هذه القصة وأنا أرى الشرق والغرب وقد تكالبوا جميعاً على خليجنا الطيب الناصع كبياض الثلج ليفسدوا فيه بنظرياتهم وأفكارهم وتياراتهم التي تبث سمومها بين شباب هذه الأمة ..

إنها غزوة بل غزوات من نوع آخر أشد شراسة من الغزو بالقوات والجنود

فالغزو بالقوات هناك من يتصدى لها من مجاهدين ومقاومين يدافعون عن بلدانهم وأموالهم وأرواحهم بشراسة

ولكن مثل هذه الغزوات الفكرية – مع إنها أخطر من تلك - انطلت على الكبير والصغير وتسللت بأفكارها وشتتت في الأسرة الواحدة

فهذا يدعو للوجودية (2) وذاك للشيوعية (3) والآخر للعلمانية (4) وهذه للقومية (5) وتلك للماسونية (6) وهذا للرأسمالية (7) وهؤلاء للاشتراكية وآخرون للإباحية والبعض للحداثة (8) وأخيراً وليس آخراً الليبرالية الخبيثة (9) ..

أسماء وتيارات وحركات ومذاهب ما أنزل الله بها من سلطان!!!

لست هنا لأتكلم عن أناس يخالفوننا العقيدة تماماً ولا عن بعض الإسلاميين ممن ترك الوسطية فوقع بين إفراط وتفريط ففرطوا إلى ترك البعض منهم السنن وآخرون غالوا في الدين وتشددوا حتى لم يعد أحد مسلماً في الكون إلا هم وأتباعهم

ولكنني أتكلم عن أفكار معاصرة محاصرة لشبابنا في الجامعات والمنتديات والأندية تدعوهم باسم الاصلاح والحرية إلى الانقلاب التام على الدين وأهله!! بل على المجتمع بأكمله!!

أفكار أغلبها تدعو إلى الانحلال، إلى حب المال إلى حب شهوة المال والجسد إلى جعل الدين محصوراً على سجادة الصلاة فقط، أي أن الدين عندهم مساحته متر في متر ونصف ويالها من مساحة!!! وياله من تعظيم!!

شروط الانتساب إليها مشتركة تقريباً:-

إجادة اللغة الغربية وبالأخص الأمريكية كتابة وقراءة ورطناً

- محاربة الدين وأهله

ـ محربة قيم وثوابت وأخلاق المجتمع

- حب المال حباً جماً

- الدعوة إلى التقدم والإصلاح والتحرر

التقدم في ماذا؟

وإصلاح ماذا؟

والتحرر ممن؟ ومم؟؟

هي واضحة وضوح الشمس

التقدم في حب الشهوة وحب المال على حساب المبادىء والأخلاق

التقدم نحو إبليس، نحو الأهواء، نحو ملذات الحياة بلا وعي أو فكر أو خلق .. !

أما الإصلاح ...

فهو إصلاح الدين في زعمهم بأن يحرروه من قيوده وجعله مقتصراً فقط على الوضوء والصلاة والصيام فقط

ويرون في كل خلق وأدب وعفة وعفاف قيداً يجب تحطيمه وتهميشه وتجميده بل ومحاربته محاربة شعواء

وياله من تحرير وإصلاح!!

إنه مصداق قوله تعالى: ((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون))

إنهم غزاة جدد

يملكون كل القوة والعتاد

من مال، وسطوة وإعلام،ولسان،ومنابر، وغرب، وشرق

استغلوا ضعف الدعوة وتفرق الدعاة وانتشار الأحزاب

فحينما ترك أهل الحق التمسك بالعقيدة الصافية عقيدة السلف الصالح وتحزبوا على أحزاب وتيارات فكرية دينية وافدة وأصبح كل حزب بما لديه فرح وسعيد، تركت الساحات للغزاة الجدد لكي ينشروا شرورهم وينفثوا سمومهم، والقوم فيما بينهم يتقاتلون ويتشاتمون!!

نحن نعلم أن أذى المنافقين باقِ في هذه الأمة إلى قيام الساعة بلاشك

ولكنني أدعو شباب أمتي إلى التحصن والتسلح بالعلم وقوة الإيمان وسؤال العلماء قبل الخوض والانضمام مع هذا أو ذاك فالدعاة إلى جهنم كثر

فهاهو الصحابي الجليل حذيفة ابن اليمان يقول:

كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني

فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير