[رسالة من محب!!]
ـ[عبد الرحمن السعودي]ــــــــ[19 - 05 - 2009, 12:40 ص]ـ
كتب لي والدي يوما! رسالة قال فيها:
(ولدي الحبيب .. هذه رسالة أسطرها إليك – وأنت أولى الناس بالنصيحة فأنت بضعة مني – وأنت فلذة كبدي , يعزّ عليّ أن أراك وأنت تسير مع القطيع على غير هدى ,ويهولني أن أراك وأنت تدلف إلى قبرك مفلسا من الخيرات , كثير الحسرات ,عظيم الآهات ,رهيب السيئات ,وحيدا فريدا بعيدا عن الأصحاب والخلان, تعالج المصائب والظلمات قد حيل بينك وبين ما كنت تهوى وتحب من الشهوات والشبهات
لا:بل ويقتلني حالك وأنت في إقبال عنيف على لهوك ولعبك وشهواتك ونزواتك ,نهم من الذنوب ,عجل في إشباع غرائزك, معرض عن أمر آخرتك, ثقيلة عليك العباده بغيض إليك الصالحون , حبيب إليك من يسقيك خمرة الدنيا, سريع في إجابة داعي الهوى ,بطيئ عملك للآخرة ,كأنك للمعاصي خلقت ولحياة الترف والمجون ولدت, ترى مصارع الظالمين فما تتعظ ,وتسمع عن سوء عاقبة المجرمين فما ترعوي ,كأنك تنتظر لتكون أنت العظة والعبرة , قسا منك القلب وجمدت منك العين وتظن أن الأمر على ما تحب يدوم!! وبعد
ومع ذلك فأنت ولدي الذي أمرني الرحمن أن أبذل لك النصيحة ,وأن أكون – بإذن الله – الجدارالذي يحول بينك وبين النار ,وبينك وبين غضب العلي الجبار ,فلا والله يابنيّ لا صبر لك على النار ,ولاقبل لك على غضب الجبار ,وإستجابة لأمر العزيز الحكيم "يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراوقودها الناس والحجارة .... الآية"
كانت هذه الرسالة .... نفثة مصدور ,وطعنة مكلوم ومعذرة إلى ربنا .... ولا أدري ياولدي لعلها آخر نصيحة ,فقد يكون الأجل إلى أحدنا أسرع ,وقدلانلتقي بعد هذه الكلمات , أو تحول صوارف الحياة إلى إسماعك هذه الرسالة فأرعني سمعك ياولدي وافتح لي قلبك مرة واحدة فهذا بعض حقي عليك.
...... ولدي ......
هل تذكر وأنت صغير ... ضعيف لاتحملك قدماك ,بكاؤك يمزقني وضحكك يملأ قلبي سعاده ,وبعد أن خطوت على الأرض ملأت حياتي سرورا وحبورا, لم أبخل عليك بما تحب ,نظراتك أمر ,وإشارتك لها من القلب ترجمان ,وأنا أنظرك بين أقرانك شامة ,كنت ريحانة أشمّها ,وروحا يسري في حنايا الضلوع فينس هموم الدنيا وبؤس الحياة ,حتى شببت على الطوق, لم أبخل عليك بنصيحة ,ولم أقتر عليك ... آثرتك على نفسي, وقدمتك على خاصة أمري, راقبتك بحذر ,أختار الكلمات خشية أن أجرح شعورك ,أو أخدش حياءك, وفجأة نزلت إلى الحياة فأصبح لك صديق وزميل ورفيق, شاركني فيك غيري ,وشاحنني في تربيتك سواي , مللت كلماتي وسئمت نصائحي وتفتحت عيناك على أمور جديدة ,وسمعت أذناك معسول الكلمات ,أذعنت لما يقال , وما فكرت في العواقب , وحملتك رجلاك إلى حياة مالك بها إلف تصورت أني حرمتك!!
نعم ... من الضياع ... من الحرام .... من السماع الماجن ... من رفقاء السوء .... من سموم الشيطان ... من غضب الرحمن ... فهل على هذا ألام؟!! وعلى الطّهر أعاقب؟!!
.... ولدي ...
وأنت في أول طريق الغربة أمد يدي إليك وأنا أكفكف دمعي بيدي الأخرى , وآمل أن لاتردها وهذا بعض حقي عليك, إن هذه الحياة غريبة عليك وأنت غريب عليها ,فأنت يامن نذرتك للقران فحفظته صغيرا لغيره لاتصلح ,وبدونه يصعب عليك أن تحيا حياة سعيدة مستقرة هانئه لأنه النور ويستحيل أن يعيش المرء كل حياته في الظلام ظلام المعصية ..... ظلام الذنوب .... ظلام الضياع ... ظلام سوء الصحبة .... ظلام الغفلة ... ظلام غضب الرب .... ظلام العقوق.
فهذه يدي طوق نجاة أمدها إليك فالتقطها قبل أن لاتجد في دنيا الناس إلا المخادع الغاش الذي ينظر إليك وأنت تغرق فيتسلى بذلك ,أو يتشفى بهلاكك ,فتندم ولكن بعد فوات الأوان.
فياولدي:من الله تعالى فخف وإياه فراقب فإنه يعلم خائنة الأعين زما تخفي لصدور ,وإحذر يا ولدي غضبه وإنتقامه وهو القائل (ويحذركم الله نفسه).
..... ولدي ......
لا يغرنك هجوم الناس إلى مصارعهم فتقول:هذه دنيا الناس وأنا على هذا الكوكب أعيش ,ولا أن أشاركهم حياتهم ,وفيما يهيمون أهم.
أربأبك يا ولدي أن تعيش حياة القطيع ,ومع السوائم تهيم فأين عقلك يا ولدي؟
فأنت تؤمن بالبعث والنشور والحساب ,وغيرك يحيا حياته في دنياه , ولاأمل له في غيرها ,ولا يؤمن بما تؤمن به من بعث وجنة ونار.
ألم يمر عليك فيما حفظته:إن السمع والبصر والفؤاد كل أو لئك كان عنه مسؤلا" قد تبادرني بأن هذه حياة الناس مسلمهم وكافرهم فماذا أفعل؟ ألم تسمع مني ومن غيري أن نبيك صلى الله عليه وسلم قال "الدينا سجن المؤمن وجنة الكافر " وقال: وحفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " ألم تعلم يابني أنه لابد من مجاهدة للنفس ومجالدة حتى تستقيم على الجاده.
ألم تسمع توجيه رسولك صلى الله عليه وسلم "يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر" قد تقاطعني ولدي فتقول إن بعض هؤلاء الناس قرابتي ولا بد من صلتهم ,ياولدي فرق بين صلة الرحم والحب والمودة ومولاة من لادين له ولا عقل ولالامرءة وأنت تعلم أن صاحب الخلق السيئ – وإن كان قريبا – يعدي كما يعدي الأجرب السليم , والعافية لايعدلها شئ وقديما قيل "لاتسل عمن هلك كيف هلك؟ ولكن سل عمن نجا كيف نجا.
فالعاقل يا ولدي لا يرتع في الحياة مثل البهائم تتناول من الطعام ما فيه نقامها –موتها- وهي لاتشعر.وهل هناك يا ولدي موت بعد موت الدين من القلب ,وذهاب الحياء ,وذبول الإيمان؟!! هل هناك أعظم من قسوة القلب ,وأفول نور الإيمان وخفوت اليقين؟!!
..... ولدي ....
أليس من الحماقة أن يطيع المرء عدوّه ,وأن يعطيه سكينا يطعنه به في كل وقت وحين؟
ألست تحفظ قوله تعالى "إن الشيطان لكم عدو فأتخذوه عدوا ‘نما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير "
إنه يزين لك المعاصي ,ويزركشها ,وييسر لك سبلها ليقتلك في النهايه, نعم ليقتل فيك خوف الله ومراقبته ,و يهون عليك أمر المعصية وإن كبرت ,وييسر سبل الذنوب ,ويجرئك على محارم الله ,ويقطع عليك خط العودة إلى الله تعالى ,يصور لك الصالحين أعداء.
وختاما أدعوا الله لك بالتوفيق والرشاد.
عبد الرحمن السعودي
¥