تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من آيات الجهاد]

ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 04 - 2009, 02:43 م]ـ

مر الجهاد بمراحل في تشريعه من: التحريم، إلى الإذن، إلى جهاد الدفع، إلى جهاد الطلب لما قويت شوكة المسلمين في آخر أمرهم، كما جاءت بذلك آيات سورة التوبة، وقد اختلف أهل العلم في كونها: منسوخة فيكون الجهاد قد استقر على الحكم الأخير أو: منسوءة، فيعمل بكل في موضعه، وهو الراجح، كما سيأتي إن شاء الله.

.

فمجرد استقطاع نص من الآية يدل على معنى محتمل تضاف إليه شبهة عقلية: تحكم محض تفضحه ملاحظة السياق الذي ورد فيه النص.

ومراحل تشريع الجهاد:

أولا: المنع، كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا).

وعند النسائي، رحمه الله، من حديث: عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً فَقَالَ: إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا فَلَمَّا حَوَّلَنَا اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَنَا بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}

ثانيا: الإذن في القتال، كما روي عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، في قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)، وإلى طرف من ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله: "وروي عن أبي بكر الصديق أن أول آية نزلت في القتال: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا" [الحج: 39] ". اهـ

"تفسير القرطبي"، (2/ 312).

وقال ابن كثير رحمه الله: "وقال غير واحد من السلف: هذه أول آية نزلت في الجهاد ............... وقال ابن جرير: حدثني يحيى بن داود الواسطي: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم -هو البَطِين - عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم. إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكُن. قال ابن عباس: فأنزل الله عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، قال أبو بكر، رضي الله تعالى عنه: فعرفت أنه سيكون قتال". اهـ

ثالثا: الأمر بقتال الدفع أمر وجوب لا أمر تخيير أو إباحة، كما في قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، وقال بعض أهل العلم إن آية الإذن عامة لمن قاتل أو لم يقاتل، فتشمل جميع المراحل، وتكون المرحلة الثانية هي هذه المرحلة، وهي: الأمر بصد العدوان، أو جهاد الدفع، وهو واجب على الأعيان إذا دهم العدو محلة المسلمين. وقال بعض أهل العلم: نسخت هذه الآية بآيات الأمر ببدء القتال، كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، فيكون جهاد الطلب على هذا القول ناسخا لجهاد الدفع، ورجح آخرون أنها ليست منسوخة، بل محكمة، إذ معناها: وقاتلوا الذين من شأنهم أن يقاتلوكم ولا تعتدوا بقتل من لا يحل قتله من الرهبان والشيوخ والنساء والأطفال، فيكون المراد بعدم الاعتداء: عدم الاعتداء حال القتال، لا عدم إنشاب القتال بداية حتى يعتدى على المسلمين، وإلى طرف من ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير