تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من صور الغزو المعاصر للعالم الإسلامي!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 03 - 2009, 08:45 ص]ـ

شكل النصارى العرب، في كثير من الأحيان: طابورا خامسا، إن صح التعبير، للمحتل الأجنبي، لبلاد الإسلام، لا سيما المحتل النصراني القادم من أوروبا لغزو الشرق المسلم برسم الصليب، رغم الاختلاف العقدي الظاهر بين كلا الكنيستين: الشرقية والغربية، وهو خلاف يرجع تاريخه إلى تاريخ انعقاد مجمع نيقية، وإلى يوم الناس هذا، ولعل تصريحات رأس الكنيسة المصرية الأخيرة التي انتقد فيها بابا الكاثوليك شاهد على ذلك الخلاف التاريخي، مصداق قوله تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)، وتلك سنة جارية في أي أمة نزل عليها الوحي، فبدلت، وانظر إلى حال الفرق الإسلامية التي خرجت عن مقالة الإسلام الأولى، كيف استحلت من مخالفيها الدماء والأعراض والأموال، فأغرى الشيطان بينها العداوة والبغضاء حتى انقسمت هي نفسها انقسامات داخلية، فصارت كل: "فريقة"، بالتصغير، تبغض بل وتكفر بقية الفريقات داخل الفرقة الواحدة، فكيف بها مع بقية الفرق؟!، وإنما امتاز الإسلام بأن مقالته الأولى محفوظة، فهي ظاهرة في كل عصر ومصر، ظهورا تقوم به الحجة الرسالية على العباد، فلا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، وأما بقية المقالات الإلهية فقد نالت يد التحريف من أصولها، فإذا كان إجماع هذه الأمة معصوما، فإن إجماع مجمع نيقية، إن وقع فيه إجماع أصلا فقد خالف فيه من خالف من الآريوسية وأضرابهم، هو: إجماع غير معصوم بدليل صدور مقالة الباطل في المسيح عليه السلام عنه، وهي أمر، كما تقدم في أكثر من مناسبة، محال لذاته، فكيف تدعى عصمة مجمع تواطأ أعضاؤه على وصف الباري، عز وجل، بأوصاف النقص التي يستحيل نقلا وعقلا نعته بها؟

الشاهد أن هذا الخلاف التاريخي لم يثن نصارى العرب عن الوقوف في صف المحتل، وإن حفظت فئام منهم جميل الشرق المسلم، وذلك أمر يدعو إلى الدهشة، إذ أهل الملل قاطبة، لو أنصفوا، لعلموا أن أهل الإسلام هم أعدل الناس مع مخالفهم، فهم لليهود خير من النصارى، وللنصارى خير من اليهود، بل هم لطوائف النصارى خير من بعضها لبعض، والنموذج المصري زمن الفتح خير شاهد على ذلك إلا لمن أغمض عينيه وأغلق أذنيه عن رؤية وسماع الحق، فذلك لا حيلة معه.

وقل مثل ذلك في الدائرة الأخص: دائرة أهل القبلة، فأهل السنة خير لأهل النحل من بعضهم لبعض.

يقول شيخ الإسلام، رحمه الله، في "منهاج السنة":

"فما من طائفة من طوائف أهل السنة على تنوعهم إلا إذا اعتبرتها وجدتها أعلم وأعدل وأبعد عن الجهل والظلم من طائفة الرافضة فلا يوجد في أحد منهم معاونة ظالم إلا وهو في الرافضة أكثر ولا يوجد في الشيعة بعد ما عن ظلم ظالم إلا وهو في هؤلاء أكثر وهذا أمر يشهد به العيان والسماع لمن له اعتبار ونظر ولا يوجد في جميع الطوائف لا أكذب منهم ولا أظلم منهم ولا أجهل منهم وشيوخهم يقرون بألسنتهم يقولون: يا أهل السنة أنتم فيكم فتوة لو قدرنا عليكم لما عاملناكم بما تعاملونا به عند القدرة علينا". اهـ

ويقول في موضع تال:

"وأهل السنة نقاوة المسلمين فهم خير الناس للناس وقد علم أنه كان بساحل الشام جبل كبير فيه ألوف من الرافضة يسفكون دماء الناس ويأخذون أموالهم وقتلوا خلقا عظيما وأخذوا أموالهم ولما انكسر المسلمون سنة غازان أخذوا الخيل والسلاح والأسرى وباعوهم للكفار النصارى بقبرص وأخذوا من مر بهم من الجند وكانوا أضر على المسلمين من جميع الأعداء وحمل بعض أمرائهم راية النصارى وقالوا له أيما خير المسلمون أو النصارى فقال: بل النصارى فقالوا له مع من تحشر يوم القيامة فقال: مع النصارى وسلموا إليهم بعض بلاد المسلمين". اهـ

وتواطؤهم مع المغول الذين قضوا على دولة الخلافة السنية في مدينة المنصور أشهر من أن يذكر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير